الأربعاء ١٣ تموز (يوليو) ٢٠١١
بقلم محمد حلمي الريشة

أَنجيلا غارسيا بلازما الدَّمِ المخمَّرِ بالخوفِ

اتِّفاقاتُ الجسدِ والصَّوتِ
لَمْ يرَ أَحدٌ الشَّخصَ
وذلكَ فِي (جيوردانو برونو)
عندَما تحدَّثَ
لَمْ يَحرِقُوا
علَى الشِّفاهِ المقترَضةِ
الشَّخصَ الَّذي جاءَ مِن البعيدِ
ذلكَ الموقدُ الَّذي كانَ حياةً
لَمْ يخرُجْ
فِي تلكَ النَّارِ الَّتي كانتْ موتًا
علَى الرَّغمِ مِن كومةِ رمادِ (برونو)
مَا تتحمَّلُ البقاءَ علَى قيدِ الحياةِ
كلُّ حياةٍ ليستْ أَكثرَ
مِن الوقتِ المخصَّصِ
لرَجلٍ
كمَا دورةُ الضَّوءِ
والصَّوتُ ولاءٌ
لاَ يُخفِي الضَّجَّةَ
مِن الأُذنِ الحادَّةِ
 
قراءةُ د. هـ. لورانس عندَ الظُّهرِ
قالَ لِي معنَى الحياةِ
لأَنظرَ إِلى الشَّخصِ الَّذي يَعبرُ الشَّارعَ
رَجلٌ بعينينِ منتفختينِ
يَرتدي ثعبانًا ملوَّنًا
ملفوفًا حولَ عنقهِ
كمَا مَشى
مثلَ كلِّ الآخرينَ
بهدوءٍ مختلَقٍ سيِّئٍ
منْ دونِ أَيِّ شخصٍ قلقٍ بشأْنهِ
 
ثمَّ قالَ لِي معنَى الحياةِ:
لاَ تحوِّلْ انتباهَكَ إِلى
تفاصيلَ إِضافيَّةٍ،
وقدْ جعلْتَني أَلتفتُ إِلى طَعمٍ دسمٍ
مِن المايونيزِ والخردلِ
يختلطُ فِي فَمي
معَ الطَّماطمِ والدَّجاجِ،
والخسِّ والخبزِ.
 
كانَ فِي وقتِ الظَّهيرةِ بالضَّبطِ
حينَ ترجمتَ مِن مَا كنتَ تقرؤهُ
مستقبلُ الدِّينِ هوَ فِي سرِّ اللَّمسِ
 
كمَا أَنَّني تذوَّقتُ بسمَتي أَيضًا
خلالَ لُقَمٍ قليلةٍ
حيثُ كنتَ بحاجةٍ للتَّخلُّصِ مِن
خمسةَ عشرةَ سنتيمترًا مِن رغيفٍ فرنسيٍّ
مُقاطِعةً تركيزَكَ فِي الكتابِ
لتقشيرِ برتقالةٍ فقطْ
 
معنَى الحياةِ باستخدامِ أَصابعهِ
ملأَ فَمي بشرائحِ البرتقالِ المنتفخةِ
الَّتي انفجرتْ فِي الدَّاخلِ
حيثُ الكمُّ الهائلُ مِن العصيرِ الحلوِ- الحامضِ
عملَ طريقَهُ أَسفلَ حَلقي
 
رفعتَ عينيكَ المضيئةَ فجأَةً،
وترجمتَ:
يجبُ أَن يتعلَّمَ الرِّجالُ الرِّقَّةَ،
وتَرْكَ الآخرينَ فِي سلامٍ.
 
الحياةُ والموتُ يَضحكانِ معًا
 
I
 
تَفتحُ عينيكَ مرَّةً إِضافيَّةً أُخرى
قلبُ الأَبديَّةِ
يتأَلَّقُ فِي نظرتِكَ،
وكأْسُ الجسدِ لاَ يَزالُ
ينبضُ دمًا فِي أَحشاءِ
عضلةِ النَّارِ،
وحرارةُ لحظةِ الطَّقطقةِ والرَّوائحِ.
نسغُ الأُقحوانُ فِي الجسدِ
عطرٌ
وخطوةٌ، وجوارٌ وشيكُ الحدوثِ.
يتلاحقُ وقتُ الحصادِ، ولكنَّكَ تَغلِي
منْ دونِ شروطٍ سهلةٍ، أَو مَزايا.
واقعُ المعيشةِ يصبُّ المياهَ والسُّكَّريَّاتِ
إِنَّها مَعادنُ مخترَعةٌ
تفيضُ لكَ بالمستحلَباتِ.
 
II
 
(تشمُّ رائحةَ نُسغٍ
تناثرَ فِي الهواءِ
مِن آلةِ حصادِ
مَن يَبذرُ
كلَ ليلةٍ،
وكلَّ صباحٍ)
 
III
 
تتمنَّى أَن تموتَ، ولكنَّ الدَّمَ استمرَّ
إِنَّه ضَعُفَ مِن قِبلِ حافَّةِ القَطعِ،
ويحترقُ بالجوعِ والعطشِ
عندَما النَّارُ قريبةٌ
 
عندَما نكونُ جِمارًا
نَشربُ الحياةَ! والموتَ!
مِن المتبادلِ الَّذي لاَ يَزالُ
بلازْما الدَّمِ
المخمَّرِ بالخوفِ
 
IV
 
كلَّ مرَّةٍ إِلى جانبِكم
سائلُ الموتِ
يفيضُ حياةَ
ندَى الجلدِ والعطشِ
 
V
ماذَا يصبُّ الخفقانُ مِن بعيدٍ
ويزعجُ الهواءَ؟
 
هذهِ الرَّغبةُ بالموتِ، ولكنَّ الكفاحَ أَيضًا
شجرةُ السَّكويةِ المضاءَةُ سرًّا،
والخفقانُ المتصاعدُ عندَ الخطرِ،
والوسائلُ لممارسةِ الفعلِ
 
الرَّغبةُ والذُّعرُ
يتردَّدُ صَداهما فِي العيونِ
الَّتي تحلمُ نظراتُها
مثلَ غليانِ القطرانِ
 
مَا هوَ الفرقُ بينَ العاطفةِ والذُّعرِ؟
 
VI
 
الحياةُ والموتُ
لعبةُ البداياتِ
كلَّ فجرٍ أُرجوانيٍّ،
والشَّوقُ الَّذي يَشحذُكَ
نبيذٌ علَى المائدةِ
 
لكنَّ الحافَّةَ والنَّارَ والاحتكاكَ
الَّتي تشربُها أَيضًا
هيَ عبورٌ دمويٌّ يسمِّدُكَ،
ويفتحُ عينيكَ

*******

* شاعرةٌ من كولومبيا. مواليدُ 1957م. نشرتْ خمسةَ كتبٍ شعريَّةٍ؛ اثنينِ هما "بين السِّجلِّ واللَّهبِ" 1993م، و"وجهُ الماءِ" 1997م، وثلاثةً ثنائيَّةَ اللُّغةِ إِلى اللُّغةِ الأَلمانيَّةِ والسُّويديَّةِ والصِّربيَّةِ.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى