الاثنين ٢٦ آذار (مارس) ٢٠٠٧
بقلم مهند عدنان صلاحات

الكتاب الورقي ينتصر على تحديات العولمة...

التراجع في المطبوع لم يشمل سوى الصحافة

يرى عدد من الباحثين والكتّاب والمختصين العرب أن الكتاب الورقي لم يزل يحافظ على مستواه المتقدم في ظلِّ تحديات التقدم العملي وثورة المعلومات، وسيطرة الثقافة الإلكترونية بكل تفاصيلها من مواقع ومنتديات وصولاً إلى الكتاب والرواية الرقمية وإتحادات كتاب الانترنت وغيرها، وأن الكتاب الورقي بكل أشكاله الثقافية والعلمية والترفيهية لم يزل يتصدر لعدد كبير من الأسباب، أهمها أن هذا الكتاب يحتاج فقط لإلمام في القراءة بينما يحتاج الكتاب الإلكتروني لإتقان مهارات كثيرة أخرى مثل استخدام الحاسوب، وطريقة الحصول عليه في مقابل الكتاب الورقي الذي يسهل الحصول عليه من المكتبات، إلا أنهم لم يقللوا من أهمية الكتاب الإلكتروني إلى جانب الورقي وليس على حسابه، خاصة وأن الكتاب الإلكتروني يختصر المسافات، والحدود السياسية، ويستطيع تجاوز الرقيب عبر تبادله بين المهتمين والقراء عبر البريد الإلكتروني بعكس الورقي الذي يمكن حظره أو تداوله بين القراء.

في حين يرون أن الصحافة الإلكترونية والفضائيات تتفوق بشكل ملحوظ على الصحافة الورقية التي بدأت تتلاشى وتشهد إقبالاً أقل خلال السنوات العشر الأخيرة بسبب لجوء القراء الى الانترنت والفضائيات لسرعي تلقي الخبر.

(الكتاب الإلكتروني بديلاً مجرد وجهة نظر عربية)

وهذا ما أكده كتّاب عرب تحولوا إلى الكتابة والنشر الإلكتروني، أو أسسوا أو شاركوا في تحرير صحف ومجلات إلكترونية، أو صاروا أعضاءً في اتحادات الكتّاب على الإنترنت، مثل الأديب العربي عادل سالم والمقيم في الولايات المتحدة، ويرأس تحرير مجلة ديوان العرب الإلكترونية، والذي أكد أن الكتاب الورقي لا زال بخير ويتصدر القائمة، وأن مثل هذه التساؤلات حول تراجع مكانته في الوقت الحالي لا تطرح إلا لدى الكتّاب العرب الذين يروجون لانحسار الكتاب الورقي، لأن الكتاب الإلكتروني قد حلّ محله، والحقيقة التي لا يريد أن يعترف بها كتابنا أن الكتاب الورقي عندنا يتراجع لأننا جمهور غير قارئ.

وأضاف سالم أنه من المبكر جداً أن نحكم على الكتاب الورقي بالانحسار، فلا زال في الدول الأكثر استخداماً للإنترنت مثل أمريكا يلقى رواجاً كبيراً، ولا زالت محلات بيع الكتب الأمريكية تعرض آلاف الكتب الجديدة كل عام وبنسخ تتجاوز الملايين، فكيف نحكم نحن – أقل الشعوب استخداما للإنترنت– على الكتاب الورقي بالانحسار لأن الكتاب الإلكتروني قد حل محله، فقبل الحكم بذلك يجب أن يكون لدينا مراكز أبحاث وطنية توضح ذلك بالأرقام، والدلائل. والغالبية الساحقة من الشعوب العربية لا تستخدم الانترنت بسبب الفقر، أو الأمية المنتشرة في صفوفنا.

وعزى سالم هذا الانتشار الكبير لمقاهي الإنترنت في الدول العربية بأنه ليس دليل تقدم بقدر ما هو دليل فقر؛ لأن المواطن العاجز عن شراء جهاز في بيته هو الأكثر استخداما لمثل تلك المقاهي، وليس الذين لديهم أجهزة متطورة في بيوتهم ومكاتبهم، وأماكن عملهم.

وأضاف: علينا أن لا ننبهر كثيراً في الانترنت فلا زلنا في عتبة الشبكة العنكبوتية، ومعظم الكتب العربية المنشورة في الشبكة إنما تنشر فيها ليروج لها لضعف الإقبال عليها ورقياً، بسبب قلة القراء العرب، والذين لا يقرأون الكتاب ورقياً لن يقرأوه على الشبكة.

عادل سالم

وعلق سالم على فكرة كتاب الإنترنت أو وجود اتحادات لهم قائلاً: لا أومن باتحاد كتاب انترنت، فهذه تسمية في غير مكانها، لأن الكاتب يحدده قدرته الإبداعية وليس وسيلة النشر التي يتبعها. ولا يمكن أن يكون الإنترنت بديلا حقيقيا للورقي وخاصة أن ما ينشر في الشبكة غير موثق في الغالب، ولا نعرف مدى صحته.

وأضاف : لم أسمع في الدول الأخرى مثلا باتحاد كتاب إنترنت، ومعظم الذين يكتبون على الشكبة بالعربية لغتهم ركيكة وأفكارهم هامشية ولا يبذلون جهدا لتطوير قدراتهم ولغتهم، وإنما يدافعون عن أخطائهم.

(لم يحن الوقت أن يُنعى الكتاب الورقي) .

عبد السلام العطاري

أما الشاعر عبد السلام العطاري سكرتير اتحاد كتّاب الانترنت العرب / فرع فلسطين، فلم يكن بعيداً عما جاء به سالم، فهو يرى أن الكتاب الورقي حالة من الصعب تجاهلها ومن الصعب الاستغناء عنها بهذه السهولة ولو جاءت مئات الثورات الرقمية لأنه من الصعب تناول أو قراءة رواية من خلال شاشة تقيس نبضك عليها وتشعل فتيل التوتر، وأن اتحادات كتاب الانترنت والمننتديات وغيرها من مستحدثات إلكترونية على المثقف ووظيفته لا تطرح بديلاً للكتاب، بل تطرح شيئاً في اتجاه أخر هو إما للخروج عن دائرة الرقابة، أو توفير مساحة أو منبر للكتابة للكتاب الجدد، وحيث أن نشأة اتحاد كتّاب الانترنت العرب ليس بديلاً أو متوازيا مع أي منظمة أو هيئة ثقافية وإنما جاء بفكر وأسلوب جديد هدفه توظيف وتجميع كل الإبداع الأدبي الالكتروني لخدمة قضايا الثقافية والأدبية عبر ما يقوم به الاتحاد من تنسيق للجهود مع مؤسسات حكومية وغير حكومية. واضاف أنه من المبكر جداً الحديث عن بدائل عن الكتاب الورقي، على عكس الصحافة الرقمية التي يراها باتت تحتل وتحل مكان الصحيفة الورقية، حيث باتت الصحافة الالكترونية كما الفضائيات –بحسب العطاري- تحمل أخبار وأنباء اللحظة مما يستدعي القارئ أن لا ينتظر الصباح ليقرأ الخبر.

(ليس الكتاب بل الحالة الثقافية العامة)

أما الباحثة في شؤون المجتمع المدني، نادية أبو زاهر من مدينة نابلس فقد كانت لها رؤية مخالفة لمن سبقوها، فهي ترى أن الثقافة الإلكترونية ستصعد على حساب الورقية سواء في مجال الصحافة أو الكتاب، فهي تعتبر أن هذه حالة عامة، ومرحلة تقدم شاملة، لا يمكن أن يتقدم مجال ويبقى مجال أخر على ذاته، وقالت أبو زاهر: إن الثقافية الإلكترونية ستكون لها السيطرة والغلبة، فالكتاب الورقي قد مضى له مجد لن يتكرر مجدداً بعد أن تربع على العرش طويلاً. فبعد أن ظلت الكتابة حكراً على نخبة محظوظة في سائر المجتمعات الذين توفرت لهم ظروفا للنشر، سرعان ما ظهر للكتاب الورقي منافس لا يُستهان به يتأهب الفرصة لإنزاله عن عرشه، هو الكتاب "الرقمي". كما وجِد للكتّاب "الورقيين" منافسين جدد هم الكتّاب "الرقمييون" الذين وجدوا في النشر الرقمي فرصة لهم لم يكونوا يحظوا بها من قبل لنشر كتبهم "الرقمية".

نادية أبو زاهر

وأضافت : إلا أن الكتاب الإلكتروني لا يمكن على الأقل حتى الآن أن يكون بديلاً بشكل حقيقي، لأن الكتاب الورقي يحتاج فقط للإلمام بالقراءة والكتابة، بينما الكتاب الإلكتروني يحتاج إلى تعلم مهارات أخرى إلى جانب القراءة والكتابة كتشغيل الحاسوب، وكذلك مصدر للطاقة، وتقيد في المكان، بعكس الكتاب الورقي الذي يمكن اصطحابه في أي وقت وإلى أي مكان. وخاصية الحماية من التلف، حيث إمكانية التلف للكتاب الورقي أقل من الإلكتروني الذي بلحظة يمكن أن يتلف.

كما أن الكتاب الإلكتروني لا يوجد عليه حماية لحقوق المؤلف ويسهل سرقته على عكس الكتاب الورقي.

وترى كذلك أبو زاهر أن هذه الكتب الإلكترونية لها عيوبٌ كثيرة منها ارتفاع أسعار القارئات، وعرضتها للأعطال، وسرعة تقادمها نتيجة التطور الحثيث للتقنية، فضلاً عن قلة عدد العناوين المتاحة الكترونياً بلغات معينة على غرار اللغة العربية فإن تراجع نسبة اقتناء الكتب المطبوعة لن يلغ مستقبل الكتاب الورقي ولن يحول دون انتشاره لكونه لا يزال جزءاً من العملية التعليمية، وهو المساهم الأساسي في استمرار مؤسسات اقتصادية كبرى، كما بإمكانه الوصول إلى أماكن كثيرة لا تغطيها شبكة الانترنت. أما الكتاب الإلكتروني فهو أقل عرضة لتهديد المصادرة والمنع المنتشر في بعض الدول. كما أن هناك إمكانية للتخلص من قيود الكمية للطبعات وعدم نفادها.

ولكن ابو زاهر وافقت الكاتبين بأن الصحافة الورقية هي التي تسير نحو الأفول، وهي بداية التحول نحو الحالة الثقافة الإلكترونية، فهي ترى أن الصحافة الورقية في طريقها إلى الاندثار، لأن الانترنت أصبح ينتشر بشكل كبير جدا وبدأت تزدهر صناعة الصحافة الإلكترونية بشكل لافت للنظر، وهناك العديد من الميزات للصحف الإلكترونية أهمها سرعة نشر الخبر حال وصوله، وليس كما هو الحال بالنسبة للصحافة الورقية التي تحتاج إلى الدخول في عملية طويلة حتى تصل القارئ.

التراجع في المطبوع لم يشمل سوى الصحافة

عن الدستور الأردنية

صالة العرض


مشاركة منتدى

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى