الجمعة ١ أيلول (سبتمبر) ٢٠٠٦
بقلم مقبولة عبد الحليم

الهارب

صمت رهيب يلف المكان............

ونظراتها الحائرة تبحث عن شيء هنا وهناك تتفحص الأرجاء تنتظر شيء قد قضت لحظات غالية من عمرها تبحث عنه فلطالما حدثتها عنه جدتها وطالما وصفه لها معلم التاريخ وطالما قرأت عنه قصص قديمة جميلة وغريبة غرابة أيام هذا الزمان وكم سمعت شعراء العرب يتغنون فيه وفي روعته وجماله وصدقه, وطالما تخيلته لكنها حتى ألان لم تلتقي به ولم تعرفه، فيغلبها حنينها له لتناديه بأعلى صوتها..... فيعود إليها الصوت.... صدى

لا أحد هناك، لا أحد بالأرجاء... فتعود بنظراتها الحائرة الحزينة باحثة عنه وهذه المرة تزداد حيرتها وتساؤلاتها. فمتى سيكون اللقاء وقد أضناها البعد والفراق

فخرجت تبحث في الشوارع علها تراه حتى لو من بعيد.....

أخذت تبحث و تنظر في عيون الناس، فوجدت هناك شيء أخر ليس هو قطعا ليس هو.... فما وجدته لم يكن إلا مجرد أحاسيس كاذبة، ومشاعر مزيفه وكلها فقط لتتميم معاملاتهم ومصالحهم و..... لم تيأس. أرادت أن تجده بكل ثمن، فقررت الابتعاد،هناك خلف الحقول والوديان وعند شواطئ البحار علها تجده فربما تكون قد أتعبته أنانية الناس فهرب. فذهبت إلى هناك جلست ووجهت نظراتها الحائرة نحو الأفق البعيد وبينما هي في شرودها وحيرتها وإذا بها تلمح طيفه يقترب منها انه هو.... نعم إنه هو تماما كما كانت قد رسمت صورته في مخيلتها... فقامت تركض نحوه يسبقها شوقها له وأشواقها... نادته لكنه لم يتوقف ولم يلين لتوسلاتها ولم تستدر عطفه دمعاتها... وابتعد عنها تاركا إياها تعاني ألم الفراق.....

وعادت وكل يأس الدنيا تجمع داخل قلبها البريء... ولم يبقى لها إلا أن تستحضر صورة ذلك الهارب، إلى رأسها تماما كما وصفته لها جدتها وكما تعلمت عنه وكما قرأت عنه في القصص القديمة وكما وصفه بالضبط شعراء العرب تستحضره حلما وخيالا وتنصهر فيه ومعه وبكل قوة واندفاع وتعيش فيه لحظاتها ألجميله لكنها ما تلبث أن تعود لأرض الحقيقة لتجد أنه لم يكن سوى حلم من أحلام اليقضه فتعود إليها نظراتها الحائرة الشاردة من جديد لتبحث عنه في الأرجاء وتنتظره فربما أحزنته حالتها. وعاد بعد هجر وفراق للدنيا والناس دام ربما عشرات السنين...


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى