الاثنين ١٧ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠١٤
بقلم فيصل سليم التلاوي

إني أرى ما لا أريد

سلمت يَمينُكِ يا رَبـــابْ، إذ لَوّحت خَللَ الضبابْ
سلمت عيونك تُمطِرُ الأشواقَ في زمن السـرابْ
فيَكُفُّ رملٌ عن توجُعِهِ وتُخرج نبتها أرضٌ يَبابْ
أربابُ، قد ضاع الصبـــــا مني وفارقني الشباب
ومضيتُ في الدرب الطـــــويل أدُقُّ بابًا إثرَ باب
كلُّ المنافذ أوصـــــدت دوني وأنكرني الصِحاب
أربابُ، قد حار الدليلُ وغاب في بحرٍ عُبــــــاب
وطويت أشرعتي، وما أمّلتُ من عيشٍ لُبـــــاب
ورضيت في سفري الطويل من الغنيمة بالإياب
ولجأت منكِ إليك، لا تتعجليني بالعتـــــــــــــاب
وعلى شواطىء مقلتيكِ أنختُ رحليَ والركــاب
وغرقتُ في اليَمِّ الذي لا عودَ منه ولا مَـــــــآب
آتٍ إليكِ يــهزني شــــوقٌ ويُضنيني غيـــــــاب
ومن الفراق يُمِضُّني جــــرحٌ ويدميني خِضاب
ومن الـــــــــزمان ذؤابةٌ بَليت و شَيْبَتُها عُجاب
فأنا أطلُ على الذي في هـــــولهِ فصلُ الخطاب
وأنا أرى مــــا لا أريد وما أحــــاذرُ، بل أهاب
إني أراني في ذهولي أذرع الأرض الخـــراب
وأنا أرى فيما أرى ويشِــفُّ من خلف الحِجاب
روعـًــــــا أنوءُ بحمله، ويذيقني مُــرّ المُصاب
إني أرى الخنساء عَفَّــرَ وجهها الدامي تُــراب
لا مثلَ صخــرٍ في الــرجال ولا تدانيه الرقاب
وأرى ابن روميٍّ تطيّــــرَ ثم أدمـــن الاكتئاب
ويحنُّ مثل النوق ما أغفا دُجىً وهمى سـحاب
أو كلما ناحــــــت حماماتٌ على غصنٍ بغاب
هيَّجنَهُ، فتقاطــــرت عيناهُ بالشجـــــن المُذاب
فإذا العَصِيُّ من الدموع غدا غزير الانصباب
ولمحتُ طيف أبي فراسٍ عيَّ عن ردِّ الجواب
وعلى تُخوم الروم أسرج خيلهُ وطــوى كتاب
ومضى وفي جنبيهِ أشواقٌ وأحلام ٌعِــــــذاب
ما غالها أسرٌ ولا موتٌ لهُ تُحنى الرقــــــاب
بل ظلّ في سمع الزمان وفي حكايا تُستطاب
" زينُ الشباب أبـــو فراسٍ لم يُمتّع بالشباب"
يا حسرةً تُدمي القلوب وتملأ الدنيا عَـــذاب
كأسٌ يغَصُ الشاربون ولا مفرّ من الشراب
ويجيء قبل أوانهِ متصيدًا غضّ الإهــــاب
ويخلّف الثكل المُروّع والجراحات الرِغاب
وصدىً يولول: كلما ولَّى تأذن باقـتــــراب
فإذا الشجيُّ بكل عصـرٍ للشجيّ له انتساب

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى