الجمعة ١ شباط (فبراير) ٢٠٠٨
بقلم حسين حسن ثابت

المرأةُ التاريخ

بقلم: حسين حسن ثابت
يا سُبْحَانَ اللهِ عَليهَا
قال العَامَّةُ:
فى مَيْدانِ الأزهرِ
مَرَّتْ
تحمِلُ مَجْمَرةً وبخوراً
ثم استلْقَتْ
فوقَ التلِّتوَارِِ
ونامتْ
بَيْنَا..
تُقْسِمُ بعضُ النِّسوةِ
أنَّ امرأةً طافتْ
كالمِشكاةِ وصلَّتْ
خلفَ إمامِ النجفِ الأشرفِ
ثُمَّ تراءتْ .. تبكى
دونَ ضريحِ عَلىّ
يا سبحانَ الله عليها..
حين رآها العامةُ
فى ميدانِ الأزهرِِ
تحملُ مجمرةً وبخوراً
وتُصَلِّى
فى النجفِ الأشرفِ..
كانتْ ترقدُ
فوقَ ذراعى
بينَا ..
أعبثُ بضفائِرِهَا
***
هذى امرأةٌ أُولَى
بينَ يديْها السرُّ الأكبرُ..
كانتْ ثَمَّ
إذْ انتَثَرتْ ذراتُ الكونِ
فبَاتَتْ
ترقبُ عن كَثَبٍ
دورانَ الأرضِ
وكانتْ قمراً..
قبلَ القمرِ
بألفىْ عامٍ
هذى امرأةٌ أُولَى
شَهِدَتْ
كيفَ ترتَّبَتِ الذراتُ
فكانتْ لؤلؤةً ..
فأضاءَتْ
وانتَثَرتْ ..
فامْتثَلَ المرمرُ
واختلفتْ ..
فاختلفَ الماسُ
وكانتْ مهداً
شَبَّ على كفَّيهَا السوسنُ
والريحانُ
وأينعَ فى أعطافِ يَديْها
زهرُ الآسِ
يا سُبْحانَ اللهِ .. امرأةٌ
كادتْ
تُفلِتُ من قانونِ الجذبِ..
فتَسْموَ
زخَّاتٍ من ألَقٍ .. أرَجٍ
تسكنُ فى حَنْجَرةِ النورسِ
فتُعَلِّمَهُ
كيف يُغنِّى
تمرحُ بين حقولِ القَمحِ
فتمنحَ
سنبُلَهُ بركاتٍ من كفَّيْهَا
يا اللهُ ..
ابتسمتْ "مريمُ" حينَ
رأتْهَا
وهى تُضمِّدُ
جرحَ بَنِيهَا
ثم تَمِيرُ المَقْهورينَ
وتكْسو
مَن أعْرَتْهُ كلابُ الجَرَّافَاتِ
هذى امرأةٌ ..روحٌ
سارَرَهَا الملكوتُ
فَشبَّتْ
تَعْرفُ
ما للهِ .. وقيصرَ
مثَلَتْ هذى الروحُ فصَاحَتْ:
"أُورِيكَا*"
وسَرَتْ
فى فرشَاةِ "داڤِنشى"
وأناملِ "موتسارتَ" و"ڤِيردى"
وبأرجاءِ مدائنِ سِرِّ
لهيبِ القربِ
وبابنِ الفارضِ والحلاَّجِ
و"ما فى الجُبَّةِ إلاَّ اللهُ"
ومارَتْ "سارتر"
ثُمَّ انْسَرَبتْ بين الخلقِ ..
أتمَّتْ
حفظَ كتابِ اللهِ
وحَضَرتْ قُدَّاسَ الآحَادِ
وباتتْ دهْرَاً
تلْهَجُ فى آناءِ الليلِ
بـ "إنَّا أعطيناكَ الكوثرَ"
يا آسِيَتى ..
 
* أوريكا: الكلمة التى صاح بها أرشميدس عندما اكتشف قانون الطفو وهى تعنى.. وجدتها
أغْدو دونَكِ
قابَ ذراعٍ
من هَاويَتى ..
سَرِّى عنِّى
بِى آفاقٌ شَجَناً
مِمَّا حاقَ بمُلْكِى
صَلِّى ..
قولى يا اللهُ ..
فصوتُكِ
حين تَنَاثرَ دُونى
احتشدَ الموجُ على الشُطآنِ
وأفْضَى الصَّدفُ بسرِّ الدُّرِ
وقبَّلَ كفَّ المدِّ
الجَزْرُ
وعانقَ عُشْبُ البحرِ
الريحَ
فكانَ النورُ
يا آسِيَتى ..
تلكِ بلادى انهمرَ الثلجُ
على كَرْمَتِهَا
فاختَنَقَتْ آمالُ
جميعِ الكرَّامِينَ
وليسَ نَبيذٌ
بعدَ اليومِ
أنتِ امرأةٌ ذاتُ سَبيلٍ
فلأجْلِى ..
ولأجلى وحْدى
رُدِّى عنِّى كيدَ الثَلجِ
وكيدَ النَّارِ
وردِّى عنِّى
كيدى نَفْسِى
يا آسِيَتى ..
تلكِ بلادِى ..
حينَ انهمرَ الماءُ
اعتصمتْ فوقَ الجَبَلِ
فنادِى ..
يا آسِيَتى .. نادِى
عَلَّ بلادِى
حين يَغِيضُ الماءُ
تَعُودُ
بلادَ
سَــــلام ْ
بقلم: حسين حسن ثابت

النص مشاركة في المسابقة الأدبية الرابعة – ديون العرب


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى