الخميس ١٢ آذار (مارس) ٢٠١٥
بقلم فيصل سليم التلاوي

أيها الطفلُ الذي كنتُ

أيها الطفلُ الذي كنتُ،تعالْ<
هابطًا تدرجُ من سفحِ الخيالْ
تمتطي الغيمَ الذي يُقبلُ من دُنيا المُحال
فإذا الأطيافُ والأشواقُ تنثالُ على البالِ انثيالْ
فأرى ذاك الفتى الحالمَ في عينيه تَوقٌ وابتها لْ
مُقبلا تدفعهُ الريحُ التي تخطرُ من صوبِ الشمالْ
إذ يُغطي الثلجُ قاماتِ الجبالْ
ويفيقُ المرجُ نشوانًا وتخضرُّ التلالْ.
أيها الطفل الذي تحيا معي دَومًا رُؤاكْ
وعلى مُفترقِ اليقظةِ والحلم أراكْ
خارجًا من هُوَّةِ الدهرِ على جُنح ملاكْ
أنا ما ضيعتُ يومًا ذلك الطيفَ الملاكْ
أو نأى عن مسمعي وقعُ خُطاك.
أيها الطفل الذي يشبهُ نَبتَ الريفِ
قد لاذ بهاماتِ الجبالْ
طالعًا من غَيهبِ الجُبِّ تعالْ
لتراني اليوم شيخًا تحت أعوامي الطوالْ
حانيَ الظهرِ على الكتفين أحمالٌ ثقالْ
وعلى الجبهةِ والخدينِ آثارُ نِصالْ
ذلك الطفل الذي تعهدهُ حلو المقالْ
جامحًا يركب أفراسَ الخيالْ
لو تَراهُ اليوم إذ أضحى عَيياً
يُؤثرُ الصمت على ذل السؤال.
ذلك الطفل الذي تعرفهُ قيثارةً
في شفةِ الريحِ وموالًا يُغني للفرحْ
جَذِلًا مُنتشيًا مُمتطيًا قوسَ قُزَحْ
راكضًا خلف الفراشاتِ على متنِ سحابهْ
وادعًا يشتاقُ أن يَلقى صِحابهْ
لم يكن يعرفُ ما طعمُ الكآبهْ
لا، ولا جرّعه الدهرُ من المُرِّ عذابهْ
أيها الطفل الذي عذبني خمسين عامْ
مُذ أوى للكهفِ
ماغيّبهُ عن خاطري طولُ المنامْ
لا، ولا العتمةُ والبردُ
و لا زحفُ الهَوامْ
خلف باب الكهف أبقى ساهمًا
هدّني عُمرٌ وأعياني سقام.
يا صغيري قم، فأهل الكهف قاموا
وصحا من نومهم كلُّ النيامْ
فتقدم يا صغيري
وامتشق سيفَ الكلامْ
قد غدا الرمحُ عصًا مَنخورةً
وانفلَّ في الغِمدِ الحُسامْ
وعلى الدنيا السلام./poesie>


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى