السبت ٨ أيار (مايو) ٢٠١٠
بقلم علي طه النوباني

المسافر والطريق

حبيبتي
في حَضْرتكْ
تَنزاحُ عن عيني الغشاوةُ
تَنْجَلي بالقرب مني
كلُّ أشيائي الحبيبة
شجرُ المرافئ
والنوارسُ
والمدى
أسْتوقِفُ اللحظاتِ كيما أَرْقُب القمر الذي
رَشَفَ الصباحَ وجاءَني فرحاً
عَلى جَنْح السكونْ
أستوقف اللحظاتِ كيما أجمعَ الكلماتِ
من ألقِ العيونْ
وأنْتَقي قَدَري على محرابِ روحك مَرَّةً
نوراً تَقاطَرَ من مفاتن بسمتكْ
ألقاً تضوَّع في المدى
متواضعاً في حضرتكْ
نَسَقاً سَماوياً شفيفاً
يَروي الحياةَ كما بَدتْ في هيئتكْ
 
***
قال المُسافر أنَّـهُ
سَمِع المسافة تنحني
فَبَنى شراعا من عيون العاشقينْ
ورأى البحارَ تقولُ: لا
فاستَـنْبَتَ الكلماتِ من وجع السنينْ
ورأى الحنينَ مسافراً في ركبهِ
فرَمى المتاعَ
وسار في ركبِ الحنينْ
 
***
خجلٌ أنا من غفلتي
ليمونَةٌ صفراءُ تسحقني
ويُحرقني الذهولْ
بعض الوجوهِ تغيرتْ
بعضُ الملامحِ أقفرتْ
بعضُ الأغاني أصبحتْ نقشاً
على سِـــفْر الذبولْ
إلاك أنت تُعاودين العمرَ مثلَ بنفسج
ينسابُ في جَسد الفصولْ
 
***
قال المسافر أَنَّــهُ
فَقَدَ الكلامَ
ولم يعد يحكي كما يعني
- لساني بيدرٌ
والأفقُ ريحْ!
قالَ الطريقُ بأنَّــهُ
كتب المدى شعراً
وأنشد للنجوم ليستريحْ
قال المسافر أنَّـــهُ
لما علا الأمواج شاهَدَ كوكباً
من وَجْدِهِ
فوق الغيومِ
وغابَ في الأفقِ الجريحْ
قال الطريق: رأيتُهُ
لم يبتعدْ
لكنَّهُ وسع المدى
واستوطنَ الأفقَ الفسيحْ
 
***
حبيبتي
قولي لهم
أنا ما نضَجْتُ لكي أموتْ
روحي مرافئُ للهوى
ودمي بيوتْ
حين استَــفــاقَ على فمي
حرفٌ نَديٌّ
ضَجَّ الصباح وأورقتْ
نارُ التوجُّسِ والسكوتْ
 
***
قولي لهم
هذا الصباحُ حكايتي
طِفلي المُدلَّــلُ فوقَ أجنِحَة الضِّياءْ
شَجَري الجميلُ
يحومُ في غَبَـش الفضاءْ
ومسافةٌ تعرفُني
تتورَّدُ الأشياءُ فيها بيننا
وأعدُّ نبضي
كي أُحَلِّق في السماءْ
 
***
قال المسافر أنَّــهُ
في حضرة العشقِ يختزلُ الزمنْ
ويرى الذين تَفَـرَّقوا
بين المرافئ والمحنْ
قال الطريق: رأيتُهم
كان الضبابُ يذيبُ أوردتي فلا
أتبيَّنُ الأشياءَ
من فرطِ الشَّجنْ
 
***
حبيبتي
بين المسافر والطريق حكايةٌ
شجر يَخيطُ الأرضَ بالنجماتِ، ماءٌ
يعودُ كما النهارْ
قَدَمٌ على شوكِ الحجارة تنثني
حَجَرٌ على برد المسافة ينحني
نارٌ على صوت الدقائقِ
تشتهي لون الرمادْ
هي قصةٌ
لكنها
وجعُ الشراعِ إذا المرافئُ كلُّها
عَزَفت لحنَ السُّهادْ
هي قصةٌ
لكنَّها
أحلى القصائد في ثنايا روعتكْ
وجعُ المسافر والطريقِ
عناقٌ في حضرتكْ

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى