الخميس ٣ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٨
بقلم محمد رشيد ناصر ذوق

الدخول إلى العصر الكرتوني المريض

بعد ( الخروج من الفخ الزيتوني)

كتب كريم كطافة في موقع إيلاف مقالا بعنوان ( الخروج من الفخ الزيتوني) ، هاجم كل من يقول بالقومية العربية حسب زعمه بينما تبين في سياق مقالاته أنه (عدو اللغة العربية رقم واحد و ليس القومية العربية كما يزعم ) واضعا السم في الدسم قالبا الحقائق في محاولة للنيل من هذه اللغة

و لا بد لنا من أن نقول له ، و لسواه ممن سار على ( طياره) :

لا يبرَر الخروج من الفخ الزيتوني أن يحاول البعض الدخول في العصر الكرتوني ( المريض ) و إدخالنا معه ، فتصبح صناعة المقالة في أدب !!!!! هؤلاء الناس ( اقتطاف ) ما يطيب لها من ثمار غيرها ووضعه بصيغتها المريضة الملوثة بمشاريع التقسيم واللا عربية (بحجة أنهم يمارسون هواية النقد الأدبو- سياسي) متشوقين إلى هزيمة اللغة العربية التي لم تتشرف كلماتها ولا سطورها ولا حروفها بأنهم يكتبون كل مقالاتهم بواسطتها.

فالكاتب كريم كطافة لم يقرأ المقال ( بين اللغة العربية و لغة الإغريق ) بعقله ، فانتقد كاتبه ، ربما لأنه قرأه كصياد نصوص تصلح للنقد الكرتوني الذي تعود عليه منذ خروجه من عنق الزجاجة ( العربية ) ليدخل في فضاء الكأس ( الأوروبي ) فغرق هو ومقولاته كلها في لفظة عربية قديمة واحدة أطلقها الإنسان على الإغريق لتدل على غرق بلادهم فحفظوها في الأسطورة اليونانية القديمة.

و عندما استعمل عقله في وضع المرجع للمقال الذي أغاظه فعل كما يفعل الشرفاء عادة و لكن بشكل ( لولبي أعوج ) !!!!!!! فبدلا من قوله في موقع (ديوان العرب) قال ( في موقع الديوان العرب ) ربما ليصعب على القارئ الوصول إلى المقال فينكشف أمره .

لم يستطع كريم قطافة ( و أقول قطافة لا كطافة عمدا ) أن يدرك ما كان يقوله في نفس المقال ، فهو يكتب لمجرد الكتابة ( الادبو سياسية اللا عربية ) و قلمه يجره وراءه موصولا ( بحبل أفكاره) فهو يتبع أفكاره مهما كانت ، أكانت متناسقة أم متعارضة لا فرق المهم أن يكتب وينتقد العصر الزيتوني.

فهو تارة ينتقد المشروع العلماني لا من باب رفض العلمانية بل من باب رفض اللغة العربية الفصحى ، و ينتقد القومية لا من باب عدم الإيمان بالقومية بل من باب كلمة العربية ، فالقومية الفرنسة أو التركية أو غيرها أمر لا بأس به ولكن أن تكون القومية عربية ، فهذا ما لا يصح نظرا لوجود قوميات متداخلة و لهجات ولغات و إثنيات في بلادنا !!!!!!!. ، ثم ينتقد الدين لا من باب النقاش الإنساني الذي يكون لصالح البشرية ، بل من باب الغيظ مستنكرا كيف أن الدين الإسلامي متلازما مع اللغة العربية ، و مما زاده غيظا أن يتطاول كاتب ( متواضع ) مثلي على التاريخ الإنساني فيأتي بأدلة تثبت أن هذه اللغة العربية هي لغة الإنسان!!!!

وإني أبشره انه في كل مقال مجرد عن التحيز و العصبية سيجد ما أقوله من أن كل الدبن السماوي واحد و كل الذي انزله الله متلازم مع اللغة العربية بأطوارها الثلاث ( العربية القديمة – لسان آدم ، العربية المتينة - لسان إسماعيل ، و العربية المبينة – لسان محمد ) و أن تاريخ الإنسان واحد إذا نظر إليه الإنسان بعينيه و لم يغمز بواحدة .

إذا مشروع السيد كريم القطافة هو اللا عربية .

انظروا ماذا يقول عن لغته دون أن يعي تماما ما يقول :

اللغة مع أنها إشارات لأفعال ونوايا وعلاقات، لكنها في كل تجسداتها ( تجسدها) ذات بعد شخصي تدل على مستخدمها. مفردات معينة بطريقة نطق معينة تدلك على شخص بعينه، أحياناً مفردات قليلة تدلك على تجمع بشري قد يكون كبيراً، قبيلة، حزب، مفردات أخرى تعبر عن مهن!!!

(( يقول (ماركيز) في المقابلة الطويلة التي ضمها كتاب (رائحة الجوافة) عن روايته (خريف البطريرك) إنها أكثر رواياتي التي استخدمت فيها العامية، أنها أقرب إلى الأفكار والتعبيرات والأغنيات والللازمات التي يستخدمها سكان الكاريبي أنها تحوي عبارات لا يستطيع فهمها سوى سائق تكسي في بارانكيلا). بينما نحن نقرأ ماركيز المترجم لنا عبر اللغة الأكاديمية للمترجمين بلغة فصيحة ومهذبة إلى حد نتوهم معه أن ماركيز ربما كان يوماً من تلاميذ سيبويه أو نفطويه..!!))-

وربما لم يعرف هذا الناقد الفذ التاريخ فهو منشغل بالحاضر و سياساته و ربما لم يخيره أحد قصة وليم شكسبير ، و لم يتعلم في المدرسة (الابتدائية ) أن كل الناطقين باللغة الانكليزية اليوم في عصرنا الحاضر يعرفون كل مسرحيات شكسبير الخالدة (بالانكليزية الحديثة ) ، أو على الأقل لا بد لهم من معلم و أستاذ في الأدب الانكليزي الشكسبيري ليشرح لهم أن كلمة ( أنت ) بالشكسبيرية التي كتبها شكسبير منذ بضع مئات من السنين لم تعد كما كانت في لغتهم الانكليزية لا لفظا ولا كتابة فليفخروا بذلك مما يدل أن لغتهم حية ، بينما كلمة أنت العربية لم تتغير منذ آلاف السنين ، وللغرابة فكاتبنا الفذ كريم الكطافة يعتبر ثبات الكلمات هذا تحجرا في لغة و موتا لها ، و لو أن ( حراس اللغة العربية ) كما يصفهم ويارهم بفعل الحراسة بدلا من الفلتان اليوم تركوا الحبل للكتبة الأقزام كما فعل الانكليز بعد شكسبير لأصاب العربية ما أصاب الشكسبيرية ولكان علينا اليوم أن نترجم لكل من كتب في بلادنا بلغتنا منذ مئة سنة و ربما اقل من ذلك إلى لهجات و ربما ما كان يتمناه هذا القطاف ( أن تكون كل الكتب العربية مترجمة الى السورية و الفلسطينية و المصرية و المغربية و العراقية ) فيهنأ باله و تهدأ ثورته الغيطية.

ويقول في محاولة لتخويفنا (( لم يكن أمام السدنة القوميين سوى اللجوء إلى تصنيم (صنم) اللغة العربية وإدخالها في بند المقدسات، التي لا يجوز التطاول أو الخروج عليها تحت أي مبرر كان. ومعروف؛ أنك بتحويلك كائن حي –واللغة كائن حي- إلى صنم يعني أنك كتبت شهادة موته ولم يعد صالحاً إلا للقبر أو للمتحف))

و نطمئنه أن فهمنا للأمور سليم و لن يصيبنا الدوار الذي أصابه لأننا نغرف تماما أن لغة شكسبير أصبحت في المتحف أما اللغة العربية الفصحى فهي ما تزال تمن عليه و على سواه بمفرداتها التي كتبت منذ آلاف السنين على اقل تقدير ، أو فلنقل منذ إسماعيل – بن إبراهيم خليل الله مستدلين على ذلك من حديث اصدق الناس رسول الله محمد ( ص) (( أول من فتق لسانه بالعربية المتينة إسماعيل وهو ابن أربعة عشر سنة )) .

لقد أتحفنا هذا الكاتب برأيه – فأن تكون الكلمات الموجودة في اليونانية أو الإنكليزية من أصول عربية بالإضافة إلى التقاطع التاريخي المذهل لا يجعل هذه اللغات عربية في أصلها ، بينما دخول لهجة من اللهجات تصبح جزءا من اللغة الأدبية – تأملوا ما يقول :

(( ما الذي يحدث فيما لو دخلت لهجة من اللهجات الكثيرة المستخدمة إلى لغة النص..؟ في هذه الحالة ما يحدث هو أن تلك اللهجة تكف عن كونها لهجة منفصلة، بل تصبح جزءاً من اللغة الأدبية للنص، بقدر ما تكون اللغة الأدبية للنص قد فقدت شيئاً من نقاوتها العرقية وطهارتها المفترضة))!!!!!!!!

أن أقل ما يمكن آن يقال بكذا ( مناكشة ) هو أن تعصب بعض الناس الأعمى يجعلهم من الظالمين ، فكما أن ظلم بعض الأنظمة للناس – قد يولد ظلما منهم يتعدى نظاما بعينه ليمتد إلى كل الرموز التي حملها هذا النظام حتى لو كان هذا الرمز الشعار يسمى ( الحرية ) ، فإذا أطلق علينا ( كريم كطافة ) أو غيره في يوم من الأيام مقالا يهاجم كلمة الحرية فلا تستغربوا – بل صوبوا لهم عسى أن يفتح الله عليهم .

ولا ندري مدى الظلم الذي تعرض له كريم – ولكننا نستنكر كل الظالمين و نناصر كل المظلومين و نسأل الله تعالى أن يرفع الظلم عن كل البشر

بعد ( الخروج من الفخ الزيتوني)

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى