الجمعة ٢٦ أيار (مايو) ٢٠١٧
بقلم الطيب عطية عطاوي

الأسى

لا شيء يدعونا للأسى
سوى أننا نخلق الأسى
نقلـِّم أظافر الغد بأيدينا
ونشرب نخب عزنا في الماضي
نتأرجح بين زاويتيْ الإهمال والفشل ..
لا شيء يدعونا للأسى
سوى أننا نخلق الأسى
أشلاؤنا مبعثرة هناك
يأتي هنا ليصفـِّـق لهناك فننعق مثل غربان البيت المهجور
في زمن الفجور ..
نعذب أنفسنا .. ويعذبنا الحاضر عذابيْن
مخلوقون نحن للهوان
تصفعنا الرياح صفعتيْن ..
نحاول تطهير أنفسنا من شوائب الماضي
لكننا نجد أنفسنا محجوزين أمام القاضي
يسألنا القاضي:
تريدون مغادرة الماضي؟
ألديكم ما يثبت أنكم من الماضي؟
نستسلم خاشعين للقاضي
ونبقى نعانق أمطار الحاضر
لا شيء يدعونا للأسى
سوى أننا نخلق الأسى
يغلق علينا الآخر الباب
فنقبع في دارنا مفجوعين
وتطل الكلاب من النافذة ..
فنركع ..
ثم نستفيق ونصفـِّـق
وننحني من جديد أمام القاضي
ونهرع لاستلام صكوك عقابنا
وندفع الظريبهْ ..
ويعلـِّـمنا القاضي كيف نصرف الضريبهْ ..!
لا شيء يدعونا للأسى
سوى أننا نخلق الأسى
تمشي الكلاب على جباهنا تكشـِّـر عن أنيابها
ونعبر نحن السنين مشرَّدين
فوق عتبة الحنين
نتبرَّك بمواطئ أقدامها .. الكلاب ..
فيلعننا القاضي
ونستمر في الدعاء للقاضي ..
لا شيء يدعونا للأسى
سوى أننا نخلق الأسى
خيوط الهوان ضاحكة مستبشرة
تمتدُّ حول أعناقنا
فتخنقنا حبال الجريمة بلا ميعاد
وتستفيق من نعاسها الأخطاء
فتمطرنا بوابل من الإرهاق ..
وعلى أرصفة الشوارع نتباكى
يسرق بعضنا بعضا
يخون بعضنا بعضا
يعاقب بعضنا بعضا
تتنافس العذارى في عصر أحجامهنّ
تتنافس الأرامل في سحق وجوههنّ
تتنافس البغايا في فرض عهرهنّ
ونحن نتفرّج من بعيد ..
نتسلق أوهام الماضي
ونطرب للشِعر في زمن اللاشِعر
نتهرَّب من ترتيل آيات الله .. ونسجد خفية ..
فيلبسنا القاضي عباءات بيضاء
فوقها عمامات حمراء ..
فتشتعل أجسادنا بالنيران
وتُذكى أرواحنا بالعصيان
ونسجد خفية .. فنتنبَّأ بأنّ نبيّاً سيُبعث
في رمال الحاضر .. سيظهر ..
فنكشف عن سيقاننا، وندعو الله خفية
ويلعن بعضنا بعضا
لا شيء يدعونا للأسى
سوى أننا نخلق الأسى

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى