الثلاثاء ١ حزيران (يونيو) ٢٠٠٤

العازف العراقي نصير شمه يقدم لحناً لمعتقلي "ابوغريب" من الرباط

خديجة العامودي ـ الرباط

خديجة العامودي من الرباط: لم يخف عازف العود العراقي نصير شمه روح الدعابة التي مازال يحتفظ بها رغم فظاعة العالم وخرائبه حين قال للصحافيين الذين حضروا لقاء جمعه بهم اليوم في الرباط إن "الصحف المغربية تكتب اسمي بديمقراطية كبيرة لأن كلا منها تكتبه على طريقتها" وزاد مازحا "أتمنى أن تتنازل هذه الصحف عن قليل من الديمقراطية وتكتبه هذه المرة صحيحا".

بيد أن الفنان العراقي الذي حضر إلى الرباط مساندا ضحايا الزلزال العنيف الذي ضرب الحسيمة في الرابع والعشرين من شباط (فبراير) الماضي لم يخف أيضا تذمره من واقع عربي "أصبح أكثر قتامة وبطشا". وقال "كنت دائما لصيقا بما يدور حولي من هموم ولعل تجربتي الموسيقية تأثرت كثيرا بالأحداث المتسارعة التي تحدث في العراق"، واستطرد قائلا " لا يمكن للفنان أن يبقى في مكان قصي عن مآسي الناس".

وقال شمه الذي يعتبره البعض أكبر عازف منفرد على العود في العالم " قررت أن أكون بلسما من ابن العراق لضحايا زلزال الحسيمة كما وقف المغرب غير ما مرة تجاه أبناء العراق، وأنا اليوم هنا نصير لأبناء هذه المدينة".

وكشف في السياق نفسه أنه سيقدم في الحفل الذي سينظم الثلاثاء المقبل في مسرح محمد الخامس في الرباط عملا جديدا يحمل عنوان "حرية موت" يدين فيه بلغة الموسيقى التعذيب والإذلال الذي تعرض له الأسرى العراقيون في سجن أو غريب على أيدي قوات الاحتلال الأمريكي وعلق ساخرا "إنها الحرية التي أتوا بها للعراقيين". كما سيقدم عملا آخر بعنوان "أبناء الأرض" وأوضح أنه يتكلم عن شباب العراق الذين غيروا المعادلة والواقع السياسي وينعي من خلاله الزمن العربي.

وأعلن الفنان العراقي أن الحفل الفني الذي سيحييه في الرباط سيقدم أعمالا جديدة تتمثل "الجروح والآمال التي تشغل الناس".
وقال شمه بغير قليل من التفاؤل إن الأزمة علمته كيف يربي الأمل في الغد موضحا أن "العراق يشهد كل يوم الموت كما يشهد الولادة أيضا"، وزاد "أترحم كل يوم على شهداء المقاومة العراقية وأستبشر خيرا بكل مولود جديد لأن الحياة علمتني أن أنظر إلى ما سيأتي".

وأشار إلى أن الفنون تعني الكثير للشعوب وأن أقل هذا الكثير أنها تنقل معاناتهم إلى العالم وتساعدهم على الصمود موضحا أن الشخصية العراقية تنطوي على حساسية شديدة وأن العراقي الذي يطارده الرصاص والقنابل بحاجة إلى فنان يجدد فيه روح الأمل ويحفظ له نبض وجدانه ويقوي استبساله في الدفاع على أرضه".
وكشف الفنان العراقي أنه سيقدم في شهر حزيران (يونيو) المقبل بمشاركة ستة من أكبرالمؤلفين الموسيقيين العرب عرضا موسيقيا بقيادة مايسترو كبير وقال إن كل مؤلف سينقل موقفه مما يجري في العراق وسينقل العرض مباشرة على قناة الجزيرة.

ولم يستبعد شمه أن تعمل أمريكا على تضييق الخناق على الفنانين العراقيين لمنع تأثيرهم على الشعب العراقي وقال ساخرا من المحاولات الأمريكية للقضاء على حضارة العراق "كيف يمكن لبلد عمره خمسمائة عام فقط أن يقضي على الحضارة العراقية الضاربة في القدم والتي يتجاوز عمرها تسعة آلاف عام".

وقال الفنان العراقي إن ما وصفه بالإسفاف الفني الذي "نعيشه هو إيذان بمرحلة جديدة ستكون خلاقة ومؤثرة وستساهم الثقافة في تزكيتها"، وأضاف أن المجتمع حينما يكون مريضا ينتج بالضرورة فنا مريضا وأن الحالة السياسية المتردية تنعكس على المستوى الفني عموما وقال "لا يمكن للفنان إلا أن يتأثر حينما يشاهد حكاما مثل الشيطان الأخرس لا تحكم إلا بما يراد لها" بيد أنه توقع أن تفرض العملة الجيدة نفسها بعد سنوات بعد أن تطرح الرداءة جانبا".
وعبر نصير شمة عن إعجابه بما أسماه "الثراء الذي تعرفه الموسيقى المغربية في المقامات والإيقاعات" وأوضح أن المغرب والجزائر هما من أكثر البلدان التي استطاعت أن تحافظ على تراث زرياب، وقال إنه يفكر في الاشتغال على "مقامات مغربية مستوحاة من الطرب الأندلسي".

حضر اللقاء عدد من الفنانين المغاربة الذين أشادوا بالتجربة الفنية الملتزمة لنصير شمة وبإسهاماته الكبيرة في تطوير العزف على آلة العود.

خديجة العامودي ـ الرباط

عن ايلاف


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى