الثلاثاء ٧ أيار (مايو) ٢٠١٣
بقلم إبتسام أبو شرار

اعتذار عن حبّ سرمديّ

عذرًا فأنا أحببتكْ،
وعانقت الصّمت خلف جراح انتظاركْ.
سئمت الرّحيلْ.
فأنا أبحر مذ وقفت على أبواب المنفى نحو شواطئ عينيكا؛
كي أستلّ الدّفء من نجوى قلبيكا؛
لأهوي شهيدة عشق على راحتيكا.
لولاك لما خضت أشراك الحبِّ،
لا، ولا سرت تائهة أشكو عثرات الدّرب،
لا ،ولما أزهر الزّنبق الوادع في أرض محيّايا،
ولما صارت أنفاسك تهدي إلى ركبانك ركبي،
ولما كانت لي أرض تجذبني من منفاي إليها،
وأجنّ بها حين مغانيها تخلب لبّي.
لولاك لما أورقت أسراب دموعي إصرارًا في ثراك.
لولاك لما صرت أشدو باسم الهيام النّازف حُبًّا ودما، يغسل عار الأمّة عن
أفضية سناك،
ولما حلّقت أحلامي تبحث عن أسرار خلاصك في أبراج السّماء،
ولما صرت أبحث عن أخيلة مجنّحة؛
لتليق بأسطورة الكبرياء.
ولما صرت أحلم أن تحملني فوق براق الكلمات الزّخرفيّة،
أو فوق جناحات النّورس بين الثّرى والثّريّا،
أو فوق تخوم البحر على أمواج العصف الكانونيّةْ؛
ليصير لتيمي طعم الفداءْ؛
لأقيم هناك...
... في المحار، وفي اللّؤلؤ، بين أهدابك السّاحليّة،
في جوانح صدركَ،
أسكن في مغناها السّميَّ،
وأهوي في الأضلع الأرجوانيّة.
أذوي سابحةْ،
في انعطافات المدّ والجزر، في هرولات تضاعيف أسرابك البحريّةْ.
وأرنو إلى عينيك، وقد غرّقت حنيني في ومضات سيوف لحاظك دافئة وسخيّةْ.
 
هلاّ أنصتّ لشكوايا،
ومسحت الدّمع، وأسكنت الأشواقا.
سماؤك ظلّ لأظلالي،
وهواؤك فجر يكاد يضيء سنا برقه، فيحطّم أغلالي،
وظلالك مهد لأوصالي.
وهي العبق المشرق من نور إلَهه، يسري برحيق الرّوح.
أفلا كلّ ما أرمق فيك يغدو في ناظريّ يلوحْ؟
وبحرّ الشّوق يفور لهيب الجروحْ؟
فلعلّي أبلغ أسباب وصلك، حين تعانق عيناي نخيلك الفاره،
مختالاً على ما اعتلى من كلّ الصّروحْ.
ولعلّ عبير مروجك في أمسيات الهجر يظلّ يفوحْ.
ولعلّي أشتمّ من منفاي بريق الهدى المذبوحْ.
وألا ليتني يوم لا تدري نفس في أيّ بلاد تموتْ،
لا أموت بغير ميادين أراضيكا.
ألا ليتني نجم لا ينضب نوره، حين تعود النّشوة روحًا، تحلّق
في مضحاة أماسيكا.
وألا ليتني أمواج الهواء البحريّ فوق غيوم روابيكا.
وألا ليتني تبر، ينبت فيه زهر أمانيكا.
وأنا وطن الكلمات الّتي أشرقت في ضواحيكا.
وأنا غضب في قصيدة وهن، ربّيتها حرفًا حرفًا لقوافيكا.
 
سأصير زفير أناك.
سأصير بريق سناك.
سأصير نسيم رباك.
سأصير طريق لقاك.
سأصير أناك.
سأصير إليك.
سأطير إليك.
سأروح إليك.
سأجيء إليك.
سأكون إليك؛
لأصير شذا من زهر رباك؛
لأصير أريجًا من دفق قطر نداك؛
لأصير براعم ورد مهوّمة، تتفتّح من ميد سكر صَباك؛
لأصير أناك.
هل أصير إليك؟
هل أطير إليك؟
إنّي أتسلّل نحو مراكب عينيكا.
وسأجنح أجنحة الرّيح؛ كي تجنح سفني في جوى ساعديك.
 
ما كنت لأركب فوق جناح سفر.
ما كنت لتحملني الطّرقات إلى صخرة في الجبّ،
وأقاد لقافلة من مصر،
وأباع بلا ثمنٍ،
أو برقصة علج من الغربِ على تغريبة شعب.
 
ما كنت لأركب فوق جناحات طير،
لولا أنّهم ضيّعوني في طرقات تجاويف القدرِ.
آه ما أشدّ حروف القدر!
آه ما أشدّ عبوس القدر!
آه ما أمرّ صنيع القدر!
آه ما أوهانا، حين نقاد بعزم إلَه للقدر!
 
ما زلت أفتّش عن نور الشّمس الثاّوي في ليالي الغسق المدنِفة.
أفأرمق نور الفجر،يحطّ على أفضية الأسداف المسدلةْ،
في مراسي ساحلك الأبديّ؟
وطني، يا وطن الأحرار، والحلم العندمي.

مشاركة منتدى

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى