الثلاثاء ٢١ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠٠٨
بقلم تغريد كشك

الرؤى الجميلة لا تكتمل

ذاكرة الوطن
تأتيني مع كل حب يمضي
مع كل رصيف بارد
مع كل شارع مزدحم بالصفصاف
أبحث في الدويلات عن وطن
عن طقطقة البنادق
عن حارس حدود غائب
عن جسر أزاح الصوت عن المنافي
وأعطى للموت اسماً آخر
 
أراقب لاقتات الشوارع
تغيب عني هتافات كل الحناجر
كأني لم أولد بعد
وكأنهم لا يعرفون موعد موتي
وكأن نوافد البحر غرقت
لكي ترد الموج عن وجه البحر
 
حين بحثت في ذاكرتي عن وطن
انكمشت الأزقةُ ولم يبق فيها متسعٌ
للرياح وللمطر
كنا نفترشُ الطريقَ
وكانت خيولُنا تعودُ إلى الريح ليلاً
وشبابيك اللهفة تُشرع نبضَها
الساكنَ فينا
 
أشتاقُكَ الآن بحجم لحظات اللقاء
بحجم ساعات القلق
وأعرفُ أن الرؤى الجميلة
عادةً لا تكتمل
وأن الخوفَ يأتينا مع العتمة والبرد
 
النهارُ قليلٌ للمتعة
ونحن
كأنا
تماثيل غروب
أو نوافذ هذيان
كسرنا على هامشِ الريحِ إطارَ المرايا
وكانت تلك التفاصيلُ الصغيرة
أكبرَ منا بقليل
 
فكرتُ قليلاً
أن أنسحبَ
خلفَ ظلالِ الليل
كأنني لم أستيقظ بعد
كتبتُ فصولَ القلب
تساقَطَ الخريفُ ألواناً وأوراقاً
كان يتأهبُ للسفر في طريقين
في منعطفيّ الربيعِ والصيف
بين الخيالِ والشمس
بين الشتاءِ والخريف
 
حدسي يَسبقني أزماناً
وأركضُ كثيراً كي ألحقَ به
يسبقني الضوءُ إليه انكساراً
ثم انعكاساً
فأسيرُ إلى الوراء
أتمسكُ بأشعاري التائهةِ قبلك
أجدُها مثلَ الثلج والخمرة
مثل حلم الروح بالرغبة
مثل صحوِ الهذيان
مثل الوردِ ومثل الأقداح
 
أحياناً
تذهبُ أشعاري للنوم قليلاً
وتتركني وحيدة
حينها أدخلُ عالمك بصخب
وأغادر بهدوء
لأن الرغبة فينا
لم تعد تكفي للاحتيال
ولأني أعرفُ أن بريق الأنوثة
يخطو الآن نحو السأم
خطوته الأولى نحو الدهشة
ومع الخطوة الثانية
نستعيد تكوين القوافي
 
أميل إليك ميلاً خفيفاً
كأنني عاشقة
أريدُك أن تضع يدَك على كتفي
كي تمحو المسافة التي قطعَتها
روحي بين عالمين
بين عالم الأرض وعالم الكلمات
 
تُعَريني الأرضُ من وقع خطواتي
والأوراقُ تعريني من وقع الكلمات
وأنا دائماً
أترك الوجوه تمرُ أمامي دون ارتباك
تتركُ بصماتِها على بابِ القلب
تنزع عني غشاوةَ النوم
 
وأنتَ تريد أن تغويني
بدفء تلك الأزقةِ الضيقة
التي لا تشبه رفوفَ العائدين
من المنفى
أفتش بين ذكرياتي
عن أي وقت أحبك فيه
دون أن يدركَ الآخرون
أني أفتشُ عن قبلة تائهة
تداعبُ وجهي مثل الرياح
حينها أبكي كثيراً
ويداعبُ وجهي هطولُ المطر

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى