إِيهِ ...
يَا عُمْريَ المَجْرُورَ خَلْفَ قَاطِرَةِ الرَّحِيل
مَا زِلْتَ تَرْقُبُ
مِنْ وَرَاءِ الغَيْمِ
أَرْصِفَةَ الوُصُول
مَا زِلْتَ تُنْصِتُ،
وَالذِئَابُ تَعْوي
عَلَّ لَحْنًا مِنْ فَرَاغِ الكَوْنِ يَسْرِي
عَلَّ ضَوْءًا مِنْ كُهُوفِ اللَّيْلِ يَهْدِيَكَ السَّبِيل.
أَفَلَ الدَّلِيل
وَالسَّائِقُ المَعْصُوبُ أَثْمَلَهُ القَلَق
حَتَّى اخْتَنَق
مَا عَادَ يُجْدِيكَ التَلَصُّصُ قُرْبَ نَافِذَةِ الخَلاَص
الرِّيحُ تَصْرُخُ: لا مَنَاص
وَالأَرْضُ تَحْتَكَ لا تَدُور
غُمَّ المَسِير
هَاهُنَا يَقِفُ الطَّرِيق
أُفُقٌ يَضِيق
أَسْلِمْ جَبِينَكَ يَا غَرِيبُ إلَى الهَرَب
كَفِّنْ رُفَاتَ الحُلْمِ بَيْنَ طَيَّاتِ الْحَرِيق
اصْدَعْ، فَرُوحٌ مِنْ وَرَائِكَ تَُغْتَصَب
سَهْمٌ بِجَنْبِكَ قَدْ نَشِب.
لا تَنْتَحِبْ.
لا تَعْتَذِرْ.
فَالحُلْمُ ذَنْبٌ فِي الكَبَائِر يُسْتَطَرْ
إِنْ شِئْتَ فَاغْسِلْ بِالدُمُوعِ وبِالنَّدَمْ
أو بِالشَّرَرْ.
لَكِنَّهُ...
لَنْ يُغْتَفَرْ
لَنْ يُغْتَفَرْ.
* * *
إِيه ...
يَا أَنَا..
يَا رَبِّيَ البَعِيد
ثَلاثُونَ تَحْرُثُ الأسْفَلْتَ، ثُمَّ تَعْجَب:
كَيْفَ السَّواسِنُ فِي الوِلاَدَةِ تُحْتَضَر؟!
ثَلاثُونَ تُبْحِرُ دُونَ مِجْدَافٍ، وَتَعْجَب:
مَا لِلمَرَاكِبِ لا تَمَلُّ مِنْ السّفَر؟!
ثَلاثُونَ تَحْلُمُ بِالنَّهَارِ المُنْتَظر
يَأْتِيَكَ فِي كَفَّيهِ إِشْرَاقُ المِيلاد
يَأْتِيَكَ يَخْرُجُ مِنْ عَبَاءةِ شَهْرَزاد
يحْكِي الحَكَايا المُرَجَأة
مُنْذُ الصِّبَا.
مُنْذُ الصِّبَا...
لا حِضْنَ – حِينَ الحُزْنِ-
يَسْتُرُ خَدَّكَ.
لا صَوْتَ – حِينَ الصَّمْتِِ-
أذَّنَ فِي المَوَات.
الدَّيكُ مَات
وَالرَّاويَ المَفْجُوعُ يَصْدَحُ بِالخَبَر:
الدَّيكُ مَات
وَاللَّيْلُ خَمْر
اللَّيْلُ خَمْر.
فَامْلأ كُؤُوسَكَ يَا نَزِيفُ إلَى السَّحَر
اشْرَبْ..
فَخَمْرُ الجُرْحِ بُرْءُ الأُمْنِياتْ.
* * *
إِيه ...
يَا أَنَا..
يَا سِجْنَيَ الكَبِيرْ
أوْصَدَ السَّجَّانُ أَبْوابَ المَطَرْ
فاِسْتَبق العَطَشْ
يَا ظَامِئاً حَدَّ التَصَحُّرِ تَحْتَ أَقْدَامِ الحَذَرْ
اضَرِبْ بِرُوحِكَ هَذَا الصَّخَرَ
أَوْ ذَاكَ الحَجَرْ
لَكِنَّمَا...
لا تَنْتَظِرْ
فَالجَدْبُ مِثْلُ المَوْتِ
لُغَةٌ لِلقَدَرْ
لا تُخْتَصَرْ.
I