الاثنين ٢٧ أيلول (سبتمبر) ٢٠٢١

اصداران أدبيان للدكتور جمال سلسع

صدر عن دار كليم للطباعة والنشر في القاهرة ديوانا شعريا بعنوان "من سيعيد بوح صلاتي" وكتاب ادبي بعنوان "من يوميات بيت ساحور" صدر عن مكتبة كل شيء في حيفا.

في ديوانه الشعري يرتب الشاعر أبجدية الشمس فوق نصوصٍ شعرية تتحسسُ مواجعَ الأرضِ وأسئلتها الدامية، فيضيءُ غيمةً فوقَ ساحة "الشيخ جراح" تهمي بالعتابِ لأنَّ الوقت لا صوت فيهِ ولا فداء. ويمر العيد كدمعٍ فوقَ الخدِ وهو يرى خيانة الوقت التي تسلبُ الشاعرَ من عناوينهِ،لكنه يدرك تاريخه فيقف بالمرصاد لكل من يحاول تشويه فلسطين وتزوير قضية فلسطين ونضال شعبها.

وان كان الشاعر يرى وطنه في مسافة قلبه كأغنيةٍ ضاع صوتُ بلابِلِها، لكنه يدرك أنهُ من بنى الموجَ والبحر، ومن تمشي في مجده الطرقُ، فيرفضُ أن يمشي في غيابٍ أمام الدخان، رافضا ان يتكئَ على وجع المنفى وهو ينقشُ في الليلِ ضوءَ القمرِ.

ولا زالَ الشاعر يتوجع على غموضِ المرحلةِ متسائلاً:

أليس لدينا غير قراءة التاريخِ منكسراً؟

أَلم نكتب حروفَ دِمائِنا بدمِ الحِقب؟

فيتسائَلُ بدهشةِ حيرتِهِ، كيفَ تضيعُ الصلاةُ في القدسِ في الأقصى والقيامة؟ وهو يصرخُ غاضِباً:
كأنه لا يزال يسيرُ في وجعِ العروبةِ كالأميرِ أبو لهب فتشعلهُ ألما مواجع الأرضِ الفلسطينيةِ وهو يقرأُ العروبةَ بصمتها وذلها وانكسارِ خيولِها.

ويُطلُّ بعتابه في قصيدتِه العمودية الموجعة" عتابٌ ألذُّ منَ الجمرِ" محذراً منَ الضِياعِ يقول:
فاما صباحٌ يرفُّ المدى.... وإما ضياعٌ غداً يقرعُ متعجبا من مواقفِ العروبةِ التي أمست سواعدها بالدجى والغياب، فأمسى الزيتون لا يحملُ طعمَ السَّحابِ، فينهضُ فيهِ ألم سؤالٍ صارخٍ: هل سقطت أبجديةُ الأرضِ عندما نسي حارسُها جوابَ الأسئلةِ التي توجعُ الأرضَ وهو يدركُ ان ما بينهُ وبينَ شمسِهِ خطوتانِ.

ويحمل الديوان مشاعراً فياضةً بالقلقِ والخوفِ على القدس وهي ايقونةُ تاريخهِ ونضالهِ فكيف يسقط عناوينها من قلبه وفكره وضميرهِ وهيَ التي تُشعلُ النايَ شموعاً تتوقد كالحرية في قنديل الانسان؟

ويُضيءُ الشاعرُ طريقَ وطنهِ اذ ليس أمامهُ سوى الأرض والنضالِ والحريةِ، ولا زال الشاعر يتنفس همَ وطنهِ

والدهشةُ في عيونِهِ تتساءلُ:-

هل رحلنا عن ندى الزيتونِ
أسقطنا المعاني؟
كيفَ بدلنا ثيابَ الأرضِ
أبكينا همومَ القُدسِ؟

ولا يزالُ كل شيءٍ يصرخُ في ضميرِ الشاعرِ وقلبِهِ كصرخةِ بئرٍ مؤكداً انَّ الضوءَ قادمٌ من العتمةِ فيقول:-

وتبقى المسافةُ بينَ خُطايَ
وبوابةِ الغدِ
توأمُ روحٍ يرتبها خبز أمي
كسنبلة الضوءِ
تكسرُ لونَ الضَّبابِ

والشاعر في وجدانيةٍ عاطفيةٍ تحملُ سمفونية الوفاءِ يقول في قصيدتهِ الرائِعةِ" تعال اليها":-

تعالَ وحدِّق بعينيها
تمشي اليكَ السماءُ
كقُبلةِ وجدٍ
تفجرُ بينَ يديكَ الندى

ولا زالَ الشاعرُ يعيشُ الغربةَ والضياعَ في وطنهِ والألم يعصرُ مشاعرَ قلبهِ فيقول:-

فكيفَ أتوهُ ونجمةُ جدي
تُرتبُ خطوي
على وقعِ خطو الغمام؟

والشاعرُ يبحثُ عن اجوبةٍ لأسئلةٍ تدمي مشاعرَ القلبِ، فيدركُ انَّ " يوسف ما زالَ في عتمةِ البئرِ":-

ما ما زارني أحدٌ
سوى شفةِ السماءِ
كقبلةٍ فوقَ الغمام

ولا يزالُ الشاعرُ يستلهمُ نضال مدينتهِ" بيت ساحور" كأيقونةِ حبٍ وانتماءٍ وبطولةٍ فيقول:-

وقرأتُ لونَ الانتظارِ فجيعةً
فرأَيتُ لهفَ مدينتي يمشي
كأَنَّ في أصابعِهِ السَّحاب

والشاعر يتحصن بأَبجديةِ النضالِ والتاريخِ والانتماءِ مؤكداً على عدم التنازلِ عنها في هذه المرحلةِ الضبابيةِ،مؤكداً ان نسيانَ حصانِ الارضِ سيكون خسارةً، وأنَّ حجارةَ الأطفالِ تنهضُ من دمعةِ طفلٍ يبحثُ عن أُمهِ بينَ ركامِ الموت، طارحاً رؤيا وطنية تُلامسُ حقيقةَ الواقعِ والمقاومةِ،
مؤكداً أنَّ الصمتَ سينكسرُ لأنَّ في كف الأرضِ غمامُ الوقتِ، فالكلماتُ وحدها والشعاراتُ وحدها لا سوقَ لها لأنها تبيعُ الصباحَ وتنسى نداءَ الوطنِ. ولا ينسى الشاعرُ صفقةَ القرن في قصيدتِهِ الرائِعة والتي مطلعها:-

لا فرقَ بينَ الذلِ أو سيفِ العرب
لما يجبلُ الصمتُ طيناً
والدموعُ تنادي في القدسِ العرب

ولا زالَ الصمتُ يعبُ الشاعرُ فالاحتلال يجولُ معربداً يدمرُ ويتوطن، ودماءُ فلسطينَ في كل شبرٍ على الثرىـ ويبقى طعمُ الوجعِ في الكلمةِ ولا تزال العروبة حبرها وجع يعاب كما يقول الشاعر في عنوانِ هذه القصيدةِ.

وتبقى القصيدة معجونة بدم الشاعر وتساؤلاته، ولا ينسى " بيت لحم" في قصيدتهِ الجميلة" قصيدةُ بيت لحمَ"
يقول:-

أدقُّ " بيتَ لحمَ والحنينُ خطوتي
أسير حارساً لنجمةٍ
تُضيءُ غيمةَ الشُّموعْ

ولا يزالُ الشاعرُ يحملُ همَّ وطنهِ خاصةً وأنَّ أَسئلةَ الأرضِ ضاعَ الجوابُ عليها، فيحملُ ذاتهُ الى حوارٍ

مع سؤالِ روحهِ في قصيدتهِ الرائعةِ" حوارٌ ذاتيٌ مع سؤالِ الروحِ" مدركاً أنَّ سؤالَ روحه لا يعزيهِ العتابُ.

وتبقى الأرضُ أَسئلةٌ توجِّعُ آهةَ الشاعرِ فيقولُ:-

يُتاجِرونَ في مبادئِ الصهيلِ
فانحنت بحارنا خجلاً
وأَصبحَ الصَّهيلُ بلا صوت!!!

وتبقى رؤى الشاعرِ تؤكدُ أنَّ الفلسطيني وحدهُ ولا أحدٌ غيره هو فلسطين فيقول:-

وأَنت وحدك ما تبقى من رحيقِ جدكَ
لا تُعاتبُ من يطوفُ عليكَ بالنسيانِ
بل عاتب عروبةً تخونُ فيكَ رحيقَ أرضِكَ
والرحيقُ مشاعِراً لا... لا تُباعْ!!

حتى ميلادُ السيد المسيحِ عليهِ السلام قد ضاع من قلبِ الشاعرِ فيقولُ:-

وأنا في الميلادِ كأَيقونةِ نورٍ
أَغرسُها زيتونةَ شمسٍ
وحديقةُ صبحي بابٌ مكسورٌ
أَسلاكٌ شائِكةٌ
وجدارٌ يغتالُ ضياءً وشموعْ!!!

لقد صاغَ الشاعرُ هذه النصوص الشعرية بلغة ايحائيةٍ تتجلى برهافة مشاعرها ايقونة أدبية خاصة بالشاعرِ جمال سلسع وما تحملهُ من مفرداتٍ ادبيةٍ تهمسُ بأصالةِ مواقِفِها وأبجديةِ حسها الذي يعيش همَّ الأرضِ ومواجِعِ أسئلتِها لإ تخمِلُ دلالات المواقف المتخاذلةِ من العروبةِ وصمتِها فارتفعت بمستوياتِها الشعرية التي تلامسُ حوافَ الأشياءِ الى ملحمة شعريةٍ بمصداقيةِ المواجعِ التي يعيشها شعبنا الفلسطيني، وما تحملهُ من رؤىً لغدٍ جديدٍ، صاغ الشاعر كل هواجسه ومخاوفهِ بقصائد عمودية وأخرى تفعيلية، وكأَنَّ هذا الديوان بوحٌ شعريٌ يُجسدُ معاناةِ شعبنا الفلسطيني في مختلفَ مراحلِهِ النضاليةِ.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى