الاثنين ٢٤ نيسان (أبريل) ٢٠٠٦
بقلم عبد المنعم محمّد خير إسبير

ابتسامة حُزْن ....!

استهــلال

في شبابي وجرّاء معاناتي من ابتلاءِ الله لي، تقلبت أحوالي النفسيّة وانقلبتُ على نفسي التي خدعَتني بظنٍّ خاطئ ظننتُهُ في الحياة ، على أنّها حياة ورديّة على خلاف حقيقتها التي قام عليها هذا الكون وفقاً لقاعدة التّضاد ؛ ففي الشّكل كانت أشكاله مختلفة , وألوانُهُ متباينة ؛الأسود يقابله الأبيض ، والقرمزيّ يقابله الأحمر ، والرّماديّ يقابله الأسود ، وهــكذا ....كلٌّ نقيضُ غيرِه .أمّا في المضمون ؛ فخيرٌ يقابله شَرّ ،وصلاحٌ يقابله فساد ، وهَدْيٌ يقابله ضلال ، وحربٌ يقابلها سلام، تلك هي فكرة التوازن في الخَلق ، الذي قام عليها الكون، لتتوازن فيه الحياة وتتكامل ، إذ في التّوازن تكامل ؛ فلَيلٌ يقابله نهار ، ومطرٌ يقابلهُ صحوٌ، وفقرٌ يقابله ثراء ، وحياةٌ يقابلها موت ، وهكذا .....

لقد كان عليّ أن أفهم الحياة بواقعها الّذي هي عليه وأقبل به ،لا أن ألبِسَها لَبوساً سندسيّاً مغايراً لحقيقتها
حتّى إذا ماانكَشَفَ الزَّيْفُ واصطدمَ بالواقع، كانتِ العاقبة على النّفس مدمّرة .

وحينما قبلتُ الحياة كما هي في واقعها، أصبحت في حالة سلام مع الله ، ومع النّفس، ومـع النّاس.وبتلك الحالات الثّلاث،ابتسمتْ أحزاني، وشُفيتُ من معاناتي، فكانت الإبتسامةهي العلاج الإلهيُّ الأوّل للأحزان .

فابتسم ياأخي كما ابتسَمْتُ في أحزاني ، وإن تعثَّر أو تعذَّرَ وصولُ الإبتسامة إلى وجهك لسبب ما تعيشه ، فقاوم ، واذهب أنتَ إليها ، وفتّش عنها تجدْها ، نعم تجدُها في قلوب الناس حين تحبّ، وحينَ تسالم، وحين تكظم الغيظ وتَعفو،( وإنها للكبيرة إلاّ على الخاشعين) .

وتذكَّر دائماً أنّ الإبتسامة التي أكّد عليها الرسول الكريم في أقواله وأفعاله هي المدخل الأوّل إلى كلّ نجاح ،و شِفاء وسلام .

القصيــــدة :

يَظُنُّني النّاسُ مِثْلَ الطائـرِ الغَـــرِدِ
ويَجْهَلُ النّاسُ أنّي تَوْأمُ الكَبَـدِ(2)
 
فـآهةُ الحُزنِ مِنّـي آهُ أغنيـــةٍ
شَدوْتُها ورِماحُ اللّـُؤمِ في الكَبِـدِ
 
فليسَ أجمَلَ مـِن نَفْسٍ تُصابِرُهـا
فإنْ فَعلْـتَ ، فقـدْ زُيِّنْـتَ بالرَّشَـدِ
 
ففـي الرّشادِ سـلامٌ أنـتَ بالِغُـهُ
وإنْ بَلغْتَ،حَيِيْتَ الرَّوْحَ في الخَلـــَدِ
 
وكنـْتَ كالطَّيـْرِ،غِرّيْـدٌ بفَرْحتـِهِ،
وفـي أساهُ يُغَنّي فُرْجةً بِغَـــدِ
 
وفي فضا الكَـوْنِ آيـاتٌ تُـزيِّـنُهُ
فصِرْ كـآيِهِ مِعطاءً خَصيـبَ يــَدِ
 
فهذهِ الشمسُ ضوءٌ مِن سَنا لَهَـبٍ
وباهِرُ اللّيلِ بـدْرٌ مِن ضِيـا الوَقَــدِ
 
فكُنْ حليماً وفِيـْكَ الغَيْظُ مُضطـَرِمٌ
وجاهِدِ الكَــيْدَ بالحُسنى ولا تَكِــدِ
 
وعانِقِ النـُّورَ واصْعَدْ في مَدارجِـهِ
ولا تَزِلَّ إلى النّيرانِ في الحُقُــــدِ
 
فهذهِ النّارُ تَغْـزوْ قَلْبَ مُضـرِمِهـا
وزارعُ الشرِّ يَجني الشرَّ في الحُصُـدِ
 
وذُو المخالِبِ مِنّا يَنـْتَشي فَـرَحـاً
إذا كَبَوْتَ وعِشْتَ الخُسْرَ في نَكـــَدِ
 
فَقِفْ عزيزاً بِبِشـْرٍ سـاطٍعٍ فَبِــهِ
تُشْقي الّلِئــامَ وتُدْمي عَينَ ذي حَسَدِ
 
وأَحْسِـنِ الظَّـنَّ بالقهّارِ مُصطَبـِراً
فإنَّ يَومــاً عليهِمْ غيـرُ مُبتعِــدِ
 
فحكمـةُ اللـّهِ، أيـّامٌ يُـداوِلُهــا
يومٌ علَيـكَ ويومٌ أنتَ في رَغــَدِ
 
إنْ عَزَّ خِـلٌّ وذُو قُرْبى فلا عَجَـبٌ
فكُـنْ معَ اللّهِ واستغفِرْ لَهُمْ تَسُـدِ
 
ورَحْمَـةُ الأهْلِ أمْنٌ، والأمانُ بِهِـمْ
ماأضْيَقَ الأرْضَ إنْ ظُلْـماً بِهِمْ تَجـِدِ
 
فاهجُـرْ وهاجِرْ الى فَيْحاءِ رحمَتِـهِ
فرَحمـةُ النّاسِ لَمْ تولَـدْ ولَمْ تلِـدِ
 
وعِشْ جميلاً معَ الأحـزان مُبتسِماً
فعِلَّـةُ الحُزْنِ أصْلُ الدّاءِ في الجَسـَدِ

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى