الأحد ١١ آذار (مارس) ٢٠٠٧
بقلم نوري الوائلي

اللعب بالغذاء كاللعب بالنار

ما أكثر المتاجرين بغذاء الإنسان ابتداء من شركات التصنيع الغذائي ومروراً بدارسي الأغذية ومختصو الرياضة والرشاقة والتجميل والعلاج الطبيعي والصيني والعشابين وغيرهم من غير الأطباء والأطباء المختصين بالتغذية. فأصبح الإنسان خاصة في البلدان المتقدمة والمتطورة حائراً أمام العدد الهائل من الريجيمات الغذائية والنصائح التجارية وإعلانات أصحاب المعجزات وكتب الباحثين عن المال والشهرة فاختلط الحال وأصبحنا لا نعرف ماذا نأكل وماذا نشرب وخاصة بعد ازدياد البراهين والدلائل العلمية ومن خلال الأبحاث الطبية على علاقة الغذاء بالأمراض والصحة العامة، وخلال هذه الأيام دوت آذاننا كما دوت السوق نظرية تربط غذاء الإنسان بصنف دمه وما أدري هل يمد الله في عمرنا لنرى نظريات تربط علاقة الغذاء بالجنس أو اللون أو الشكل أو المكان أو الأصل أو العشيرة. ومع الأسف بدأنا نلاحظ كتابات تظهر هذه النظرية وكأنها حقيقة بل بدأت بعض مراكز اللياقة والرشاقة تنصح الناس بتناول غذاءهم اعتماداً على صنف دمهم دون أن تعرف هل هناك دعم بحثي ومصداقية علمية لما قيل وقال.

أخي القارئ: أقولها بصدق وإيمان بأن صحتك، غذاءك وحياتك مرهونة بما يدخل جوفك من غذاء وهواء وما تستعمل من أعضاء جسمك ضمن ميزان الإنسان. هذا الاعتقاد جاء من خلال تجربتي المتواضعة والقصيرة في إثبات ما للغذاء من دور مهم في الحماية والعلاج وما اطلعت عليه من تجارب وأبحاث العلماء والأطباء والباحثين من مختلف أنحاء العالم. وقد كتبت مقالات سابقة حول أهمية الغذاء وجعلته واحد من أهم أركان مثلث المرض الذي يطوق العالم. ونظراً لزيادة الأمراض من ناحية ولارتفاع معدلات نسبة المصابين بالسمنة القاتلة ظهرت ريجيمات كثيرة جداً هدفها تخفيف الوزن بدافع الرشاقة والجمال، هذه الريجيمات معظهما لا تستند على دليل علمي أو بحث أو اعتراف جهات علمية مختصة. وفي هذا المجال نشر في نهاية التسعينات من القرن الماضي كتاب حول الغذاء وصنف الدم لأحد المختصين بالطب الطبيعي واعتمد فيه على خبرة والده الذي يعمل في نفس المجال. هذا الكتاب أحدث جدلاً طويلاً ووضعت أكثر من علامة استفهام على مصداقيته العلمية والطبية.

رغم علاقتي الوثيقة بالغذاء واطلاعي على أبحاث المختصين بالصحة والغذاء لم أعرف أن هناك علاقة تذكر بين صنف الدم ونوع الغذاء الذي يتناوله الإنسان. ولكني عرفت الموضوع من مقالات نشرت في الصحة والطب حول الموضوع ومن إعلان لأحد المراكز بأنه يستعمل ريجيمات خاصة تعتمد على صنف الدم. وأثارني هذا الموضوع وبدأت بالاطلاع على خلفيات الموضوع من خلال تصفح مخازن الأبحاث والمعلومات الطبية الخاصة بالمنشورات والدوريات المحكمة والرصينة. فوجدت بأن الموضوع غاية في الخطورة من الناحية العلمية ومن الناحية المتعلقة بالعقيدة وبما جاء في القرآن الكريم وأن النظرية لها ارتباط بنظرية التطور البايولوجي للإنسان. فدعنا أخي الكريم نطلع على هذا الموضوع من جوانبه الطبية والدينية لتعرف أين نحن وكيف نتعامل مع هذه النظرية وغيرها قبل أن نسلم بمصداقيتها ونعالج بها خلق الله عز وجل، فاللعب بالغذاء كاللعب بالنار أو أشد ضرراً.

نظرية أصناف الدم:

أظهرت الدراسات الأنثروبولوجيا أن أول إنسان ظهر قبل 50 – 170 ألف سنة في أفريقيا. وكان الإنسان بدائياً متوحشاً لا يعرف شيئاً عن الغذاء والزراعة. فكان يأكل اللحوم عن طريق الصيد وبقايا ما أكل السبع والضبع والحيوانات المفترسة. كان الإنسان لا يملك وسائل الصيد فكان يأكل الحيوانات الصغيرة مثل القوارض. لا يعرف اللغة ولا الكتابة. إنسان مختلف اختلافاً كاملاً عن الإنسان الحالي. هذا الإنسان البدائي لديه صنف واحد من الدم هو صنف O ونظراً لأن الإنسان يأكل بروتينات حيوانية بكميات كبيرة فإن دماغه كبر وازداد حجمه لذلك تطور فكر الإنسان وبدأ يأكل الخضروات والثمار. وقبل 30 ألف سنة بدأ الإنسان يتعلم الزراعة وتدجين الحيوانات ويسكن في القرى والمدن. هذا التغير في الغذاء أدى إلى تغير في مناعة الإنسان وفي جدران أمعائه وبالتالي إلى ظهور ناس يملكون صنف دم جديد هو صنف الدم A. الناس أصحاب صنف الدم O هم أقوياء ولهم معدة قوية تملك حامض قوي وعالي ويستطيع هضم اللحوم والشحوم. يتصف أيضاً هؤلاء الناس برغبتهم بالاعتداء والعراك والعصبية. أما صنف الدم A فهم هادئون ويعتمدون بصورة أساسية على الخضروات والفواكه. وخلال عشرة إلى خمسة عشر ألف سنة قبل الميلاد ظهر صنف الدم B. وهذا ناتج عن تغير المناخ وهجرة الإنسان. ويمتاز أهل شرق آسيا مثل الصين وسكان جبال الهملايا بأن الكثيرين يملكون صنف الدم B. هؤلاء الناس لديهم جهاز مناعي قوي وجهاز هضمي متطور مما يسمح لهم بتناول المواد الغذائية الحيوانية والنباتية. إذن ظهور صنف الدم A بسبب تغير الغذاء وظهور صنف الدم B بسبب تغير المناخ. فأصحاب صنف الدم B يمكن أن يعيشوا في أجواء مناخية قاسية مثل قمم الجبال. قبل 900-1000 سنة فقط ظهر صنف جديد هو AB بسبب الهجرات المختلفة للإنسان والتزاوج.

إن نسبة توزيع أصناف الدم هي0 4—45% من سكان العالم لديهم صنف الدم O، 35-40% لديهم صنف الدم A، 4-11% يملكون صنف الدم B وأن أقل من 2% يملكون صنف الدم AB.

الأشخاص من صنف الدم O موجودون بكثرة في الغرب ويشبهون إنسان الكهف، يأكلون اللحم، الفواكه ولكن لا حبوب ولا منتجات ألبان. الناس من صنف الدم A يكونون عادة قلقين وشكوكيين، في ألمانيا توجد بنسبة عالية من صنف الدم A. أكثر الأصناف انتشاراً في الصين واليابان هي B&O.

تعتمد النظرية على أن السكريات الموجودة علىسطح الخلايا والتي تعطي هوية صنف الدم تبدأ بالتكتل عندما يأكل الشخص مواد غذائية تحوي على مادة (Lectines). هذه المواد هي مواد بروتينية وتكون موجودة بكثرة في الحبوب. أي عندما تأكل غذاءً غير متطابق مع صنف الدم فإنه يؤدي إلى تكتل الخلايا في الأمعاء وفي الدم. هذا التكتل يؤدي إلى حدوث الالتهابات وضعف المناعة. ويذكر واضع النظرية بأن الأغذية المناسبة حسب فصيلة الدم تؤدي إلى تقليل الوزن وانخفاض الكولسترول.

بالإضافة إلى ذلك فإن الجراثيم التي تحمل نفس علامات صنف الدم الذي يملكه الشخص لها القدرة على مهاجمته وتدمير خلاياه.إن الجزء الثاني من النظرية يشير إلى تأثير الغذاء على صنف الدم من خلال وجود الجراثيم والمواد المخاطية المفروزة من الأمعاء التي تحوي على الهوية الجينية لصنف الدم، وهذا يؤدي إلى زيادة إفراز مادة Indicans التي تظهر في البول. وأيضاً تقول النظرية بأن إفراز الحوامض والأنزيمات المعوية له علاقة بصنف الدم. فمثلاً صنف الدم O لديهم ارتفاع شديد في حموضة المعدة.إن مادة Lectines يمكن أن تتحد مع الكريات الدموية البيضاء وتسبب الالتهابات.

مخاطر النظرية:

باختصار فإن النظرية تؤكد على أن الناس يجب عليهم أن يأكلوا اعتماداً على صنف دمهم. وإذا لم يطبقوا الأنظمة الغذائية التي وضعها مؤلف الكتاب فإنهم يصابون بالسمنة والمرض.

احتوى القرآن الكريم آيات عظيمة حول خلق الإنسان وسكنه وطبائعه ونفسيته وغرائزه ومأكله ومشربه وذاته وتفكيره وعقائده وسيرة كثير من المجتمعات القديمة. وعن خلق الإنسان هناك الآيات الكثيرة التي تصف خلق آدم عليه السلام من تراب وخلق زوجته حواء عليها السلام وكيف علمهم الله الأسماء الحسنى وأسكنهم الجنة وأمرهم بأكل كل شئ واختبر وفاءهم بالشجرة والشيطان وتاب عليهما وأسكنهما الأرض مستقر إلى حين. قال تعالى: (لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم , سورة التين - سورة 95 - آية 4). وقال تعالى: (وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين. قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم. قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السموات والأرض وأعلم ما تبدون وما تكتمون سورة البقرة - سورة 2 - آية 31 ). (وقلنا يا ادم اسكن انت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين سورة البقرة - سورة 2 – آية 35 ) وفي هذه الآيات الكريمة يستطيع المؤمن أن يدرك المدلولات التالية:

1- الله عز وجل خلق آدم من تراب الأرض وخلقه بيديه دلالة على عظمة الخلق ودقته وتوازنه وجماله وروعته. خلق الإنسان في أحسن تقويم وأحسن صورة (يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم الذي خلقك فسواك فعدلك في أي صورة ما شاء ركبك سورة الإنفطار - سورة 82 – آية 8). والإنسان المخلوق الوحيد المستقيم الذي يرى إلى الأمام بصورة معتدلة. إذن الإنسان خلقه الله بأحسن صورة من ناحية التركيب والشكل والوظيفة والتفكير والعقل.

2- علم الله سبحانه وتعالى الإنسان من علمه وعلمه علوماً وأسماءً لم تعرفها ملائكة الرحمن. إذن الإنسان مخلوق رباني معلم بذات مستقلة وبإرادة حرة وبتكوين غاية في الاتزان والروعة. روعة وعظمة تركيب الإنسان النفسية والبايولوجية أذهلت العلماء والأطباء والباحثين فكل شئ في الإنسان متوازن ودقيق وجميل ابتداءً من الخلية وانتهاءً بجسم الإنسان كاملة. إذن الإنسان معلم من قبل الله عز وجل وفطر على ما علمه الله بالإضافة إلى ما أودع الله فيه من الطبائع والغرائز التي تعمل على استمرارية وجوده ككائن بايولوجي حي.

3- أسكن الله عز وجل الإنسان الجنة. وأمره أن يأكل كل شئ فيها. ولو تتبعنا الآيات المحكمات حول ما في الجنة من أجواء وأغذية لوجدناها مليئة بالشجر والفواكه والخضر والمياه الجارية وأنهار العسل واللبن بل فيها كل ما يشتهي الإنسان ولدينا مزيد (لهم ما يشاؤون فيها ولدينا مزيد سورة ق - سورة 50 – آية 35 ). لذلك الإنسان عاش في الجنة يأكل من الشجر والفواكه والخضروات وغيرها مما خلق الله عز وجل له فيها.

4- عندما عصى آدم ربه وتاب عليه وأنزله إلى الأرض كان يعرف عن حياته في الجنة وعن معصيته وعن الأكل والشرب والفواكه والشجر وغيرها مما كان يأكل في الجنة. هذه المعرفة تأتي لأن لديه ذاكرة والإنسان لا يمكن أن تكتمل ذاته إلا بالذاكرة. فحياته لا معنى لها إلا بالذاكرة.

من هنا ندرك طبعاً كما جاء في عقيدتنا بأن آدم مخلوق جميل وكامل ومتوازن ومعلم من قبل الله عز وجل ويعرف ماذا يأكل ويشرب وكيف يتكاثر ويفكر.

وبدأ مرحلته الأولى في استثمار خامات الأرض لسكنه وغذائه وحياته. هذا الجنس البشري آدم الذي نحن من سلالته لا يتعدى خلقه عشرات الآلاف من السنين. أما هل خلق الله كائنات حية شبيهة بالإنسان قبل آدم فالله أعلم. ولكن أظهرت الدراسات بأنه تم العثور على جماجم لكائنات ميتة مقاربة للإنسان الحالي سميت بأسماء كثيرة مثل إنسان جاوة. وهذه الجماجم تعود إلى بضع ملايين من السنين. ولله في خلقه شئون.

لذلك أخي القارئ إن هذه النظرية تستجيب لنظرية التطور البايولوجي والذهني للإنسان. فكما رأيت تفترض بأن آدم وذريته كانوا متوحشين لا يعرفون الغذاء والشراب واللغة والمخاطبة والتفكير واقتصر غذاءهم على أكل الحيوانات الصغيرة والجيف وما أبقى السبع والضبع وكان صنف دمهم.O كانوا أقوياء ولديهم معدة قوية وحموضة عالية جداً لهضم اللحم. ولكثرة أكلهم اللحم نضج دماغهم وأصبحوا أذكياء. هذا الكلام لا يمكن أن يتطابق مع المنظور العلمي أو الديني. أقرب إليك الصورة أخي القارئ. إن هضم اللحوم يحتاج إلى أنزيم الببسين الذي يتكون من الببسنوجين بواسطة حامض المعدة. ولكن إذا زادت حموضة المعدة دون 1.5 فإنها تؤدي إلى توقف إنتاج الببسنوجين، كما يرى واضع النظرية. من ناحية أخرى كيف يكون الإنسان غبياً وازداد ذكاءه وانتفخ مخه عن طريق اللحم. لماذا لا يحدث هذا للسباع والضباع.

ويعتقد أيضاَ واضع هذه النظرية بأن الناس يموتون بسرعة في الماضي ولكن هذا غير صحيح فقد دلت تجارب الإنسان والحوادث التاريخية وما جاء في قصص الأنبياء عليهم السلام في كتاب الله عز وجل بأن الإنسان قديماً كان يأكل كل شئ وأن عمره مقارب لعمر الإنسان الحالي بل كانت صحته أحسن وتحمله أكثر وكانت لياقته كبيرة عند الشيخوخة.

أريد أن أؤكد على أن صنف الدم موجود قبل ملايين السنين في الحيوانات الأخرى مثل القرود ولم تظهر أي تطورات في مكوناتها الجينية الخاصة بصنف الدم. لم أستطع العثور على أي دليل علمي على أن صنف الدم o تتطور إلى أصناف أخرى. وقد نشرت المجلة العلمية للبايولوجيا في أمريكا عام 1996 مقالة أظهرت بأن الإنسان القديم كان يأكل اللحوم والفواكه والخضروات وفي نفس الوقت يولد جهاز مناعته مواد مضادة ومقاومة (FEBS Letter, 1996, 379, 139). Lectines

إن مادة الكتين المسببة للخلل كما تقول النظرية عبارة عن مادة بروتينية وأن هذه المادة تهضم وتحطم في المعدة، أي أن معظمها يتحول إلى مواد أخرى قبل أن يتحد مع الهوية البروتينية لصنف الدم إذا كان صنف الدم غير مطابق للغذاء.

إن زيادة مادة Indicans في البول ناتجة عن التفاعل السلبي للأكل مع صنف الدم كما تقوله النظرية الدارونية الجديدة، ولكن هذه المادة تزداد في أمراض كثيرة جداً وخاصة أمراض الأمعاء وغيرها ولا يقتصر زيادتها على صنف الدم.

أريد أن أؤكد مرة أخرى بأنني قمت بإجراء مسح شامل للأبحاث الطبية والبايولوجية المنشورة في المجلات الموثوقة ولكن لم أستطع العثور على أي بحث علمي أو دراسة طبية في أي مؤسسة عالمية علمية معترف بها أثبت علاقة الغذاء بصنف الدم. لذلك أخي الكريم لا توجد أي دلائل علمية ملموسة في الوقت الحاضر على صحة هذه النظرية. بل أزيدك علماً بأنه تم دراسة صنف الدم لملايين الناس ولم تظهر وجود علاقة بين الغذاء وصنف الدم والأمراض.

صحيح بأن أصحاب الدم o أكثر عرضة للإصابة بقرحة المعدة وصنف الدم A أكثر عرضة للإصابة بسرطان المعدة. ولكن العلاقة مع الأمراض الأخرى قليلة وغير مؤكدة. بالإضافة إلى ذلك فإن الأبحاث العلمية أظهرت بأن أصحاب الدم O ليس بالضرورة لديهم زيادة في حموضة المعدة كما يقول صاحب النظرية.

صاحب النظرية يدعي بأن أكل المواد الغذائية التي لا تتطابق مع صنف الدم يؤدي إلى زيادة الوزن والأمراض. وأن تناول الغذاء المطابق لصنف الدم الذي اقترحه يؤدي إلى تخفيف الوزن وإزالة المرض وشفاء الناس. ولكن أين الدليل العلمي؟ أين التجربة والبحث الذي يدعم هذا الرأي. أخي القارئ إن الدراسات التي أيدت هذه النظرية اعتمدت على تجارب شخصية للمرض. أعطيك مثالاً. الأشخاص الذين يبدلون برامجهم الغذائية ويقتصرون على أصناف معينة من الغذاء يحسون في البداية بتحسن في الجسم وقلة في الوزن. وهذا يحدث عندما يبدل الأشخاص غذاءهم اعتماداً على صنف دمهم. إذن الفائدة ليس بالضرورة لها علاقة بصنف الدم. بالإضافة إلى هذا قل لي أيها القارئ ما بال القرون الأولى. منذ خلق الله عز وجل الإنسان لحد الآن والناس تأكل ما لذ وطاب من خلق الله ورزقه (يا بني ادم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا انه لا يحب المسرفي سورة الأعراف - سورة 7 – آية 31 ). لم يرد دليل في القرآن أو السنة النبوية يشير إلى علاقة صنف الدم بالغذاء والصحة ولم يوجد دليل على علاقة صنف الدم بالأمراض أو صنف الدم بالغذاء علمياً وجينياً. هل الإنسانية ما تتناول من غذاء كان خطأ ومضرة على الصحة.

وهل الإنسان مريضاً اليوم لأنه يأكل غذاء لا يتطابق مع صنف دمه أو بديناً لأن غذاءه غير متطابق مع دمه. هل الناس النحيفين الآن وعلى مر العصور يأكلون غذاءً متطابقاً مع دمهم وهل الناس الأصحاء والرياضيين والشباب يأكلون غذاءً متطابقاً مع فصيلة دمهم.

لو نظرت أخي الكريم مرة أخرى لأصناف الغذاء التي وزعت حسب فصائل الدم. فيها عبث وتلاعب كبير فهي لا تؤمن بالغذاء الصحي السليم المتوازن.

أعطيك مثالاً: إن الغذاء الذي يعطي للأشخاص صنف الدم O هو غذاء مضر بالصحة إذا اعتمد عليه الإنسان المعاصر فاللحم الكثير يؤدي إلى أمراض كثيرة. إذن كيف أجعل 40-45% من خلق الله يأكلون اللحوم بكثرة لا لشيء ولكن صنف دمهم O.

إذن لهذه النظرية مخاطر كبيرة. فلها مخاطر على صحة الإنسان ومخاطر على عقيدتنا كمسلمين نؤمن بكتاب الله وتصويره لآدم عليه السلام. بالإضافة إلى ذلك فإنها تحرم الناس من مواد غذائية كثيرة جداً. إذا كنت فقيراً من صنف الدم O فمن أين تأتي باللحم كي تتجنب المرض.

يقول الدكتور جيب رئيس قسم أبحاث الصحة والغذاء في كامبردج-المملكة المتحدة: أن فقدان الوزن الذي يدعيه صاحب النظرية هو ناتج عن تغير أنواع الأغذية وليس لها علاقة بصنف الدم. ويقول البروفسور لين، رئيس قسم الغذاء البشري في جامعة كلاسكو أن هذه النظرية الغذائية غير مجدية وليس لها علاقة بصحة الإنسان.

نظريتي في الغذاء:

أنا أؤمن بأن جميع المواد الغذائية التي حللها الله عز وجل للإنسان هي ملائمة ومتوافقة مع جميع بني البشر. فالإنسان السليم له الحرية في اختيار أي مادة غذائية يتناولها بشرط أن تكون هذه المواد الغذائية مواد طبيعية كاملة متوازنة وغير مصنعة أو مغيرة أو مخربة جينياً.

الأرض مليئة بالمواد الغذائية المتنوعة، والإنسان يستطيع أن يعيش على عدد قليل من هذا الكم الهائل والأنواع الكثيرة للمواد الغذائية. ولكن ننصح الإنسان بالاعتماد على أصناف خاصة من المواد الغذائية أو تقليل و الامتناع عن بعضها إذا كانت هناك حالات تستدعي ذلك:

1- المناخ: ومن لطف الله عز وجل أنه خلق الفصول وجعل لكل فصل ما يناسب الإنسان فيه من المواد الغذائية مثل المحاصيل الشتوية والمحاصيل الصيفية. لذلك أعتقد بأن المناخ ودرجة الحرارة يمكن أن نعتبرهما أحد الأركان التي يمكن أن ننصح الناس بالإكثار من بعض المواد الغذائية.

2- المرض: يمكن أن يكون سبباً للإكثار من بعض المواد الغذائية أو التقليل وحتى الامتناع عن أنواع معينة من الأغذية. أعطيك مثالاً: مرض الحساسية يمكن أن ننصح المريض بالامتناع عن المواد الغذائية التي تسبب له الحساسية بعد أن نجري له فحص التوافق الغذائي وفحص الحساسية الغذائية.

3- العمر والحمل: يمكن أن تكون سبباً أخر لمنع أو زيادة تناول أنواع معينة من المواد الغذائية.

4- نوعية الغذاء: هل هو طبيعي كما خلقه الله أو مصنع ومخرب.

كل هذه الحالات من المناخ، المرض، العمر، الحمل، وغيرها تغير غذاء الإنسان أي أن الإنسان يقتصر على تناول مواد غذائية معينة. هذا المنع أخي الكريم مؤقت ويزول بزوال السبب أو الظروف. ولكن نظرية الغذاء وصنف الدم تحرم أو تمنع تناول مواد غذائية عن الإنسان طول عمره وتحرمه من نعم الله عز وجل لا لسبب واضح أو علمي ولكن لأن صنف دمه في هذه الفصيلة أو تلك. أنا شخصياً لا أؤمن بهذا المنطق حالياً لأنه لا تتوفر دلائل علمية على صحته. ولا أعتقد أن يتوافق مع منطق الخلق والدين. ونظريتي في الغذاء تؤمن في الحقائق التالية:

1- أن جميع المواد الغذائية المخلوقة والمحللة هي صالحة للاستهلاك من قبل الإنسان بشرط أن تكون مواد غذائية طبيعية كما خلقها الله.

2- يستطيع الإنسان أن يعيش على بعض المواد الغذائية ولا تستوجب الصحة السليمة تناول عدد من المواد الغذائية.

3- كلما قل أكل الإنسان وخاصة بعد سن البلوغ والنمو زادت صحته قوة ومتانة.

4- أكل المواد الغذائية في مواسمها أفضل من أكلها في غير موسمها فالمحاصيل الشتوية أفضل في الشتاء والصيفية أفضل في الصيف لأن الغذاء له علاقة بالمناخ ودرجة الحرارة.

5- لا أؤمن بوجود علاقة بين الغذاء وصنف الدم لعدم توفر الأدلة العلمية حالياً.

6- أقسم الناس إلى قسمين، القسم الساكن والقسم المتحرك. القسم الساكن من البشر هم من أصحاب المكاتب مثلاً أو الناس الذين لا يستعملون جهازهم الحركي. والقسم الثاني هم الناس الذين يستعملون جهازهم الحركي بصورة سليمة ومتوازنة. اعتماداً على هذا التقسيم أستطيع أن أقسم الأغذية إلى قسمين أغذية مناسبة للناس المتحركين وأغذية مناسبة للناس الساكنين. وسوف أشرح هذا الموضوع في مقالة لاحقة تظهر أنواع المواد الغذائية بجداول خاصة وصالحة لهؤلاء الناس.

7- لا يجوز لأي كائن أن يمنع الإنسان من تناول بعض المواد الغذائية أو يقتصر غذاؤه على أنواع خاصة دون غيرها إلا إذا كانت هناك عوامل تستوجب أن تغير نظام الإنسان الغذائي مثل المرض، العمر، الحمل، المناخ، وأيضاً الحركة.

8- إن أكل المواد الغذائية المصنعة والمعلبة والمجمدة والمخربة جينياً والمنتوجات الحيوانية الحالية ضررها أكثر من نفعها.

9- كما قلت سابقاً فإن اللعب بالغذاء كاللعب بالنار ولا يجوز تغيير غذاء الإنسان بدوافع غير ضرورية أو علمية أو علاجية وأن تتم بيد المختصين والأطباء وأن تعتمد قوائم الأغذية أو الريجيمات الغذائية على المصداقية العلمية.

10- نظراً لتغير المواد الغذائية وشدة الطوق الذي يحيط بالإنسان من قبل مثلث المرض لم تعد جمع المواد الغذائية الحالية موافقة لجسم الإنسان أو صالحة له وهذا ما نعرفه من فحص التوافق الغذائي.

يجب علينا ككتاب أو أطباء أن لا نطرق موضوعاً مهماً يتعلق بصحة الإنسان وكأنه حقيقة واقعة دون مصادر علمية ومرجعية معترف بها. وعلى الإنسان العادي أن يتأكد من حقائق الأمور قبل الأخذ بالنظريات الجديدة وخاصة تلك التي تمس صحته وحياته. حالياً لا يوجد دليل علمي أو بحثي واحد يثبت بالصدق علاقة الغذاء بصنف الدم. ولو افترضنا إنسان من صنف الدم o طبق هذه النظرية وكان يأكل اللحوم بكثرة وهي المليئة بالدهون المشبعة وهو في قسم الناس الجالسين ويعيش في مناخ حار ماذا يحدث له؟؟ سيصاب بداء النقرس وتصلب الشرايين والسمنة وارتفاع ضغط الدم وينهك جسده في التخلص من فضلات السموم. بل إن هذا الصنف محروم من كثير من المواد الغذائية وخاصة المملكة النباتية. ولو طالعنا كتاب الله عز وجل لوجدنا بأن الله عز وجل رزق الإنسان من كل الثمرات والخضروات. أن معظم ما جاء في القرآن هو ذكر للعنب والتمر والتين والزيتون والرمان والفواكه والخضروات وهي غذاءه الأساسي. وماذا يفعل أصحاب صنف الدم o إذا من الله عليهم وأدخلهم الجنة. ماذا يأكلون؟ أما الصنف A فيأكلون النباتات ولا يتلاءم جسمهم مع اللحوم. إن هذه النظرية قسمت الناس إلى قسمين قسم يأكل المملكة الحيوانية وقسم يأكل المملكة النباتية وقسم قليل يأكل من الإثنين. ولكن ما دور المرض، الحركة، العمر، الحمل، المناخ، نوعية الغذاء، التصنيع الغذائي، التخريب الجيني، وغيرها من المواضع التي يجب أن يغير الإنسان فيها طعامه.

أنا لا أريد أن أنتقد فقط وأقول هذا صحيح وهذا خطأ من وجهة نظري المبنية على ما هو موجود من حقائق علمية بل أنا أرحب بكل نظرية جديدة أو علم جديد ولكن يجب أن يقرن بالدليل العلمي والتجربة الإنسانية قبل أن يطرح للناس للاستعمال أو التطبيق. ولا أدري ربما يأتي اليوم الذي تظهر الدلائل على علاقة الغذاء بصنف الدم أو تظهر علاقة الغذاء بلون الإنسان أو جنسه أو ديانته ولكن يجب أن يكون مقاسنا الأول هو ما جاء في كتاب الله عز وجل وسنة نبيه العظيم (صلى الله عليه واله وسلم) والعلم السليم والتجربة الصحية.

وأخيراً أتمنى أن يأكل الإنسان أي شئ خلقه الله للأكل على شرط أن يكون طبيعياً كما خلقه الله عز وجل. إن الغذاء رحمة عظيمة من الله عز وجل ولا يحق لأي كان أن يتلاعب بالغذاء ويصف للناس أغذية ويمنعهم من أغذية أخرى دون الحاجة لذلك.. والله الموفق.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى