الثلاثاء ١ شباط (فبراير) ٢٠٠٥
بقلم ميساء قرعان

التربية والتعليم..والكلام غير المباح

حين يتسبب أحدهم بكارثة ما يقول: (العوض بوجه الكريم )، وحينما أبدع بليغ حمدي في تلحين أغنية احضنوا الأيام لوردة أطرب وأطربت ورده مستمعيها بترديدها عبارة (ويعوض الله ) برفقة الكورس.

عبارة ويعوض الله أصبحت تفرض حضورها في وجداننا وعلى ألسنتنا على مدار الساعة

في الفن والثقافة والنجومية يعوض الله ، في الأخلاق والسلوك يعوض الله ، في قضايانا السياسية ومشكلاتنا الاجتماعية والتربوية يعوض الله .....

غفرانك يا رب فقد أزحنا عن كاهلنا عبء ومسؤوليات التغيير في أي اتجاه كان واستبدلنا بدورنا فيه انتظار العوض ...غفرانك فنحن الساكتون عن التلفظ بكلمة حق ونحن المبدعون بهز رؤوسنا تأييدا للباطل والفساد ، نحن الشياطين الساكتون ...نسكت خوفا من عقاب ونسكت طمعا بتحقيق منفعة شخصية ، وكثيرا ما نسكت لأننا أدمنا السكوت أو لأن ما نريد قوله يقع في خانة الكلام غير المباح

للتربية والتعليم والمؤسسات التربوية برمتها الدور الأهم في التسبب بما نعانيه من انسحابية ، فالكلام غير المباح والسلوكيات غير المباحة من التربويين تجاه الطلبة يتسبب بمثل هذه المشكلات .

قد لا يكون من المباح لي أن أقر بوجود خلل تربوي عريق يتعلق بمعلمي ومعلمات المدارس على اختلافها ، لكنني لن أؤثر السكوت لأن انتظار العوض في هذا المجال لن يتسبب سوى بزيادة الإعاقات لدى الأجيال ولأنني لن أخشى مسائله ولست بانتظار مكافأة كي أدفع لتجميل أقبح ممارساتنا في المدارس .

الضرب لم يزل أداة عقاب لدى الكثير من التربويين ظنا منهم بأنه أداة تأديب وتربية ، الألفاظ البذيئة والتحقير للطلبة لم تزل أدوات مساندة أيضا ، الإدانة المسبقة للطلبة وتعاطي مفردات تستخدم لتصنيف وتقييم الطلبة مثل (مؤدب، غير مؤدب، وقح ، وقحة، مجتهد، كسول وغيرها ) لم تزل من الممارسات الخاطئة التي يتم توظيف حتى الإيجابي منها بصورة سلبية، أما الخلل فيكمن في عدم تأهيل التربويين التأهيل الكافي للتعامل بعلمية وبأسلوب تربوي سليم من شأنه أن يعزز الجوانب الإيجابية في شخصيات الطلبة من جهة ويثبط غير الإيجابية من جهة أخرى ، كما أن العقوبات التي تتبعها وزارة التربية والتعليم إزاء هذه المخالفات غير كافية وغير رادعة ، هذا بالإضافة إلى عدم وجود رقابة ورصد ومتابعة حقيقية وفاعلة لما يتم ارتكابه من أخطاء أو كوارث تربوية داخل مدارسنا .

لسنا ننكر أن وزارة التربية والتعليم قد بذلت جهودا من أجل رفع كفاءة المعلمين ، غير أن الكفاءة في استخدام الكمبيوتر وحدها ليست كافية فنحن لم نزل بحاجة إلى تعلم أبجديات التربية والتعامل مع الأطفال والناشئين ، وهذا مما يتطلب إعادة النظر في الأسس التي يتم من خلالها تعيين من يقع على كاهلهم تنشئة أبنائنا ، وإعادة النظر بآليات مسائلة وعقاب التربويين اللذين يعبثون بمستقبلهم .

maisa_roe@yahoo.com


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى