الجمعة ١٦ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠١٢
بقلم أمينة شرادي

المدينة و الجمال

بمناسبة الدورة الخامسة للمعرض الجهوي للكتاب، قامت المديرية الجهوية للثقافة بتكريم الكاتب المغربي "حسن اغلان". أقيمت بالمناسبة لقاءات وعروض موازية لهذا التكريم. كان هناك عرض يتمحور حول "المدينة كأفق للكتابة". لقاء أداره الكاتب "حسن اغلان" بحضور كل من ذ.عبد الواحد منتصر وذ.سعيد أصيل. كان عرضا متميزا وهادفا. بتدخلات الأساتذة وحتى الحضور.رغم أن المكان كان لا يليق بالحدث. حيث نوقش معنى المدينة عند العرب؟ و هل العرب عرفوا المدينة؟ و ماهي المدينة الحالية التي نعيش بين جدرانها؟ و كيف صورت المدينة عند بعض الكتاب العرب؟ هل هي المباني الخالية من كل جمالية التي تنبت كالطفيليات؟ لأن الهم الرئيسي هو السكن بغض النظر عن كل بعد جمالي يريح النفس و العين. أم هي تلك المساحات الخضراء التي تضيف بهاءا و رونقا للمدينة مع تصميم يحترم شخصية هذه المدينة؟ والمثير للانتباه، رغم أهمية العرض، كان هناك غياب تام لكل من يدبرون شأن هذه المدينة.كأنهم غير معنيين.غريب أمر هؤلاء المسئولون، إن تسيير المدينة يحتاج إلى بعد نظر. والتقرب من المواطنين حتى نعرف اهتماماتهم و أسئلتهم..التقرب من المفكرين و المثقفين،و إشراكهم في تدبير شأن المدينة. لأن الأسئلة الكبرى تدفع بكل بلد إلى الأمام. المدن عندنا بلا روح و لا جمال. اختفى الجمال من المدينة، بحيث لا ترى عينك عند اشراقة شمس كل صباح، سوى الأزبال تتراكم و تتقوى كمستعمر جديد. وتحولت إلى جزء من المدينة كأنه شيء عادي. احتلال الملك العمومي بشكل علني وعشوائي كأنك بسوق كبيرة حيث تتزاحم الأجساد بشكل آلي مهين. مقاهي هنا و هناك..تخدش العين وتقضي على ذاك النسق الجمالي الذي نبحث عنه. محلات لإصلاح السيارات أو محلات لبيع المسمن...محلات تفتح في أي مكان مع أي كان..تحدث غالبا خللا في السير العام للمدينة..أين هو المسئول الذي يعطي التراخيص؟ هل يطلع على المكان المطلوب؟ هل له تصور كيف يجب أن تكون عليه المدينة؟ أين هو المسئول المثقف؟ أين هو الجمال في حياتنا بصفة عامة؟ فعلا، المسئولية يتقاسمها حتى المواطن و المواطنة. لأن المنبع هو التربية. على ذكر التربية، بالأمس كنت بالمدينة، فجأة، شاهدت قرب بناية كانت ستكون بناية الفن و الثقافة لكنها تحولت إلى أطلال. قلت، رأيت رجلا بلباس متحضر ومتمدن، يقترب من الحائط ويتبول بكل هدوء وروية كأنه في بيته. اشمأزت روحي للمنظر المقرف والذي يقترف بكل تأكيد مئات المرات في كل الأماكن من جنبات هذه المدينة المظلومة. مع أنه في الجانب الآخر من الشارع،هناك مراحيض. صحيح ستكون غير لائقة لكن الأفضل التبول في المكان المناسب لاحترام إنسانيتنا.و في الوقت نفسه، تذكرت روبرطاجا عن الولايات المتحدة الأمريكية و من الصدف في هذا الربورطاج، أنه كانت هناك دورية شرطة تتجول بمدينة نيويورك لحفظ الأمن، تتوقف بسرعة و تتجه صوب رجل كان يتبول قرب شجرة؟. كيف بالأول الذي قام بفعلته بكل حرية و كأنه أمر عادي ولا يحترم مدينته ولا يحمل بذرة جمال بنفسه و يدعي المدنية و بالثاني الذي اقترف نفس الفعل لكن مع وجود من يحمي جمال المدينة بكل صدق ومسئولية ويوضح له خطورة ما قام به. هل التمدن باللباس و البنايات الشاهقة و السيارات آخر موديل أم التمدن هو سلوك حضاري يظهر في أبسط تصرف في حياتنا اليومية؟ و من أين ينبع هذا السلوك الحضاري؟ لا يولد مع الإنسان بالطبع بل هو سلوك مكتسب من تربية مبنية على أسس الاحترام و الحب و الجمال. نحن لا نبحث عن المدينة الفاضلة بكلمات مثالية، يمكن التربية على الجمال و احترام الآخر و حب المدينة أو القرية أو...مع الشعور بالمسئولية.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى