الأحد ٢٦ أيلول (سبتمبر) ٢٠١٠
بقلم نوري الوائلي

البحر

يا قارئ الشعر هل طابت لك الدارُ
واشتدّ عزمك واسْتهواك دينارُ
يا قارئ الشعر كم أعطتك مقتضبا
هذي الحياة وكم عزّتك أقدارُ
هل دار ليلك والآمالُ موصلة
أم أن حلمك عند الفجر أخبارُ
هل عشت دهرك والأيّام آمنة
أم أن دهرك مثل البحر أطوارُ
فالبحرُ يوما كأن الطير ساكنه
والريح منه الى الربان مضمارُ
جنّدت ركبك والأحلام مشرعة
والوهمُ أنساك أن البحر غدّارُ
تدنو من الجرف بالأسماك ممتلئا
فانتاب جمعك عند الجرف إعصارُ
هذي هي الحال إن ساقتك في جهل
سوءُ النوازع أو يحدوك أشرارُ
نلهو وتجري بنا الأيّام مسرعة
مثل الضياء كأنّ العمر مشوارُ
كم ضاع منّا خليل أو ذوي رحم
حتّى كأنّ جموع الأهل أنفارُ
صرنا كمن هجرالأوطان معتذرا
فالأهلُ ماضون والأصحاب زوّارُ
مثل القطار ركبنا من ولادتنا
فيه المحطّـّات للركاب أدوار
تعطى البطاقات لا ندري مقاصدها
والركب يسري كأنّ القصد أمتارُ
عند المحطات ترسينا مصائرنا
ونترك الركب والآمال أسحارُ
مثل الخيال فإن الموت يتبعنا
حتى علانا , فشدّ النعشَ مسمارُ
يأتي إلينا كأن النوم غالبنا
أو لم نر الموت للأحباب يختارُ
نجري من الموت والآمال تجرفنا
حتّى صحونا وزهو النفس ينهارُ
نعدو من الموت أميالا فنحسبه
قد غاب عنا وبعد الموت أشبارُ
ما لي أرى النفس قد هامت بزائلة
وانسابَ فيها إلى اللّذات إصرارُ
الوقت أصبح أموالا فما ملئت
منها العيون , كأن المال أنوارُ
الناس تلهث والدينار مطلبها
وهل تُشافي ثرى البيداءِ أمطارُ
هل أشبع الدهر نفسا أو شفى ضمأ
وهل أضاءت سرابَ البيد أزهارُ
هذي هي الحال لا تفرح بزائلة
فما استدامت لأهل الأرض أعمارُ
هذي الحياة فلا تيأس لنائبة
إن النوائب للألباب إنذارُ
ما لي إذا ملئت بالمال أوديتي
فانتابني سقم وانتابها نارُ
حسبي الفُتاة وخيط الصوف يسترني
والسّعْف سقفي وطول الدار أشبار
ما يشبع النفس والأطماع سُفْرتها
إلا التراب , وتعلو الجسم أحجارُ
ما يذكر الموت إلا مؤمن فطن
قد ساقه العقل واستقرأه أبصار
الناس موتى وهم في حالها هرج
والصالحون بها أحياءُ أبرارُ
ما فاز فيها شقي أو أخو جهل
بل فاز فيها إلى الجنّات أخيار

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى