الاثنين ٩ تموز (يوليو) ٢٠١٢
بقلم شعيب حليفي

الثأر من الصمت والعجز!

لديَ ثلاث نقط، في إطار الحديث عن علاقة الإبداع بالسياق السياسي والاجتماعي، وانطلاقا من مشاركة الزجّالين المغاربة وتفاعلهم مع ما يجري:

أولا: تفاعل إيجابي ويومي في تلقي الدعوة إلى مسابقة أدبية يشارك فيها الزجالون المغاربة، موضوعها إبداء رأيهم بأسلوب فني في السياسة المغربية بشكل عام، وفي الحكومة الحالية التي جاءت في ظرفية مغايرة، عربيا وعالميا، وبصلاحيات إضافية بعد تعديلات تكتيكية، شكلية وبنيوية، من بينها دستور جديد وتسميات جديد للمسؤولية الأولى.

وبعد أولى الضربات القاصمة على ظهور المواطنين البسطاء، المشكلين لغالبية الشعب المغربي، وتأثير ذلك السريع المباشر والقاسي على القوت اليومي للمواطنين، وبعد عدد من المؤشرات المُنبئة بالخروج المائل من اليوم الأول، مما منح عموم الناس فرصة للتعليق بالنكت والكاريكاتير والاحتجاج العفوي والمنظم.فإنه من حق المبدعين والأدباء أيضا التعبير عن رأيهم بالطريقة التي تحلو لهم، بعدما عوّدتْنا التجارب، المؤدلجة، خلال العقود الأخيرة، أن يتم إهمال استمزاج أو الإنصات إلى صوت الأدباء في قضايا بسيطة ومعقدة، عابرة أو مصيرية، معتبرين الإبداع ترفا زائدا لا ضرورة له ما دام مجتمع الإعلام والسياسة لا يلتفتُ إلا لآراء وتأويلات رجالات السياسة والقانون والاقتصاد (...).

الأمر ليس َ فيه تنقيص من هذا ودفاعا عن ذاك، ولكنه للمقارنة من أجل إبراز أننا في حاجة إلى كل العقول التي تفكر وكل القلوب التي تشعر وتستطيع أن تعبر عن مجموع نبض المغاربة، متجاوزة النظرة الهشة التي تعتبر الأدباء يسبحون في عالم الغيب والخيال.
ثانيا: تفاعل مزدوج في تلقي هذه الدعوة التي وصفها البعض بالجريئة، وذات أهمية في فتح نقاش حول الإبداع والمجتمع، وهو جدل بدهي،ودور المثقف في ما يجري ببلاده، وبالتالي أدوار الثقافة في صوغ الوجدان، وغير ذلك من الأسئلة.

وهناك عدد آخر من الأصدقاء ممن شككوا في نوايا هذه المُبادرة واعتبروا أنها "تزجُّ" بالثقافي في مجال السياسي، وهناك من اتهمنا بأن مبادرتنا، في جوهرها، سياسية، وإلا لماذا لم نفعل نفس الشيء مع الحكومات السابقة؟!.

كل الحركة الثقافية المغربية المعاصرة،كانت وما زالت، في جوهرها سياسية، بالمعنى الدقيق والنبيل، غير النفعي ولا الذاتي،وانتقادية بتعدد أساليب النقد في كل الأشكال التعبيرية، منذ السبعينيات وتطورت في الثمانينيات، ثم أخذت شكلا آخر في الألفية الثالثة، في القصة والرواية والمسرح وفي الشعر...بتعبير جمالي رفيع حاكمت كل المراحل... ولم نجد، في لحظة من اللحظات أن كان إبداعنا صامتا أو مُحايدا.لم نجده مُؤيدا لأن مهمة الإبداع هي الثأر من أعطاب التاريخ.

الحوار بيننا أساسي، خصوصا حينما يكون مؤسَّسا على اختيارات فنية ورؤيوية، ولا حاجة للتذكير أننا نخوض، جميعا، في كتاباتنا وأنشطتنا، بشكل مباشر أو غير مباشر صراعا ثقافيا مستمرا، نضجت ملامحه في حركة المرصد المغربي للثقافة قبل سنتين، وفي باقي الحركات الثقافية الاحتجاجية (والتي لا بد من معاودة تفعيلها في أفق ما هو في حكم المتغيرات).والآن تأتي هذه المبادرة للتعبير عن استمرار ثأرنا من العجز، عجزنا جميعا.من الصمت الذي يخفي جبالا مُرعبة من اليأس ومن عدم قدرتنا على تحقيق التغيير المنشود.
ثالثا: هذه مسابقة أدبية، ليست حول شخصية السيد بنكيران، كشخصية حقيقية تتحمل مسؤولية رئاسة الحكومة، ولكنها حول تدبير الشأن العام بالمغرب، وهو ما يستدعي الحمولات الثقافية التي يتمثلها من يسير الشأن المغربي.وهذا هو جوهر المسابقة: وجهة نظر ثقافية حول مضمون يبدو في ظاهره سياسي ويخفي ببواطنه" الغاوية " ثقافة نختلف معها استراتيجيا.

دعونا نُعبر عما نحس به وارحموا اختلافنا مهما كان، بسيطا أو عميقا، فلسنا أقل ممن عبّروا ويعبرون بجرأة نادرة عن مواقفهم. فنحن لا نفعل شيئا خارج مرجعياتنا التي رضعنا حليبها طاهرا صافيا منيعا.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى