الاثنين ٢٣ حزيران (يونيو) ٢٠٠٨
بقلم عبد الرزاق الدرباس

الشاعر

الليل يسجد في يديك فلا تخف.
وعرائس الجن التي هجرت كهوف الوقت..
أحرقت الملف.
انثر بذورك في شفاه الجرح و انتظر المطر..
فلربما بصقت عليها كل أسراب الخفافيش القميئة..
للأسف.
ولربما دمعت عيون قصيدة عذراء..
يهواها رجال الوزن و التقطيع و التطويل..
في زمن الحذف.
** ***
اسكب دنان الدمع فوق حسيس نار جهنمك..
حتى يطاول من ركام الوجد..
شهقات القباب.
صور ملاحة حسنها..
وتنفس الصبح الشقي على ملامح وجهها..
وافرط تويجات البنفسج فوق خصر صبية..
قد مرغت خد الشقائق بالوسادة..
والكتاب.
خاطب نواح النسوة اللائي نقـشـن بكل سطر..
من لياليك المبعثرة النجوم..
وأغلق الميناء بالكفن المطيب..
حين يتشحون بعدك بالبياض..
فتنتشي في ساحة الأرحام..
حفلات السباب.
دق المسامير الشهيدة في تلافيف النعوش..
وغن في تلك الجنائز مرة:
يا حادي العيس التي غاصت برمل الغار عند ( قريشنا )
صفرا على صفر..
ليبتدئ الحساب.
** ***
الحبر يغرق راحتيك فلا تمانع.
وعجين أمك صار أرغفة مربعة..
وبطن القبر جائع.
ارصف حروفك فوق جسر الباكيات على الغريب..
وترقب الغادين صوب نهاية النهر العجول..
ومادروا أين المنابع؟
كل الكلام قلائد ثقبت شفاه الورد..
والتـفت على خصر الأنوثة..
مثلما الثعبان فيه السم ناقع.
** ***
خبئ بحور الشعر و الكلمات..
في دمك المباح.
حتى إذا جاؤوك ينتهكون حرمة إصبعيك فقل لهم:
إني دخلت السجن ثم خرجت أقوى..
وركلت بالأقدام ثم نهضت أعلى..
وطليت بالروث الطري فصرت أحلى من أناقتكم و أغلى..
قل لهم:لا ضير مهما قد فعلتم..
بعد موتي سوف أحيا..
بعد إخراسي سينطلق الصياح.
خبئ بحور الشعر في دمك المباح..
فعصرنا العربي معصور مثقب..
وزماننا عجب و رقص القرد أعجب..
الشاعر الفحل الذي هزم الرياح.
** **
اندب تجاعيد الجبين و هالة العينين..
والشعر الذي هجر السواد.
فكل سيدة مضت يبيض منها نصف رأس..
ولكل طاغية و وغد قطعة من لحم مشوي الفؤاد.
لملم بقايا حلمك المقموع بالتفتيش و التنبيش و التخديش و (البقشيش )..
في زمن العمولات التي جعلت بلاد العرب..
كبشا في المزاد.
اثقب خواصرك الطرية عل آها تفضح الليل الخبيء..
وارسم قيودك مثل خلخال يهز الأرض عند سقوطه..
ويحن للرجلين عند الابتعاد.
يا شاعرا كتب الزمان على الورق..
وتكورت دنياه مثل النهد في أوج الشبق.
كفكف دماءك، إن جرحك نزف أوردة البلاد.
وبياض شعرك شمعة ولهى تذوب..
لكي تنير لنا ظلام الشمس أيام الحداد.
** ***
غيم هي الكلمات حين تقولها..
والصوت برق.
ليهيج بحر من أكف الراحلين غداة تلويح الوداع..
على الطرق.
شفتاك نبع سلالة المر المصفى..
حين تسكبه بثغر حبيبة نامت على شوك الرياح..
وجدلت حبل الضفائر مثل مشنقة الزعيم..
بغير حق.
صلبوك فوق كروم أوراق مقلعة التخوم..
رجموك في حفر الهزيمة حين توقيع العهود مع الخصوم..
جعلوك أصناما و خلوا الفأس مغلولا..
إلى ذاك العنق.
يا شاعرا حرق المراحل في غبار الوقت لا تصمت..
فطعم موائد الكلمات لم يبرح فمك..
وربيع عينيها سيبذر ياسمين الوعد..
في كل الطرق.
** ***
ليت الحروف مخارز..
لسملت عين الناظرين إليك بالحسد.
وقرأت ( قل هو ) و المعوذتين و الكرسي..
فوق تميمة الولد.
السيل من شريانك المصفود يجري..
والتنانير التي فارت سترمي في شباكك..
حبلة المسد.
ستهيم خلف الريح تسبح في ذنوب الهدهد اليمني..
عند مفيض مأرب حيث يهرب منك ماء السد للسدر القليل..
وكثرة الزبد.
اظمأ فكل منابع الأرض ارتوت من حلو دمك..
ثم نقاها الفرات من القذى..
فمشت إلى حيث النهاية دون أن تلوي..
على أحد.

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى