الثلاثاء ٣ آذار (مارس) ٢٠٠٩
بقلم سيد إبراهيم آرمن

الثقافة في الکويت بين الماضي والحاضر

أستاذ مساعد بجامعة آزاد الإسلامية في کرج

يهدف هذا المقال إلی تقديم صورة عن معنی الثقافة حيث فاقت تعريفاتها العلمية المائتين عددا، ثم يلقي الضوء علی الحياة الثقافية في الکويت بتتبع العوامل التي أدت إلی تکوين الثقافة وتطورها في هذا البلد.

واعتبر المقال التعليم والتجارة والحرکة الصحافية والمؤسسات الثقافية الأهلية من أهم العوامل التي نتج عنها النشاط الثقافي المبکر في هذا البلد الفتي.

وأخيرا يتحدث المقال عن حاضر الثقافة في الکويت ويعتبرها من البلدان المتقدمة في النشاط الثقافي حيث أن هذا البلد لاينتج نفطا فحسب وإنما ينتج زادا ثقافيا ومعرفيا أيضا.

المفردات الرئيسة: الکويت، الثقافة، التعليم، التجارة، الصحافة، المؤسسات، الديوانيات، النوادي الأدبية.

التمهيد:

إذا کان من حديث عن الثقافة في الکويت فما لنا إلا أن نتتبع العوامل التي أدت إلی تکوين الثقافة وتطورها في هذا البلد حيث أن الثقافة لا تحصل من فراغ وقبل أن نعالج هذه العوامل من الضروري تبيين إطار الثقافة بتقديم تعريف عنها يساعدنا علی ما نريد دراسته.

فالثقافة عالم واسع وفي نفس الوقت عالم ضيق. قدتتسع حتی تشمل العالم فيقال عنها ثقافة عالمية کما أنها قد تضيق حتی لاتتعدی حدود قرية فيقال عنها ثقافة محلية ولعل هذا يفسر وصف الثقافة بالسهل والممتنع علی الرغم من کونها ظاهرة حياتية لکل مجتمع علی وجه البسيطة ولذلک فاقت تعريفاتها العلمية المائتين عددا ومعظم المصادر العلمية تبين أن العرب قد بحثوا بشکل علمي في مصطلح الحضارة أکثر مما بحثوا في مصطلح الثقافة ويعد ابن خلدون أفضل المفکرين العرب في شرحه لمعنی الحضارة بمفهوم العمران. لکن، من الواضح أن لا تطابق بين المعنی العربي والمعنی المغربي لمصطلح الثقافة وإذا تم استعراض المعاني العربية لمادة (ثقافة( في القواميس والمعاجم فلا يوجد في معاني لفظ ثقف ما يتفق مع المعنی الذي يراد اليوم من کلمة ثقافة حيث أن الاستعمال الحالي لهذه المادة ليس ثقف بل تثقف، يتثقف بمعنی اطلع اطلاعا واسعا في شتی فروع المعرفة حتی أصبح رجلا مثقفا فاللفظ يستعمل اليوم في معنی الاطلاع الواسع المطلق غير المحدد بتخصص ولا وجود لهذا المعنی في المعاني القديمة للفظ الثقافة. ( د. أحمد البغدادي:( في مفهوم الثقافة والثقافة الکويتية(:عالم الفکر، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الکويت، المجلد الرابع والعشرون – العدد الرابع – يونيو1996م، صص 9-17 بتصرف. )

قد أشرنا سابقا أن إسهام المفکرين العرب القدامی في هذا الموضوع يتمثل في دراستهم للمجتمع البشري من خلال مفهوم الحضارة بکونها خلاف البادية والإقامة في المدن کما يقول الفيروز آبادي وابن خلدون في کتابه الشهير المقدمة إلا أن في العصر الراهن وفي ظل سيطرة الثقافة الأوروبية أصبحت الثقافة جزءا من الحضارة. بمعنی آخر، أصبحت الحضارة أکثر اتساعا وشمولية في معناها من الثقافة وبالتالي يمکن القول إن لکل حضارة ثقافة وليس لکل ثقافة حضارة. ذلک أن الحضارة تمثل مرحلة أسمی من الثقافة فإنها کما حددتها منظمة اليونسکوفي مؤتمرها المسمی (مؤتمر اليونسکوللثقافة( الذي عقد في مدينة مکسيکوعام 1982م، هي: جميع السمات الروحية والمادية والفکرية والعاطفية التي تميز مجتمعا بعينه أوفئة اجتماعية بعينها، وهي تشمل الفنون والآداب وطرائق الحياة، کما تشمل الحقوق الأساسية للإنسان ونظم القيم والتقاليد والمعتقدات. (المصدر نفسه:صص 16- 20، بتصرف.)

فبناء علی هذا التعريف وفي هذا الإطار نعالج الحياة الثقافية في الکويت في الماضي والحاضر متتبعين العوامل التي أدت إلی تکوينها وتطورها في هذا البلد.

إن العوامل التي نتج عنها الاهتمام المبکر بالثقافة في الکويت کثيرة إلا أنها قديمکن ترتيبها کالتالي: التعليم، والتجارة، والحرکة الصحافية، والمؤسسات الثقافية الأهلية.

أ- التعليم: « يسجل أمين الريحاني الذي زار الکويت في بداية العشرينات من القرن العشرين بإعجاب ملامح النهضة الثقافية والتعليمية التي أخذت تزدهر في عهد الشيخ أحمد الجابر آل الصباح ويذکر أن تلک النهضة کان لها رکنان: المکتبة الأهلية هناک والمدارس الليلية والنهارية. » (الر شيد بوشعير، الشعر العربي الحديث في منطقة الخليج، دار الفکر، دمشق – سوريا، ط1، 1997م، ص 32.)

ولا شک أن التعليم في الکويت بدأ بإنشاء الکتاتيب – التي تعلم مبادئ القراءة والکتابة بالطريقة التقليدية - کباقي الدول العربية وأخذ يتطور بإنشاء المدارس الأهلية التي کان التجار والمحسنون يدعمونها وأخيرا المدارس الحکومية.

« فکتاتيب القرن التاسع عشر والمدارس في العقود الأولی من القرن العشرين کان يدير عددا منها من يعدون من طائفة العلماء أوالمنتسبين والمنتسبات إلی بيوت علم معروفة کما أن مناهج عدد من المدارس ثرية وتشتمل علی تعليم العلوم العصرية وبعض المهارات ولم يکن التعليم مقتصرا علی أبناء الأغنياء. » (د. خليفة الوقيان، الثقافة في الکويت، مطبعة المقهوی الأولی – الکويت، ط2، 2007 م، ص 21.)

والمدرسة المبارکية التي أنشئت عام 1912 م خير دليل علی أسبقية التعليم الحديث في الکويت حيث أن « عددا من رجال الفکر ورجال المال عبروا عن حاجة بلدهم إلی تطوير التعليم بما يتفق مع حاجاتهم العلمية ومع تطور التعليم في البلاد المجاورة بعد أن أحسوا أن الکتاتيب التي کانت تقوم بالتعليم آنذاک بدأت تفقد دورها في مسيرة التعليم وأن الضرورات تقتضي الانتقال إلی مستوی آخر يضيف علوما أخری إلی مناهج الکتاتيب ليتفق مع حاجات النموالاقتصادي في التجارة والغوص والسفر وفي الحسابات وصرف النقد واللغة الأجنية. » (د. عبدالله يوسف الغنيم، بحوث مختارة من تاريخ الکويت، القسم الثاني، مرکز البحوث والدراسات الکويتية، الکويت، 2007، ص 107. )

« ويرجع الفضل في وجود هذه المدرسة بالدرجة الأولی إلی عدد من الفضلاء في الکويت هم: الشيخ يوسف بن عيسی، والشيخ ناصر المبارک، والسيد ياسين الطباطبائي فهؤلاء أول من حث علی تأسيسها ، وأول من دفع الناس إلی الإنفاق في سبيلها، کما کان لآل خالد، وآل إبراهيم، فضل کبير، فالأول تبرعوا لبناء المدرسة بالمال والأرض، وتطوعوا لاستثمار أموالها دون مقابل، وأما آل إبراهيم فکان لتبرعهم السخي بمبلغ خمسين ألف روبية – ما يعادل ثمانين في المائة من مجموع التبرعات – الفضل الأکبر. » (المصدر نفسه: ص 108.)

وهکذا تطور التعليم في الکويت و« ظهرت أول مدرسة نظامية شيدت بأموال المواطنين أنفسهم. » (المصدر نفسه: الصفحة نفسها.)

ولم يمض أکثر من عشرة أعوام حتی قام الکويتيون بإنشاء مدرسة أخری سميت بالأحمدية لاکتسابها رعاية حاکم الکويت آنذاک الشيخ أحمد الجابر الصباح ودعمه المادي والمعنوي لها مع أنها کانت أهلية المنشأ. فالشيخ أحمد الجابر تعهد بدفع مبلغ ألفي روبية سنويا لهذه المدرسة وتبرع کل من حمد الصقر، وآل الخالد بألف روبية وکل من خلف النقيب وأحمد الحميضي بخمسمائة ويوسف بن عيسی وآل الساير وناصر البدر وآل زاحم بمائتين وعبدالرحمن البحر بمائتين وخمسين وبلغ مجموع الاکتتاب ثلاثة عشر ألف روبية تحصل سنويا وکان بيت الجمعية الخيرية الذي يملکه آل الخالد علی ساحل البحر فارغا، فتبرع به أصحابه للمشروع ثم أضيف إليه مبنی آخر جديد يقابله فصار للمدرسة مبنيان متقابلان وبلغ مجموع ما صرف عليهما سبعة آلاف وخمسمائة روبية وهکذا أنشئت المدرسة الأحمدية کمشروع شعبي ورسمي في آن واحد جريا علی عادة أهل الکويت وتقاليدهم في مشارکة الحکام الشعب في الأعمال الهامة. (المصدر نفسه:صص 115-116 بتصرف. )

« ولم يغفل المحسنون تبني تعليم الأيتام فقد قام الحاج شملان بن علي بن سيف بتأسيس مدرسة علی نفقته الخاصة عام 1924م تحمل اسم مدرسة السعادة للأيتام. » (الثقافة في الکويت، ص 22.)

ولا تنحصر مشارکة الکويتيين في إنشاء المدارس داخل الدولة في تلک الفترة المبکرة بل تعدت لتشمل أقطارا عربية أخری حيث قام « الشيخ قاسم الإبراهيم بالتبرع لإنشاء کلية إسلامية علی النظم الحديثة بالإضافة إلی سکن للطلبة في مصر وکان ذلک عام 1911م. » (المصدر نفسه: ص 19.)

هذا ولم يکتف طلاب العلم الکويتيين بالمدارس داخل الکويت بل سافر البعض منهم إلی بعض الأقطار العربية للدراسة والتحصيل.

فأول طالب کويتي رحل إلی مصر لطلب العلم هوالشيخ عيسی بن علوي حيث رحل في العقد الثامن من القرن الثالث عشر الهجري إلی مصر ودرس الدين والطب. ومن الدارسين الأوائل في مصر الشيخ أحمد الفارسي الذي اتجه إليها عام 1864 م ودرس في الأزهر حتی عام 1872م وذهب بعد هؤلاء الشيخ مساعد العازمي، الذي درس العلوم الدينية ثم أتقن فن التطعيم ضد الوباء والجدري وبعد أن مکث عدة سنوات رجع إلی وطنه عام 1882م. أما الشيخ الشاب أحمد بن الشيخ خالد العدساني فقد ارتحل إلی الاحساء فقرأ هناک ورحل إلی بومباي الهند فأتقن فن إصلاح الساعات. (المصدر نفسه: صص 18-19 بتصرف.)

ولاينحصر باعتقاد الباحث عدد الدارسين خارج الکويت في هؤلاء بل هناک الکثيرون الذين التحقوا بالمدارس الأجنبية وفق ظروفهم الخاصة فلاشک أن التجار الکويتيين الذين کانوا يقيمون في مختلف بقاع العالم کانوا يودعون أولادهم في المدارس الموجودة في تلک البلاد.

ب- التجارة: لقد أشرنا آنفا أن النشاطات التجارية کانت ذات تأثير مباشر في الحياة الثقافية بشکل عام والأدبية بشکل خاص.

فنتجت عن الحرکة التجارية النشطة ظاهرة مهمة وهي الهجرة من الکويت وإليها و« من بين المهاجرين إلی الکويت أعداد من التجار الذين انتقلوا إليها برؤوس أموالهم وخبراتهم وثقافتهم في مجال التجارة » ( المصدر نفسه: ص 16. )والهجرة إلی الکويت قد تکون من أهم العوامل في تنمية الثقافة في هذا البلد حيث أن المنطقة « أصبحت جاذبة للمهاجرين من جزر الخليج وإماراته العربية علی الساحلين الشرقي والغربي فضلا عن المهاجرين من العراق وإيران وکانت شرائح عديدة من المهاجرين علی دراية کبيرة بثقافة المرحلة بشقيها الديني والدنيوي ومنهم عدد من العلماء الذين جلبوا معهم مکتباتهم الخاصة وعدد من الأسر المعروفة بوفرة علمائها أوباهتمامها برعاية العلم والعلماء. » (المصدر نفسه: صص15-16.)

ولا تنحصر هجرة العلماء إلی الکويت للدواعي الإقتصادية فهناک « کثير من علماء البلدان المجاورة الذين آثروا الابتعاد عن مناطق الصراع أوالاضطهاد المذهبي والعرقي فمنهم من اتخذها دار إقامة ومنهم من هاجر منها بعد حين. وثمة علماء مروا بالکويت في مراحل تاريخية مبکرة منهم من لا نعرف لهم دورا کالرحالة السوري مرتضی بن علوان الذي مر بالکويت عام 1709 م. أما العالم الشهير الذي وصلتنا أخبار عن زيارته المبکرة للکويت فهوالشيخ عبدالرحمن بن عبدالله السويدي الذي زار الکويت عام 1772 م وأقام فيها شهرا، يتنقل بين مساجدها محدثا الناس في شؤون الدين ومنذ نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين ازداد عدد زوار الکويت من العلماء والأدباء والکتاب والزعماء السياسيين العرب، ذوي الرؤية الإصلاحية ومنهم: السيد رشيد رضا، والشيخ حافظ وهبة، والشيخ محمد الشنقيطي، والزعيم التونسي عبدالعزيز الثعالبي، والرحالة أمين الريحاني، و. . . » (المصدر نفسه: صص 35-36.)

وإذا کان من حديث عن هجرة الکويتيين إلی بلدان أخری فتکون الهند في صدر القائمة حيث أن « علاقة الکويتيين التجارية بها قديمة وتعود إلی بداية نشأة الکويت حيث استقر عدد من التجار الکويتيين في الهند بخاصة ثم في سنغافورة وأندونيسيا. » (المصدر نفسه:ص27.)

ولم تکن تلک الهجرات مجرد رحلات تجارية حيث « کانت لهم نشاطات دينية واجتماعية وثقافية لعل من شواهدها إنشاء المدارس العربية والمنتديات الثقافية والخيرية وإصدار الصحف ونشر المطبوعات حيث قام الشيخ عبدالعزيز الرشيد بإصدار مجلتين في أندونيسيا. . . کما أنشأ الشاعر خالد الفرج مطبعة في بومبي فضلا عن طبع بعض المؤلفات الکويتية في المطابع الهندية. » (المصدر نفسه:الصفحة نفسها.)

فلقد أدی تنوع المهاجرين إلی الکويت من ناحية واتصال الکويتيين بمختلف البلدان من ناحية أخری إلی خلق بيئة ثقافية متنوعة في هذا البلد وإتاحة فرص واسعة للاحتکاک الثقافي.

ج- الحرکة الصحافية: يمکن للباحث أن يرصد الحرکة الصحافية في الکويت من ثلاثة جوانب: الأول، الصحف التي کانت تصل الکويت والتي کانت موضع اهتمام الکويتيين. الثاني، الصحف التي کان أبناء الکويت يقومون بنشرها خارج بلدهم. الثالث، الصحف التي کانت تنشر داخل الکويت.

أما الجانب الأول فيؤکد اطلاع أبناء الکويت علی ما ينشر في الصحف والمجلات العربية في أوائل القرن العشرين ما تم العثور عليه من نسخ المجلات والصحف وإيصالات الاشتراک في وثائق الخالد ووثائق الصقر مما يدل علی اطلاع واسع للکويتيين علی الصحف والمجلات التي کانت تصدر في أوائل ذلک القرن من أمثال: (اللواء( وهي جريدة مصرية، يومية سياسية أصدرها مصطفی کامل باشا عام 1900م في القاهرة، و(الدستور( وهي جريدة مصرية يومية، سياسية، تجارية أصدرها محمد فريد وجدي عام 1907م في القاهرة و(الهلال( وهي مجلة مصرية شهرية علمية تأريخية أدبية أصدرها باللغة العربية جورجي زيدان عام 1892م في القاهرة و(المنار( وهي مطبوعة مصرية، شهرية علمية، أدبية، تهذيبية، إسلامية أصدرها في القاهرة العلامة اللبناني الشيخ محمد رشيد رضا عام 1898م و(فتی العرب( وهي جريدة لبنانية بالعربية، سياسية أصدرها معروف الأرناؤوطي عام 1913م في بيروت و(ثمرات الفنون( وهي صحيفة سياسية علمية أدبية أصدرتها جمعية الفنون عام 1875م في بيروت و(الظاهر( وهي جريدة سياسية أدبية تجارية يرأس تحريرها محمد بک أبوشادي بالقاهرة عام 1903م و(المؤيد( وهي جريدة يومية سياسية تجارية أصدرها الشيخان أحمد حافظ والشيخ علي يوسف عوض عام 1889م و. . . . (بحوث مختارة من تاريخ الکويت: صص 97-98 بتصرف. )

«وقد اتجه الکتاب الکويتيون – في بادئ الأمر- نحونشر کتاباتهم في الصحف العربية، الصادرة في العراق ومصر والشام. » (الثقافة في الکويت: ص 62. ) وذلک لأن الإمکانيات لم تکن متوفرة لإصدار الجرائد والمجلات ومن أهم العوائق في هذا المجال عدم وجود المطبعة في هذه الدولة.

والجانب الثاني الذي أشرنا إليه آنفا وهوإصدار الجرائد والمجلات خارج الکويت لاينم إلا عن عدم توفر إمکانيات النشر وعدم وجود المطبعة « فقام الشيخ عبدالعزيز الرشيد بإصدار مجلتين في أندونسيا، الأولی (الکويت والعراقي( عام 1932م التي أصدرها بالتعاون مع السائح العراقي يونس بحري والثانية (التوحيد( عام 1933م التي أصدرها منفردا کما أنشأ الشاعر خالد الفرج مطبعة في بمبي فضلا عن طبع بعض المؤلفات الکويتية في المطابع الهندية. » (المصدر نفسه:ص27. )

کما أصدر عدد من الأساتذة والطلاب للمدرسة المبارکية مجلة في بغداد باسم (مجلة الطالب)
9 عام 1946م حيث صدر منها عددان وتوقفت بعد صدور عددها الثاني. هذا بالإضافة إلی مجلة (البعثة) وهي مجلة ثقافية شهرية صدرت عن بيت الکويت في مصر عام 1946 م وکانت تمثل الطلبة الکويتيين الدارسين في مصر وتولی الأستاذ عبدالعزيز حسين رئاسة تحريرها حتی عام 1950م وخلفه الأستاذ عبدالله زکريا الأنصاري حتی عددها الأخير عام 1954م. ثم مجلة (الرائد) وهي مجلة شهرية صدرت عن نادي المعلمين في الکويت عام 1952م وطبعت في بيروت. ثم مجلة (الإيمان( وهي مجلة شهرية أصدرها النادي الثقافي القومي في بيروت عام 1953م. ثم مجلة (الإرشاد) وهي مجلة شهرية دينية أصدرتها لجنة الصحافة والنشر بجمعية الإرشاد عام 1953 م في بيروت. ثم مجلة (الاتحاد) التي أصدرها اتحاد طلاب الکويت في مصر عام 1955م. وأخيرا مجلة (الرابطة) التي کانت لسان حال رابطة الطلاب الکويتيين في لندن صدر عددها الأول عام 1959م. (المصدر نفسه: صص 68-76 بتصرف.)

أما الجانب الثالث فيتجلی في صدور الصحيفة في الکويت وهذه المغامرة کانت « محفوفة بالمخاطر غير أن الشيخ عبدالعزيز الرشيد المعروف بجسارته أقدم علی خوض التجربة، ونجح في وضع اللبنة الأولی للصحف الصادرة في الکويت. » (المصدر نفسه: ص 64. ) وللصحف الکويتية دور تنويري ومعرفي هام في الحقبة السابقة لاستقلال الکويت کما کانت لها إسهاماتها الهامة في الکشف عن أصحاب المواهب الذين أصبح لهم من بعد دور ريادي في النهضة الثقافية والتطور السياسي والاجتماعي. (المصدر نفسه:ص 64 بتصرف. )

فالشيخ عبدالعزيز الرشيد استطاع أن يحقق حلم الکويتيين بإصدار مجلة ( الکويت) الشهرية عام 1928 م رغم طريقه المحفوف بالمتاعب حيث أن المتزمتين لايجيزون قراءة الصحف ناهيک عن جواز صدورها من الکويت. والمجلة هذه کانت مجلة دينية تاريخية أخلاقية وکان لها دور في هز واقع الرکود، وزعزعة رکئز التخلف، وشحذ الهمم للسير علی طريق التطور. (المصدر نفسه:صص 65-67 بتصرف. )

ثم تلت هذه المجلة - وبعد مضي أکثر من عشرين عاما – صحف ومجلات کثيرة أهمها: مجلة (کاظمة) وهي مجلة شهرية تبحث في الآداب والعلوم والفنون والاجتماع وصدر عددها الأول عام 1948م. وتلتها مجلة (الکويت) حيث قام الأستاذ يعقوب عبدالعزيز الرشيد – نجل مؤرخ الکويت ورائد الصحافة فيها – بإعادة إصدارها عام 1950م. ثم مجلة (البعث) وهي مجلة ثقافية أصدرها الأستاذان أحمد العدواني وحمد الرجيب وصدر عددها الأول عام 1950م. ثم مجلة (الفکاهة) وهي مجلة ذات طابع تهکمي فکاهي صدرت علی مرحلتين: المرحلة الأولی، منذ عام 1950م حتی عام 1951م والمرحلة الثانية، منذ عام 1954م حتی عام 1958م. ثم جريدة (الکويت اليوم) وهي الجريدة الرسمية للکويت صدر عددها الأول عام 1954م. ثم جريدة الفجر وهي جريدة أسبوعية أصدرها نادي الخريجين عام 1955م. ثم مجلة (أخبار الأسبوع) وهي مجلة أسبوعية أصدرها الأستاذ داود مساعد الصالح عام 1955م ثم جريدة (الشعب) وهي جريدة أسبوعية صدر عددها الأول عام 1957م. ثم مجلة (المجتمع) وهي مجلة شهرية أصدرتها وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل عام 1958م. ثم مجلة (العربي) وهي مجلة شهرية أصدرتها إدارة الإرشاد والأنباء بحکومة الکويت منذ عام 1958م ولاتزال مستمرة في الصدور. ثم مجلة (حماة الوطن) وهي مجلة عسکرية ثقافية أصدرتها القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة في الکويت عام 1960م. ثم مجلة ( الهدف) وهي مجلة أسبوعية سياسية صدر عددها الأول عام 1961م. ثم جريدة (الجماهير) وهي جريدة أسبوعية صدر منذ عام 1961م. ثم جريدة (البشير) وهي أول جريدة يومية کويتية صدر عددها الأول عام 1961م. ثم جريدة (الرسالة) وهي جريدة أسبوعية صدر عددها الأول عام 1961م. وأخيرا جريدة (الرأي العام) وهي أول جريدة يومية سياسية يقدر لها الاستمرار في الصدور، صدرت بادئ الأمر أسبوعية اعتبارا من 1961م ثم تحولت إلی يومية. ( المصدر نفسه:صص 65-77 بتصرف.)

د- المؤسسات الثقافية الأهلية: للمؤسسات الثقافية دور هام في تنمية ثقافة البلاد والانسان الذي يوصف بطبعه المدني يميل إلی التعاون الاجتماعي بالفطرة وينتج عن هذا التعاون الاجتماعي أفکار إبداعية تتجلی في إنشاء مختلف المؤسسات والنوادي کالجمعيات الخيرية والمکتبات العامة والنوادي الأدبية ومجالس الوعظ إلی ما لانهاية له من هذه التشکلات البشرية التي تنشأ لصالح الانسان والشعب الکويتي بادر بإنشاء هذه المؤسسات منذ أمد بعيد فهناک العديد من الجمعيات والمؤسسات التي أنشئت لصالح الانسان في هذا البلد نشير إلی عدد منها بإيجاز شديد.

ففي عام 1913م افتتحت الجمعية الخيرية العربية لأهداف ثقافية واجتماعية عديدة منها:إرسال طلاب العلوم الدينية إلی الجامعات الإسلامية وجلب المحدثين والأطباء وقدحققت الجمعية الکثير من أهدافها في تلک الفترة کما افتتحت الجمعية الخيرية مکتبة تحمل اسم الجمعية وتعد المکتبة العامة والأهلية الأولی التي أنشئت في الکويت. (المصدر نفسه: صص 79-81 بتصرف.)

وبعد أن أغلقت الجمعية الخيرية لم يتوقف المخلصون من أبناء الکويت عن بذل الجهود من أجل الاستمرار في إنشاء المؤسسات الأهلية ذات الأهداف الثقافية واتجهوا هذه المرة لإقامة مکتبة أهلية عامة فأنشأؤوا المکتبة الأهلية عام 1922م وانهالت عليها التبرعات من اموال وکتب کما نقلت کتب مکتبة الجمعية الخيرية المغلقة إلی المکتبة الأهلية. (المصدر نفسه:صص 81-82 بتصرف.)

وهناک مکتبات أخری تلت هاتين المکتبتين إلا أنها کانت ذات طابع تجاري منها:مکتبة ابن رويح أوالمکتبة الوطنية عام 1923م وکان لها دور هام في خدمة عشاق القراءة إذ إنها کانت تعتمد أسلوب بيع الکتب وإعارتها مقابل أجرة زهيدة ثم مکتبة ابن الدرع التي لم تدلنا المصادر عن تاريخ تأسيسها وهي مکتبة کانت تهتم بالکتب الدينية. وهناک مکتبة أخری أسسها محمد البراک سميت بالمکتبة القومية وکان اهتمامها ببيع الدفاتر المدرسية والقرطاسيات وخذا حمد المقهوي حذومحمد البراک فأنشأ مکتبة التلميذ ومنذ هکذا تلت المکتبة تلوالأخری وازداد عدد المکتبات التجارية منذ عقد الأربعينات. (المصدر نفسه: صص 97-99 بتصرف.)

ونتجت عن المکتبات هذه ناد سمي بالنادي الأدبي لتلبية طموحات کانت تکبر وتتسع لدی النخبة الواعية وبافتتاح النادي الأدبي عام 1924م انفسح المجال أمام مثقفي البلاد وعلمائها وأدبائها لتحقيق الکثير من طموحاتهم في التوعية بأفکارهم المسنتيرة والدعوة إلی الاهتمام بالعلم، ونبذ الخرافة، ومحاربة التخلف والتزمت. وکلما نتقدم تاريخيا نجد للنوادي الأدبية والثقافية طموحات تتلاءم والظروف السائدة ففي عام 1958م تنادی جمع من المثقفين والأدباء الکويتيين والعرب العاملين في الکويت لتأسيس رابطة تعنی بالثقافة والأدب بخاصة. وفي شهر مايومن نفس العام أعلن عن تأسيس (الرابطة الأدبية( لرعاية النهضة الأدبية في الکويت والاتجاه بالأدب العربي اتجاها قوميا يخدم الفکرة العربية التحررية في سائر أنحاء الوطن العربي. (المصدر نفسه: صص 101-109 بتصرف.)

وهناک ظاهرة ثقافية عريقة في دولة الکويت التي تميزت بها دون غيره من المجتمعات المحيطة بها أوالبعيدة عنها وهي الديوانيات الکويتية التي يعرفها جميع من يتابعون العادات والتقاليد للبلدان المختلفة ولهذه الديوانيات الدور الأکبر في مختلف القضايا الانسانية.

وتعد هذه الديوانيات من أبرز وسائل الاتصال المباشر في المجتمع الکويتي وفيها لايلتقي أبناء الأسرة فحسب بل يلتقي الاصدقاء والمعارف وأصحاب الأعمال والمسؤولون في البلاد وتلعب الديوانية دورا کبيرا لأبناء الکويت فهي النادي والجمعية والمرکز الاجتماعي والمقهی الأدبي والثقافي. وهي ملتقی الحوار والفکر المفتوح دون حواجز وفيها تتداول الأحاديث العامة وتطرح فيها الآراء المختلفة للقضايا التي تهم المجتمع والتي تکون لها قيمة في إثراء الحوار بين المواطنين المسؤولين. (کاظم بوعباس، رؤية للمستقبل (مقالات صحفية)، نقلا عن جريدة الوطن العدد 4525 بتاريخ 26/9/1987، طباعة شرکة المطبعة العصرية، لا تا، ص 181 بتصرف.)

وفي العصر الماضي کان أصحاب الديوانيات رجال المکانة الاجتماعية من التجار والأعيان وأهل الرأي والعلم وکبار النواخذة وقد تغيرت الحال في العصر الحاضر إذ کثرت الديوانيات ولم تعد حکرا علی فئة دون غيرها، حتی إن الشباب والنساء أصبحوا أصحاب ديوانيات خاصة بهم. (الثقافة في الکويت: ص 105 بتصرف.)

هذه هي الحالة الثقافية في الکويت وهي نحونمومتکامل يوما بعد يوم وخاصة بعد استقلال الکويت عام 1961م أصبحت الجهود مکثفة في مجال الاهتمام بالثقافة والعلم حيث افتتحت جامعة الکويت بعد مضي سنوات قليلة من الاستقلال وأثبت تاريخ النشاط الثقافي في الکويث الحديثة عبر العقود الثلاثة الماضية أن الکويت لا تنتج نفطا فقط وإنما تنتج زادا ثقافيا ومعرفيا أيضا، تصنعه عقول ورؤی المثقفين والمبدعين في الکويت. وتجسد هذا الزاد الثقافي العربي في العديد من الدوريات الثقافية والصحف ومعرض الکتب والندوات والمهرجانات الثقافية والفنية وعمليات التبادل الثقافي العربي، والتي أسسها وأشرف عليها ويتابع تطويرها مثقفون کويتيون.

فلا يجهل أحد دور أول مؤسسة متکاملة لرعاية الثقافة في الکويت وهي المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب وإصداره للکتاب الشهري (عالم المعرفة) أهم موسوعة عربية. والمجلس الوطني کان استکمالا وامتدادا للزخم الثقافي الذي حظيت به الکويت عام 2001م عاصمة للثقافة العربية حيث أقام المجلس منذ فجر إنشاءها عدة فعاليات ثقافية منها إقامة الأسابيع الثقافية وإقامة الندوات والمؤتمرات وإصدار العديد من الکتب (الکتاب السنوي، وزارة الإعلام – إدارة البحوث والترجمة، مطبعة حکومة الکويت، ط 2002، صص 243-247 بتصرف.) إلی جانب فعاليات أخری لايسع هذا البحث إحصاءها.

وهناک مؤسسات ثقافية أخری يشمل نفعها الجميع من الکويتيين وغيرهم کمؤسسة الکويت للتقدم العلمي ومؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين ومرکز البحوث والدراسات الکويتية ورابطة الأدباء وغير ذلک من الجمعيات والمکتبات والمؤسسات والنوادي وهناک ظواهر ثقافية أخری کمشارکة المرأة الکويتية في النشاطات الثقافية بوصفها شاعرة وکاتبة وناقدة وقاصة ومعلمة ومتعلمة.

المصادر والمراجع:

1- بحوث مختارة من تاريخ الکويت، د. عبدالله يوسف الغنيم، القسم الثاني، مرکز البحوث والدراسات الکويتية، الکويت، 2007م.

2- الثقافة في الکويت، د. خليفة الوقيان، مطبعة المقهوی الأولی – الکويت، ط2، 2007 م.

3- رؤية للمستقبل (مقالات صحفية)، کاظم بوعباس، نقلا عن جريدة الوطن العدد 4525 بتاريخ 26/9/1987، طباعة شرکة المطبعة العصرية، لا تا.

4- الشعر العربي الحديث في منطقة الخليج، الر شيد بوشعير، دار الفکر، دمشق – سوريا، ط1، 1997م.

5- عالم الفکر، د. أحمد البغدادي:( في مفهوم الثقافة والثقافة الکويتية)، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الکويت، المجلد الرابع والعشرون – العدد الرابع – يونيو1996م.

أستاذ مساعد بجامعة آزاد الإسلامية في کرج

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى