الاثنين ٥ حزيران (يونيو) ٢٠٢٣
بقلم إبراهيم خليل إبراهيم

البطل الحقيقي لفيلم حكايات الغريب

آليت على نفسي منذ أن بدأت الكتابة عن أبطال وشهداء وطني الحبيب تقديم الأحداث وفقا لمقابلاتي مع الأبطال ومعارفهم وأيضا أسر الشهداء وقد جبت عزب وكفور ونجوع وقرى ومحافظات مصر وتقابلت مع العديد من الابطال وأسر الشهداء وسجلت البطولات وقدمتها في مؤلفاتي البالغ عددها حتى كتابة هذا المقال 50 كتابا وهنا لابد أن أسجل وأشيد بأمانة الزميل آدهم السيد الصحفي بصحيفة الشروق حيث كتب عن بطل من الذين كتبت عنه وذكر حديثي عنه في وسائل الإعلام وبالمصادفة توصلت إلى ذلك عبر تصفحي الإنترنت وماكتبه الزميل الأمين كان يوم الجمعة 7 أكتوبر 2022 بعد ذلك أنتقل إلى البطل الحقيقي لفيلم حكايات الغريب الذي عرضه التليفزيون المصري عام 1992 وقد كتبت عن هذا البطل في كتابي (وطني حبيبي) الذي قدمته للمكتبة العربية عام 2008 وهو البطل عبد العزيز محمود الذي تمتع منذ نعومة أظافره بالذكاء وحب العمل والوطن وفى شبابه انضم إلى أسرة مؤسسة الأهرام حيث عمل مندوباً لتوزيع الجريدة فى مدينة السويس وكان يذهب بصفة يومية إلى مدينة السويس وذات يوم ذهب إلى زميله محمد فهمى حسنين بإدارة المطابع بجريدة الأهرام وأخبره برغبته بعقد قرانه على شقيقته سلوى وبالفعل تحققت رغبته وتم الزفاف ووهب حياته لبيته وعمله وبعد وفاة شقيقه الأصغر جلال محمود عاش عبد العزيز حالة من الحزن الشديد.

بعد اندلاع معارك أكتوبر 1973 واصل البطل عبد العزيز محمود عمله وسفره اليومى إلى مدينة السويس ثم صدرت الأوامر بوقف خط السفر إلى مدينة السويس نظراً للأخطار الكبيرة بالمدينة وما حولها ولكنه قرر تحمل مسئولية السفر وكتب إقراراً بذلك على نفسه وواصل عمله فى نقل إصدارات مؤسسة الأهرام إلى مدينة السويس بصفة يومية عن طريق السيارات العسكرية وفى الثانى والعشرين من شهر أكتوبر 1973م أغلق الطريق نهائياً بين القاهرة والسويس خلال تواجد البطل عبد العزيز محمود داخل مدينة السويس ولكنه لم ينزعج لذلك لأنه قد أعد العدة فقبل سفره قال لزوجته وابنه محمود البالغ من العمر ثلاث سنوات: (إذا تأخرت لا تقلقوا علىّ) هذا بالإضافة لتسجيل أسماء بعض الجنود والفدائيين الأبطال فى ورقة احتفظ بها فى جيبه وعلى الفور سارع بالانضمام إلى أبطال المقاومة الشعبية وسأل أحد الجنود : فى حالة تقدم الدبابات الإسرائيلية من هذا الاتجاه كيف يمكن التصدى لها؟.

شرح الجندى له كيفية عمل الكمين ثم قدم له قنبلتين يدويتين وبدأ كفاح البطل عبد العزيز محمود حيث استقل دراجة صغيرة وحمل القنابل وألقاها على القوات الإسرائيلية وأقام بمفرده الكمائن حيث كان يرتدى ملابس الإسرائيليين ويقوم بالضرب عليهم كما حرص على إخلاء الجرحى من الأبطال حتى يتم إسعافهم وخلال تواجده بمستشفى السويس يوم الرابع والعشرين من شهر أكتوبر عرف أن القوات الإسرائيلية سوف تتقدم فى اتجاه كوبرى الزراير لاحتلال مدينة السويس فأسرع إلى مخزن السلاح بالمستشفى وحصل على القنابل وعند الكوبرى أقام كميناً بمفرده وبمجرد ظهور طابور الدبابات الإسرائيلية قام بالاشتباك معها وتمكن من تدمير الدبابة التى فى المقدمة ففزعت بقية القوات وعادت الدبابات الأخرى للخلف فى محاولة للهروب وهنا قام البطل عبد العزيز محمود بربط نفسه بالمتفجرات ودخل وسط الدبابات فتم تفجيرها ونال الشهادة.

وعد أن فتح الطريق مرة أخرى بين السويس والقاهرة سافر محمد فهمى للسؤال عن البطل ولكنه عاد بساعة يده وخاتم الزواج والبطاقة العائلية.

دفن جثمان البطل الشهيد عبد العزيز محمود بجوار كوبرى الزارير فى نفس المكان الذى نفذ آخر عملياته الفدائية به وبعد ذلك تم نقل جثمانه إلى مقابر الشهداء.

لقد تقابلت مع سلوى فهمى زوجة البطل الشهيد وقالت: زواجى من البطل عبد العزيز محمود كان تقليدياً واكتشفت أنه هادئ الطبع وقليل الأصدقاء ويحب عمله بشدة وعندما علمت بما فعله بالسويس كان صعب علىّ أن أصدق أن عبد العزيز الإنسان الهادئ ممكن أن يتحول فجأة إلى فدائى مخاطر ولكننى استوعبت ذلك لأن مصر عندما تنادينا نلبى جميعا النداء أينما كنا ومع مرور الوقت بدأت أقدر ما قام به زوجى وأفخر به وبما يقال عنه وعندما سافرت إلى السويس بدعوة من السيدة جيهان السادات بعد انتهاء الحرب لحضور الاحتفال بأسر الشهداء من الفدائيين والأبطال سمعت من الأهالى حكايات كثيرة عن مواقف وبطولات زوجى وعندما عدت إلى شقتى قمت بضم ابنى الوحيد محمود إلى صدرى وعندما كان يسألنى عن والده؟ كنت أحبس دموعى وأدعى سفره وعندما بلغ سن العاشرة رويت له كل شئ وعرفته ببطولات والده وعندما أنتج التليفزيون المصرى فيلماً عن زوجى وهو فيلم حكايات الغريب أعجبنى عندما شاهدته ولكن هناك بعض الاختلاف بين ما ورد فى الفيلم وبين الواقع الحقيقى فلم يحدث أن فشل عبد العزيز فى الارتباط فقد تزوج منى وأنجب ابنه الوحيد محمود وأيضاً لم يحدث أن استشهد شقيقه ولم يحدث أننا فشلنا فى العثور عليه كما ورد فى الفيلم كما بالغ الفيلم فى حالة الحزن والعزلة التى كان يعيشها عبد العزيز وورد فى الفيلم أيضاً أنه كان يعمل فى الأخبار والحقيقة أنه كان يعمل بمؤسسة الأهرام.

أيضا قال محمود الأبن الوحيد للفدائى البطل الشهيد عبد العزيز محمود : العيد القومى للسويس هو احتفال بوالدى ففى الرابع والعشرين من شهر أكتوبر أذهب إلى السويس وأزور قبر والدى الكائن بمقابر الشهداء ثم أتقابل مع أصدقاء والدى بمدينة السويس وبرغم أننى حرمت من والدى وأنا فى سن صغيرة إلا أننى فخور بما فعله لمدينة السويس ولمصر وقد رعتنى والدتى فحصلت على دبلوم الصنايع وعندما تقدمت للعمل بمؤسسة الأهرام وافق الأستاذ إبراهيم نافع رئيس مجلس الإدارة في ذلك الوقت على عملى بوظيفة ميكانيكى تقديرا وتكريما لوالدى.

رحمة وألف رحمة على روح البطل الشهيد عبد العزيز محمود وشهداء مصر الأبرار وتعظيم سلام لكل أمين يعطي لكل ذي حق حقه.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى