الأربعاء ٥ نيسان (أبريل) ٢٠٠٦
الرسالة الرابعة إلى السيد الرجل
بقلم نهاد بنعكيدا

الوشم

سألته بامتعاض شديد وغضب أذهب عن وجهي مساحيق المكياج التي وضعتها لأبدو جميلة أنيقة وأنا أرغي وأزبد : لماذا تنساني ...؟ لماذا تنشغل عني وأكون دوما في نهاية لائحة مشاغلك واهتماماتك؟؟؟؟ أو لست جديرة بامتلاك حصة من أفكارك ومشاعرك ودقائقك وساعاتك الممتلئة عن آخرها بكل شيء..إلا أنا .

سقطت دمعتي الأبية ، مع أني لم أبرمج دموعا للسقوط حينها ، ولكنها فلتة من فلتاتي كلما فاض الكأس، بحنو وشعور بالذنب سرق دمعتي من على خدي ، بلل بها أصابعه ، كانت ساخنة..... أو هكذا أراد أن يشعرني وكان الجو بارد أو هكذا شعرت به لبرودة اللحظة : لا تقلقي صغيرتي منذ اللحظة سأضع علامة على يدي، كلما رأيتها..... رأيتك وتذكرتها ....تذكرتك ..............وضحك
برمجت بحر دموعي، ورفرفت براية سوداء كما أعالي البحار في جفوني وانطلقت أمواجي عالية متضاربة في عيوني مرتمية على خريطة وجهه .

حتى هذه الدرجة صرت شخصا منسيا مقصيا حتى أكون مجرد علامة على يده، قد تنمحي بملامسة أي شيء أو لاشيء ، الرجل الذي توجته ملكا على مملكتي وجسدي وروحي وشعبي وأفكاري وتناقضاتي وحسي وأعصابي وشطحاتي وجنوني وحريتي وسجني، جعلني مجرد علامة في يديه، ليتني كنت.... على الأقل وشما كما وشم جدتي التي عاش معها تسعين عاما ومات معها.

تدارك الموقف وابتسم : أمزح معك .

كنت ولازلت أصدق كلام المزاح واعتبره كلاما جادا أكثر من أي كلام آخر ، ودائما وأنا أقرأ مسوداته ، أقف طويلا عند الكلمات المشطب عليها وأبحث عن أسباب محوها وتدميرها ......واعتبر لولا وجودي في حياته ما كان ليشطب عليها خوفا من أن أعثر على أفكار وأسرار لطالما أخفاها عني ، عن قصد أو بدونه ، أعشق البحث والتجسس وراءه وراء كلماته ، ربما أكتشف سرا أو أدخل من خلال كلماته المشطبة إلى دهاليز أفكاره المغلقة بألف مفتاح ومفتاح.
أن أكون مجرد علامة على يده يرسمها كل صباح بقلمه الأسود قبل أن يغادر بيته، تجعلني أعيد حساباتي معه، أما أنا فجعلته وشما أحمرا بلون دمي وبنفسجيا بلون فرحي الصغير وأسمرا بلون قمحي وجلدي ، وشما وشمتك في قلبي لو انمحى انمحيت من وجودي ولو تغير لونه أكون قد أصبت بتسمم في شراييني وصمامات قلبي وأدخل حينها في عداد المفقودين.

أرأيت....كيف أراك ؟ أرأيت؟ كيف تراني ؟

أعرف جيدا أنني امرأة أهوى صناعة الجراح، بل وتخصصت في جراحة القلوب المعذبة حبا وعشقا، وتفنت فيك ومن خلالك في استخراج الأحزان من كلماتك وحركاتك وسكناتك وحتى ملامحك وأنت تحدثني ، أقرؤك وأحفظك وأستظهرك عن ظهر قلب، كما لو كنت كتاب تاريخ قديم أو بحث في علم الآثار والأرض ، أبني من " الحبة قبة " كما قلت دائما حتى صرت أملك قبابا وقصورا فوق ارض مملكتي صنعتها بين ليلة وضحاها ، وأصدرت بعد ذلك أوامر لهدمها لتخلي المكان لقصور وقباب أخرى ستحل محلها ، أزمة سكن أعاني منها داخل مملكة ذاتي.

خذني علامة على يدك...... أفضل بكثير من أن تنساني جسدا وروحا على رفوفك ، ملفات الكبرياء والكرامة والأخذ والرد لم أعد أتدارسها معك، لأن الأمر بيننا تعدى كل تلك المبادئ والموقف المتشددة ، اخترت أن أكون متسامحة متساهلة في كل حقوقي معك وأن أخذ الأمور بكل بساطة كما تفعل دائما ، ليس لأجلك ، بل رفقا بي ......ولا تعتقد أني وإن قبلت أن أكون بكل أنوثثي وشعري الفاحم ومشاعري الحمراء البركانية علامة على يدك في صورة * أنك هزمتني ، أنا أصلا مازلت لم أعلن حربي عليك ويوم توصلني إلى هذا القرار ستجد يدي موشومة وجسدي موشوم بعلامات كثيرة من فئة********** * كلما رأيتها تذكرتك وأصبتك بغارة من غاراتي العدوانية .


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى