الثلاثاء ٧ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٠٤

الشاعر موسى حوامدة.. من جهة البحر الى جهة الشعر

القاهرة (رويترز) - يتخلص الشاعر الاردني موسى حوامدة في ديوانه الجديد من منصة المصلح الحكيم التي كان يطلق منها دواوينه السابقة لتأتي النتيجة لصالح الشعر والشاعر الذي أدرك أهمية الاخلاص للابداع بما لا يتناقض مع ما يعتبره قضية عادلة.
والديوان الذي حمل عنوان (من جهة البحر) صدر في الاونة الاخيرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت ويضم 15 قصيدة تتفاوت في الطول ولكن روحها تميل الى الحلم بوطن الشاعر الذي يقع منه على مرمى حجر ولكنه لا يستطيع الوصول اليه.

ففي قصائد حوامدة الفلسطيني الاصل تحية لاسماء شعراء ومتصوفين تحدوا بقلقهم الوجودي السلطة في عصورهم وتعرضوا للقتل ومنهم الحلاج والسهروردي ولوركا كما تتناثر أسماء مدن فلسطينية وأسماء أطفال فلسطينيين راحوا ضحايا رصاصات طائشة أو قصف يراه متعمدا وربما يرجع السبب الى غياب الوطن كما يقول في قصيدة (أنجو من طعنة بروتس)..

"ليس لي وطن أمارس فيه اللهو والجبروت ( ولا ديار يقصدها المسافرون ) أو مخافر تعتقل الحنين والضيوف ( لي منفى ) يرحل من منفاه الى لغتي ( أبحث عني في كلماتي ) فلا أجدني."

الشاعر الذي يعذبه أن يشاهد جثته "تسير بلا كفن" يخشى الخديعة التي يعاني قابليته لها ولكنه في كل الاحوال يريد وطنا حقيقيا كما يلخص ذلك في قصيدته (أذهب قبل غيري للخديعة)..

"الحسرة مرة ( لكنها تكبر أحيانا ) لتصير شعبا كاملا ( برئيس وحرس.."

وربما كان مصدر هذا الخوف من الوطن الذي لايزال حلما أن أحدا لا يحتمل العيش بلا كبرياء أو كرامة تحت راية علمه الوطني في حين كان مستعدا لبذل روحه في سبيل حرية هذا الوطن الذي تنبت منه بعد الاستقلال أصنام تمنحها السلطات الوطنية حق القداسة.

ولكن موسى حوامدة يعلن في قصيدته (أحسن الى الحمامة القتيلة) أن "الاصنام بريئة من طقوس المريدين ( الاصنام لا تعشق من يعبدها ) ولا تكره من يريق لها القرابين."

ومثل كثير من الحالمين لا تشغل الشاعر الحرية المنقوصة كأن تعلق على باب البيت "خرقة بالية ( نؤدي لها التحية ) كما يفعل كل المجانين."

ولا يراهن الشاعر الا على الشعر وحده مؤمنا بأن القضايا الكبيرة لا تشفع وحدها لقصيدة متواضعة بل يعي أن القضية مهما تكن عادلة يلزمها شعر حقيقي لا تثقله الشعارات. ولهذا يكاد الديوان يخلو من الاشارة الى ما تنقله النشرات التلفزيونية يوميا من ممارسات في حق الفلسطينيين على المعابر مثلا فضلا عن حظر التجول وهدم منازل.

ويلجأ الشاعر في قصيدته (شجر الحنين) الى وصف مصائر الايام بكثير من الشفافية فيقول "البنات اللواتي كن يلعبن معنا ( كبرن سريعا ) تساقط التوت عن أفخاذهن ( كبرت صدورهن ) تثنت قاماتهن ( انتفخت بطونهن ) ثم ولدن أطفالا لا يشبهوننا ( صرنا اباء ) تخطى بعضنا اللعبة ( وقورا يبحث لاحفاده عن زوجات صالحات."

ولكنه حتى في هذه القصيدة نفسها يتذكر أن له دورا فيلجأ الى التحذير قائلا "بلادنا صالة قمار ) قاعة ترانزيت ( غرفة نوم للغريب ) المفاتيح التي حملها الاجداد صدئت ( تهتكت أبوابها) في اشارة الى المفاتيح التي لايزال فلسطينيون في الشتات يحملونها لابواب بيوتهم منذ أجبروا على تركها عام 1948.

ولحوامدة أربعة دواوين منها (شجري أعلى) و(أسفار موسى .. العهد الاخير).

من سعد القرش


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى