الخميس ٩ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٠٦
كل جزائري يحب وطنه أكثر حين يغادره
بقلم عمار بولحبال

الروائية ياسمينة صالح في حوار مع الإعلامي عمار بولحبال

تعد الروائية الجزائرية ياسمينة صالح من الأديبات الجزائريات اللواتي يحترقن في صمت وبعيدا عن أضواء الإعلام ... ياسمينة تألقت في كتابة القصة والرواية ونسجت لنفسها فضاء خاصا ، وقد أصدرت في المدة الأخيرة رواية بعنوان : ً وطن من زجاج ً عن دار العلوم العربية ببيروت ، وكانت قد أصدرت من قبل رواية ً بحر الصمت ً وفي هذا اللقاء تبوح بأفكارها .

 س1 : كيف تقرئين المشهد الثقافي في الجزائر ؟
 من الصعب الرد على السؤال في واقع كهذا الواقع و في ظروف كهذه الظروف، و مع ذلك يمكنني الدفاع مع غيري من الأدباء على تلك الخاصية التي نؤمن بها مبدعين و هي شرعية التواجد كأسماء أدبية موجودة بالرغم من كل الصعوبات و المشاكل و المعرقلات و هي جدارية الوطن بكل تناقضاتها و فسيفسائها الغارقة في الفوضى و مع ذلك صنعت كتابا جيدين جدا من قبل و من بعد..
 س2 : ياسمينة صالح من الأدباء الذين يكتبون بصمت بعيدا عن الواجهات المكشوفة ، هل هو اختيار أم واقع يفرضه التهميش الذي يقصي الطاقات الإبداعية ؟
 أنا لا تعنيني الأضواء بدليل أنني لم أهرع إليها كما هرع إليها غيري، تعنيني الكتابة فقط و أنا أمارسها بكامل وعيي و إدراكي و قناعاتي وحريتي أيضا. أما عن التهميش فهو حالة بعينها و قد أصابت جيل من الأدباء الجميلين أيضا، مثلما أصاب التهميش كل المواطنين البسطاء. كل مبدع هو مشروع مهمش، و كل مواطن أصيل هو مشروع مهمش، و لا أقول هذا من باب النقد بقدر ما أقوله عن واقعية ألمسها يوميا، كل جزائري جميل مهمش و ملغي في بعض الأحيان، و يـُمارس ضده الإرهاب النفسي و المادي كي لا يظهر. أنا على يقين أنه أدبيا ثمة طاقات رائعة و يمكنها أن تحقق أشياء مبهرة لو منحت لها الفرصة. لكن ثمة دوما ذلك الإرهاب النفسي كما قلت، ليبقى المبدع بائسا إلى أن يموت فيتذكرونه فجأة و يعلقون على قبره "عرجون" ميت!..

 س3: يعود مصطلح أدب المرأة ليطفو على الساحة الأدبية العربية ويسيل كثيرا من حبر النقاد والكتاب أيضا، كيف تنظرين إلى هذا المصطلح ؟
 سأقول لك بمنتهى الصدق و الصراحة أنه مصطلح لا يعنيني. أعتقد أن العودة الى المصطلحات الكلاسيكية التي أفرغت من محتواها لم يعد مجديا قبالة هذه الظروف الخطيرة التي نعيشها كأدباء و كأوطان على حد سواء، قبالة صراع فكري دولي و صراع حضاري أيضا، و قبالة الحرب التي تشنها الدولة الطاغية على باقي دول العالم لنشر "حق التعادل الجنسي" الذي في النهاية يتناقض مع إشكالية الأدب النسائي أساسا! لهذا لا يعنيني أن أناقش فكرة الأدب النسائي لأنها في الحقيقة تبدو لي أطروحة مفتعلة و غير جدية، فالإشكاليات الأهم بالنسبة لي هل ثمة أدب فعلا في هذا الواقع اللا أدبي !؟
 س4 : اتجه بعض الأدباء الشباب إلى النشر عبر مواقع أدبية على الانترنت ، فهل هي بديلة للصحافة المكتوبة والنشر الورقي أم اعتراف بعجز الصحف على استيعاب الطاقات الإبداعية؟
 لا أعتقد أن ثمة بديل عن القراءة الورقية أو عن الطبع الورقي. للورقة خاصية أخرى، لها روح و ذاكرة و قلب لا تمنحهم المواقع الالكترونية على أهميتها و ضرورتها. ما صنعته المواقع الالكترونية الثقافية أو الأدبية أو حتى السياسية أنها فتحت مجال الحوار و قربت المسافات بشكل مهول، و أسقطت الكثير من أسباب البيروقراطية، باعتبار أن النشر الالكتروني هو البديل إزاء الراهن و ليس إزاء متطلبات الراهن، كون المواطن ينتقي الجريدة في عصر النت و ما زال عدد المتهافتين على معارض الكتاب و على المكتبات لأجل اقتناء كتاب قد يجدونه على النت. ذلك عشق من الصعب تفسير أسبابه سوى أنه عشق لخاصية الورقة التي لا يمكن أن تنافسها الصفحات الالكترونية. و هي في النهاية مساحة للتعبير و للتواجد أيضا و هذا ينطبق على كل المثقفين العرب الذين بدورهم وجدوا في العلاقات الالكترونية بديلا لراهن يعتبرونه مجحفا إلى أبعد حد.

 س5: اتجه كثير من الكتاب الشباب إلى الطبع خارج الوطن، فهل قدر هذا الوطن أن ندخله من خارج حدوده ؟
 قدر الوطن أن نعايشه من الخارج أكثر مما نعايشه من الداخل. كل جزائري يحب وطنه أكثر حين يغادره. حين يغادره تصبح لجغرافية الوطن خاصية مختلفة، و لتفاصيل الوطن طقوس مختلفة و لذاكرة الوطن صوتا مختلف. قدرنا أننا نتعاطى الوطن بذلك الشكل/ الغربة/ الرحيل/ الشوق عن بعد.. حتى و نحن داخله نكتشف أننا لا نعيشه تماما، و أننا نموت فيه لأنه يلغينا أحيانا بطريقة مؤلمة تفتقد إلى اللياقة أو إلى "الأدب" فنلجأ إلى التعويض عبر التطلع إليه من أوطان الآخرين!

 س6 : كتبت القصة القصيرة بأدوات فنية رائعة لكنك اتجهت إلى الرواية ، فأي الفضائيين أقرب إلى ياسمينة ويمكنه أن يترجم بصدق ما يتفاعل بداخلها ؟
 أنا لم أغادر الكتابة نفسها سواء كتبت القصة أو الرواية. ربما في الرواية نفس أطول يثير بداخلي تلك الحالة اللذيذة من التعب و من اللهاث و من الكلام أيضا.. الرواية جريمة حب أرتكبها اليوم بإحساس جميل، و مختلف بالنسبة لي، و حين أقول بإحساس مختلف فأعني أن الكتابة نفسها تشكل عندي حاجة ماسة للحب بطريقة ترضيني، فأنا أكتب عن حب و ليس عن كراهية أو ضغينة.

 س8 : ماذا تقولين في أدب :
زهور ونيسي: الأديبة الكبيرة زهور ونيسي مرجعية حقيقية بالنسبة للأدب الجزائري، و مفخرة من الصعب الحديث عن أدبنا دون التطرق إليها. إنها سيدة تستحق كل التقدير.
أحلام مستغانمي: أقول أن أحلام مستغانمي روائية و أديبة بامتياز حقيقي.
جميلة زنير: كاتبة إنسانية، لها طريقتها في الكتابة و لها طريقتها في البقاء أيضا برغم طقوس الصمت التي نعي أنها تفرض على المبدع أكثر مما يفرضها على نفسه.
فضيلة الفاروق: فضيلة أديبة جميلة بصدق، تكتب بثقة قلما تجدها في أديب، لها حضورها الرائع إبداعيا و الأجمل أنها جزء من خارطة الأدب العربي/ الجزائري الراهن.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى