الخميس ١١ آذار (مارس) ٢٠٢١
بقلم مريم علي جبة

الشاعر موسى جعلوك .. والشعر «الشذري»

عندما قرأت ديوانه"أودية متعرجة" وجدت نفسي أمام شاعر يكتب على طريقة ما يسمى بـالكتابة"الشذرية" ولم أتفاجأ أن يكتب شاعرنا بهذا النوع من الجنس الأدبي على اعتبار أنه درس الفلسفة في جامعة دمشق، والكتابة الشذرية ظهرت أول ما ظهرت لدى الفلاسفة، ..
والشاعر موسى جعلوك حدثنا عن تجربته الشعرية من خلال هذا الحوار معه:

 متى بدأت تشعر بملامح تكوين الكلمة لتصبح فيما بعد قصيدة؟

أميل منذ نشاتي للدراسات الأدبية وكنت أكتب للتسلية ولم افكر بعرض ما أكتبه على أحد باستثناء المقربين جدا في عام 2014 وفي ذروة انهمار القذائف على دمشق القديمة كنا نجتمع لم تكن تجمعنا اللامبالاة بل اقتطاف الحياة بيومياتها وكان ملتقى "يامال الشأم" في باب شرقي وباب توما وكنت ذواقا للشعر وأعادني المنتدى على سكة ميولي ورغباتي ففكرت في لم ما نثرته في مجموعة نثرية يغلب عليها الطابع الفلسفي كوني أعشق الفلسفة وأنا أحد خريجي قسم الفلسفة من جامعة دمشق (اجازة 2001-وبلوم دراسات عليا 2003)

 ما أهمية الحدث برأيك في إثارة حفيظة الشاعر، وهل يحتاج الشاعر لحدث كي يكتب الشعر؟

للخيال في الشعر دورا حارقا اضافة إلى الشعور لكن هذا لا يتنافى أن يكون الشعر والقصيدة لها موضوع وربما أحيانا موضوعي وواقعي والشاعر الحق ليس من يقبع ببرجه العاجي وإنما من يعبر عما في صدور الآخرين وعن معاناتهم وتوصيف الواقع أيضا بصور جمالية تحول القبح إلى جمال وتحفز الطاقات اللاواعية كم نحتاج إلى ملهمة في الغزل والى حادثة تقف عندها خلجات النفس لعل الحدث مؤلم كما في الوضع السوري وربما بقايا فرح نقتات عليه في بناء الحياة والنص أما الخيال فلا أخالف الفيلسوف غاستون باشلار في أهميته ليس في الشعر بل في كل الأجناس الأدبية وحتى في العلوم الطبيعية

 لمن تقرأ؟ وهل تذكر أول كتاب أو ديوان شعر قرأته؟

بصراحة كنت مقلاً في المطالعة في مرحلتي المدرسية الثانوية لكن التأمل والطبيعة لهما حيز من روحي وأنا ابن الفلاح والطبيعة الريفية البرية لكن كان لمقتطفات جبران خليل جبران ولأشعار ايليا أبو ماضي وألف ليلة وليلة والسير الشعبية تلك الكتب أول ما التهما خيالي وفكري

 هناك شعر المقاومة، وهناك شعر الحب، وهناك شعر الومضة وهناك الهايكو وغير ذلك، ما رأيك بالتخصص في الشعر، بمعنى أن نقول: هذا شاعر يكتب شعر وطني، وهذا يكتب شعر للحب، وذاك الشاعر يكتب شعر الومضة والهايكو وهكذا؟

تصنيف الشعر من اختصاص النقاد ولكن كما لدي ذائقة شعرية فهناك تجاورها ملامح نقدية وأنت ياصديقتي أكثر الناس تعلمين دور النقد وخاصة لقارئ الفلسفة أما شعر الهايكو لعله دخيل من الثقافة اليابانية والومضة أوقصيدة النثر لاتلقى عند حد الآن الإعتراف الكافي بها ولا أنحاز لأي نوع من أنواع الشعر فالشاعر يبرز بفكره وبشعوره الجمالي المنبعث من قاع عميق وكوني أكتب الومضة أو كما أحب أن اسميها الشذرة فهي نوع أدبي يميل إلى الإختزال والتكثيف والتناقض وتفتيت الأفكار والأحرف وإعادة بنائها قدتقولين لي هذه طريقة الإمبريالية الإمريكية في الشرق الأوسط الجديد لكن لا يصلح فكر بسياق كما في سياق آخر وأنا هنا مع تجديد نزار قباني ومع رمزية سعيد عقل المدهشة الخارقة ولا احبذ الشعر العمودي الذي يقسر الفكرة لصالح الوزن

 حروب، فوضى، انقسامات، هجرة، وباء في ظل كل هذا الذي يحدث في العالم.. ما رأيك أنت كشاعر.. وحبذا لو يكون جوابك على سؤالي شِعراً؟

مايحدث في العالم ليس جديدا ففي جوار السلام والشعو والمحبة والإخاء مايزال جشع رأس المال وصاحب المال والرأسمال لايفكر بشعوره بل رأسماله الأسود هومن يقوده وهذا حال الدول الكبرى التي يحكم اقتصادها الجشع ودور الجمعيات الإنسانية والفكر والأدب محدود بل أن هناك فكر يسوغ العنف وثقافة السوق والقسر بأختصار مايحدث الأن ليس نهاية الكون رحم الله سعد الله ونوس والحروب مستمرة منذ تشكلت الدول أما مايهمني فهو وضع المواطن السوري المذل والمتعب من تلك الحرب الجائرة وكنت قد كتبت عن حالة تجاورني فقلت: لم يبق لدى جارتي كبريت ..ولا عود ثقاب..ودّعت فاكهة الشتاء دارها ذو الأسوار المهترئة والباب المخلوع....لم يعد بالدار ولا بالحي جمّال واحد ..الدار التي أغفت على ربوة تنشد رغيفاً..تعفر حجارة الصوان من حيطانها لتفاجئ الغد ...هنا استعرت شطرا من الشاعر عبدالكريم الكرمي أبوسلمى رحمه الله.

 الإبداع والفقر.. ما رأيك بهذه المفارقة؟

الفقر لو كان رجلاً لقتلته كيف لا وشعب سورية في ذروة الفقر ولكن كان إخواننا الفلسطينيين قدوة لنا في الأدب والفكر وبجواره الفقر والهجرة والرحيل وكان غسان كنفاني له ثلاثة أيدي يد للفكر وأخرى تحمل خيمة العوز والفقر والثالثة تحمل بندقية رفض الظلم والغصرار على الحق والعودة ..أكثر الشعوب كتابة هي من تعاني والفقر احدى أكثر الألوان معاناة ..

 ديوانك الأول "أودية متعرجة" الصادر عن دار "دلمون" بدمشق.. ماذا تحدثنا عنه؟

كتاب أودية متعرجة صادر عن دار دلمون الجديدة بدمشق عام 2020 صنف ككتاب شعر وهو يميل للكتابة الشذرية القصيرة جدا وفيها من الكثافة الكثير وتباينت الأذواق حوله وهو ينحى نحو الرمزية والغناء وكونه كتابي الأول فهو يلزمه الكثير وسأتجاوز الأخطاء كون لي مخطوطين على الطريق وقد ساعدني الأصدقاء والقائمون على الدار وكذلك المراكز الثقافية السورية على الاحتفاء به.. وهو ما اعتبرته لبنتي الأولى لمشروعي الشعري في قادم الأيام.
ما جديدك؟

نعم لدي كتاب عن الاسطورة بدلالاتها ورمزيتها وهو مخطوط حاليا وكذلك لدي مجموعة شعرية قيد النور بعنوان مدينتي وهي كتابة شذرية لكن القصائد فيها أطول بكثير مما في أودية متعرجة.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى