الأربعاء ٢٦ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٠٨
رغم نيله بجدارة إعجاب الجمهور الفلسطيني والعربي:
بقلم مهند عدنان صلاحات

استثناء مسلسل (لهون حلو) في مهرجان القاهرة

اعتبرت شركة نهاوند للإنتاج الفني، وعدد أخر من المتابعين للمشهد الدرامي الفلسطيني "الناشئ" قيام التلفزيون الفلسطيني باستثناء مسلسل "لهون حلو" من المشاركة في مهرجان القاهرة للإعلام العربي هذا العام، إجحاف بحق هذا العمل الذي أعتبر العمل الدرامي الفلسطيني الوحيد هذا العام، وإجحاف بحق المحاولات الفلسطينية لإنتاج دراما اجتماعية رغم الظروف السياسية القاتلة.

فقد أعتبر الفنان باسل عطالله أحد نجوم العمل الدرامي الذي عرض في شهر رمضان الفائت، بواقع عشرين حلقة على التلفزيون الفلسطيني، أن التلفزيون لم يكتفي بأن العمل لم يأخذ حقه في العرض على شاشات عربية أخرى، بل وحرمه من فرصة المشاركة في مهرجان القاهرة لهذا العمل رغم الوعود السابقة من قبل إدارة التلفزيون بإشراكه.

من ناحيته تساءل الفنان الفلسطيني عبود عبيد عن ماهية الدعم الذي يمكن أن يُقدم للفنان الفلسطيني ليستطيع أن يخرج الصورة التلفزيونية الفلسطينية من واقع الخبر العاجل، والحدث السياسي، إلى استعراض الواقع الاجتماعي الفلسطيني بما يجب أن يراه الجمهور العربي الذي لا يستطيع رؤية فلسطين ومدنها إلا عبر شاشات الأخبار، إن كان التلفزيون الفلسطيني الذي يفترض أنه الجهة الرسمية التي تدعم الفنان استثنت العمل من المشاركة بالمهرجان!

ويضيف عبيد: لقد تحملنا كثيراً وعبر أربع سنوات من التجريب والعناء من أجل أن ننتج دراما فلسطينية رغم كل الظروف المحيطة، فتحملنا حجز معداتنا من قبل الاحتلال، وتحملنا ظروف الاجتياحات التي حالت كثيراً من استكمال التصوير، وكذلك الظروف الاقتصادية الصعبة لإنتاج عمل درامي أنتجناه بشق الأنفس ودون أي تدخل رسمي ولم نكن نطالب سوى بدعم معنوي من المؤسسة الرسمية ولكنها للأسف خذلتنا.

من جهته أشار عبد الهادي أبو سعادة، من مدينة نابلس، الذي اعتبر أن هذا العمل أعاد لنفوسنا الهدوء والأمل في أن نرى دراما فلسطينية بعيدة عن صوت المجنزرات والدبابات، فنفاجئ بما تردد حول منع العمل من المشاركة، متسائلاً إذا ما تم استثناء هذا العمل فماذا شارك تلفزيون فلسطين ؟ أم أن التلفزيون اعتاد فقط على المشاركة بما هو مؤذي ومحزن ومبكي عن واقعنا؟ ولماذا يجب أن نظل ننقل للعالم العربي والعالم ككل صورة الدماء والدم عن شعبنا؟

الأستاذ الجامعي والمحاضر في الإعلام المرئي تيسير مشارقة من جانبه تساءل إذا كان التلفزيون السوري من باب دعمه للعمل الدرامي السوري يدفع ثمن الحلقة الواحدة ما يوازي 8500 دولار، على الرغم من أن العمل السوري لا يحتاج لكل هذا الدعم، فلماذا لا تستطيع المؤسسات الفلسطينية تقديم ربع هذا الرقم ؟

وأضاف مشارقة، أن الدراما الفلسطينية تعيش اليوم مرحلة مهمة من التطّور، وتشهد الساحة الثقافية ظهور كتاب أكفاء مثل رياض سيف ومهند صلاحات... وآخرين من الكتاب الشباب. وبالتالي تأخذ الدراما التلفزيونية طريقها نحو الانتشار بفعل انتشار الفضائيات وتعددها وسخونة وطزاجة الموضوع الفلسطيني كثيمة يطلبها المواطن/ المشاهد العربي.

ولكن هناك معيقات كثيرة تدفع بالدراما الفلسطينية إلى الوراء، وتعيق حركتها الصاعدة، ومنها: النزاعات والخلافات العربية - العربية التي تحول في بعض الأحيان دون وصول الدراما إلى فضائيات عربية محددة. وهناك عوامل أخرى مثل التمويل فالتلفزيون الفلسطيني (معدوم الموارد) لا يقدّم الدعم الكافي للدراما المحلية (الوطنية) ولو بحدود التكلفة، ويفضّل دراما مستوردة عربية أو أجنبية، كما لا يكلف طواقمه في إنجاز دراما وطنية قوية، وذلك لقصور في فهم دور الدراما في التعليم والتثقيف واستقطاب الرأي العام.

إن سوء التخطيط أو السياسة الإعلامية المتعثرة لدى التلفزيون الفلسطيني والرقابة وعدم القدرة على تهيئة/فعل مناخ درامي فاعل ومنتج، أدى إلى هجرة العقول والكفاءات الدرامية (المخرجون الممثلون وكتاب السيناريو...) إلى خارج فلسطين، ويعيش بعض المخرجين الفلسطينيين في الداخل في ظروف سياسية وأمنية غاية في الصعوبة (سعيد البيطار وسويلم العبسي في غزة، مثالاً).

نعتقد أن استثناء المسلسل الدرامي (لهون وبس) المصنوع في الداخل من قبل شركة نهاوند (نابلس) من المشاركة في مهرجان القاهرة لأنه لم يدخل حقيبة المشاركين من تلفزيون فلسطين (صاحب حقوق بث العمل الدرامي ـ 20 حلقة) يعني أن هناك تجاهل مقصوداً من القائمين على إدارة التلفزيوني الوطني الفلسطيني. وربما لا تكون الدراما من أولويات التلفزيون الفلسطيني أو المخطط الإعلامي الفلسطيني لدى السلطة الوطنية الفلسطينية. وهناك عمل آخر (تجربة درامية فاشلة أخرى).

أما الكاتب والصحفي الفلسطيني خلف خلف، فاعتبر ما قام به التلفزيون من استثناء هذا العمل من المشاركة لم يكن مصيبًا، كون العمل منذ البداية لم يأخذ حقه في العرض على فضائيات أخرى، وكان يمكن لمشاركته هذه، أن تعرّف المنتجون العرب والفضائيات العربية، بمحاولات فلسطينية لإنتاج دراما اجتماعية، وبالتالي فتح المجال وتشجيع الأعمال الفلسطينية، كي تصل للمشاهد العربي، ولا تبقى رهينة التلفزيون الفلسطيني فقط.

مضيفاً أن العمل لم يأخذ حقه من الناحية الإعلامية أيضًا، فكان من المفروض أن يتم إيصاله لمهرجانات عربية حتى يطلع العالم على تجربة الدراما الفلسطينية ويقيمها، ويكفي أن يعرف العالم أن هناك محاولات فلسطينية تبذل رغم كل الظروف الصعبة التي تعيشها الأراضي الفلسطيني، بالإضافة لما تحمله مثل هذه المشاركة من انتقادات وتوجيهات من نقاد ومخرجين عرب وأجانب، قد تطور وترتقي بطبيعة هذه الأعمال الدرامية، لأننا لا نقول إن الدراما الفلسطينية وصلت لدرجة الكمال، بل أنها ما زالت في بداية المشوار فقط، ونتمنى أن تتمكن من أخذ دورها وحقها في المستقبل.

يذكر أن مسلسل لهون حلو هو من بواكير الأعمال الدرامية الفلسطينية، قد نال بحسب استطلاعات الإعلام الفلسطيني على أفضل برنامج تلفزيوني فلسطين، وكذلك على أكثر عمل مشاهدة خلال رمضان، شارك فيه 17 فنانا وفنانة في فلسطين.

وهو يتكون من 20 حلقة تلفزيونية، مدة كل حلقة نصف ساعة تلفزيونية، تتطرق حلقاته إلى قضايا مجتمعية فلسطينية تم تسليط الضوء عليها.

واعتبره العديد من المشاهدين والمتابعين والإعلاميين الفلسطينيين محاولة للارتقاء بالإنتاج التلفزيوني الفلسطيني والدراما على وجه الخصوص، متجاوزة مستوى الصفر.

بلغت تكلفة المسلسل بحسب الشركة المنتجة "نهاوند" 113 آلف دولار، وهي تكلفة تحملتها الشركة المنتجة دون أي دعم من أي جهات أخرى رغم انخفاضها مقارنة مع الأعمال الدرامية العربية الأخرى.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى