الاثنين ١٤ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٠٩
بقلم محمد صبحي أيوب

البيارق الذابلة

توكَّأَت السيوفُ على
دمِ العطرِ الذي خانا
دعا النَّاياتِ فاتَّخَذَتْ
من الأعرابِ أخْدانا
رمادُ الصمتِ قد نَبتتْ
به الكلماتُ بركانا
على صدرِ الكنارِ بكى
و نَصْلُ الدمعِ أدْمانا
وأشرعةُ السنا فَمُها
يُحيلُ الماءَ صَوَّانا
على أهدابِها نَحتتْ
يدُ الغيماتِ أَوْثانا
وبين ذراعِ سَوْسنِها
فخصرُ الريحِ قد لانا
ومن محرابِ أنْجمِها
صهيلُ الجرحِ نادانا
إِلى مَ تصوغُ يا دربي
ذنوبَ الشوكِ غفرانا
نحرتُ مدادَ محبرتي
لأجلِ النفطِ قربانا
وسيفي قد جرى دمهُ
على الأمواجِ مرجانا
وشعري واحةٌ صُلبتْ
على أهدابِ منفانا
فليت سعادَ ما بانتْ
ولا ابن زهيرَ أشجانا
بلادي قُبلةٌ صدأتْ
على شفتي حُزيْرانا
فلا تشرينُ يمسحُها
وليسَ يعزُّ منْ هانا
جبالُ النهدِ قد سالتْ
على الوديانِ خُذْلانا
رمى اليرموكُ بيرقَهُ
لِبِيْرقِ نهدِها دَانا
جذوعُ النخلِ ما وجدتْ
بلحْدِ الريحِ أكفانا
ومريمُ بسمةٌ تعدو
تحيلُ البيدَ غُدْرانا
فليسَ الشمعُ شَمّاساً
ولا الأجراسُ مطرانا

سنا تشرينَ لم يغرسْ
ربى الأحلامِ ريحانا
وما سكبتْ بيارقُهُ
بأُذْنِ المجدِ ألحانا
فمات السَرْوُ مُنْتَصِباً
عليهِ بُرْدُ حَمْدانا
ومكتحلاً بمئذنةٍ
وبالأجراسِ مُزْدانا
وللصفصافِ كمْ صَاغوا
من اللعناتِ قمصانا
فكيف القُبْحُ جمَّلَنا
وكيف الموتُ أحيّانا
وشاحُ النيلِ غانيةٌ
جمالُ القهرِ أغرانا
فلا بشَّارُ أَضْحكنا
ولا حسَّانُ أبكانا
حرابُ العطرِ كمْ تَعِبَتْ
ونَصْلُ الكُحْلِ كم عانى
سيوفُ الشمعِ مشرعةٌ
بها كافورُ أوصانا
فإنْ أَسْرَجْتَ خيلَ الفتحِ
قد أَسْرجْتَ طوفانا
وإنْ تَعْتقْ رقابَ الموجِ
عندي صِرْتَ قُرصانا
حَذارِ اليومَ لا تغرسْ
ثرى بغدادَ فرسانا
وفي بيروتَ لا تسكبْ
ترانيماً وريحانا
ونخبَ القدسِ لا تشربْ
تراتيلاً وصُلْبانا
وإنْ تَجْنحْ إلى فننٍ
فسوف نُريكَ أفْنانا
شراشفُكمْ تُهاتِفُنا
وخلفَ السرْوِ تلْقانا
فهذا بُنُّ قهوتكمْ
بسرِّ الروحِ وافانا
وصار النملُ يأتينا
ولا يأتي سليمانا

شَفَيْتُ الريحَ من رمدٍ
قرأتُ الغيمَ فُنْجانا
صفاءُ الروحِ في وجهي
يزيدُ الحسنَ إحسانا
سأهدي البحرَ أشرعةً
وأهدي البرَّ نِيسانا
وللأَشعارِ قُبعةً
فعادَ الشعرُ ربَّانا
وللتاريخِ أَقْبيةً
فصارَ البدوُ رُومانا
رفعْنا نَعْلَ ثورتِهِ
على أَعناقِ قتلانا
غرسْنا ثوبَها نخلاً
وأعناباً ورمَّانا
وصُغْنا من جماجمنا
أكاليلاً وتيجانا
و للأشجارِ قد صُغْنا
من الأمجادِ سِيقَانا
وللأحجارِ أنْبَتنا
من الإحلامِ أجفانا
و شدَّ النهرُ مئْزَرهُ
ليبقَى الفلُّ نشوانا
فَدعْ هِنْداً و ما وَعدتْ
و خلِّ الريمَ والبانا
حرابٌ تدَّعي نصراً
تصوغُ الليلَ قضبانا
كلابٌ تقتفي أَثراً
تقدُّ قميصَ نجوانا
فلا يعقوبُ آسفنا
ولا الصدِّيقُ آوانا
ألمْ تبدأْ فتوحهمُ
بمسجدِنا الذي هانا
وما من غزوةٍ بَدأتْ
ولا خُتمتْ بملهانا
أحقاً سِفُر ثورتِهِ
يكادُ يكونُ قرآنا
أ تروي الريحَ مُزْنتُها
و يبقى المزْنُ ظمآنا
فينمو العشبُ بعد العشبِ
قَيْنَاتٍ و خِصْيانا

سياطُ الحرفِ تَجْلِدُهُ
و موجُ الصمتِ يَغْشانا
فلا هاروتُ رنَّمهُ
و لا مُوساهُ أَنجْانا
عن الأَشْجانِ لا تَسألْ
رؤى صبرا شذا قانا
هنا تُهَمٌ مُعلَّبةٌ
تَعمُّ الإِنْسَ والجانا
ولوْ شئنا نوزِّعها
على الأشجارِ مجّانا
سَلِ الأرحامَ هل بَعَثتْ
على الأمشاجِ حُسْبانا
جهازُ القمْعِ فيروسٌ
يُعرْبدُ في خلايانا
يجوبُ شوارعَ الرئتينِ
كىْ يغتالَ شريانا
يصادرُ كلَّ قُبَّرةٍ
تمرُّ أمامَ مقهانا
ويسألُ كلَّ سوسنةٍ
لما صدَّعتِ إِيوانا
وتحت المجهرِ الضوْئى
صار اللونُ ألوانا
إذا مرَّتْ فراشاتٌ
يقول رأيتُ عُقْبانا
أرى القنديلَ قنبلةً
أرى الملاّحَ قُرْصانا
أرى ابن العاصَ وابن سلولَ
في الدستورِ إخوانا
أرى العبْرِيَّةَ انْتحرتْ
فصارتْ من سَبايانا
وأقسمُ أنَّ واشنطن
غداً ستصيرُ جولانا
فنامي عينَ قاهرتي
عَزيزُكِ باتَ يَقْظانا
فعينُ الماءِ لو نامتْ
عيونُ النفطِ ترعانا

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى