الثلاثاء ٥ تموز (يوليو) ٢٠١١
بقلم إياد حسين عبد الله

امرأة عراقية

عنوان يعود بنا الى نماذج مشرفة للمرأة العراقية التي عاشت بين دجلة والفرات، منذ سومر وبابل واشور واكد، وكانت سببا جوهريا في تلك الحضارات المتتالية، وتزخر كتب التاريخ بالاف القصص والروايات مرة في وصف جمالها وكبريائها وثانية في ذكائها ومكرها واخرى في حبها الوارف الذي تغدقه بلا حدود.

فتعيد ذاكرتنا الى المعنى الحقيقي للعطاء بلا حدود سواء كانت ام، او اخت او زوجة او حبيبة او بنت، ولتجعلني اصر في البحث عن سبب عذوبتها على مر الايام رغم المحن والاحن والنكبات ولم اجد سببا لهذه العذوبة الا عندما عرفت سر ماء دجلة والفرات العذبين الخالدين،وكل ما بنبت بينهما من زرع وورد وثمر، وكل ما يخرج من ارضها من خيرات وحسنات.حتى لم اميز بينها وبين تراب العراق الطاهر الزكي.

ربما لااتي بشيء جديد هنا الى جانب كثير من مآثر المراة العراقية خاصة وانا اكتب في مجال الفن والجمال، ولما كانت العراقية احدى عناوين الجمال منذ الالهة البابلية عشتار فقد وجدت لها عناوين اكبر في هذه القصة الواقعية:

رغم انها غادرت تراب العراق وهي طفلة، غادرته في زمن القحط والجراد والتاريخ الخطأ والشعوذة، كالكثير من العراقيين و العراقيات الا انها لم تتوقف يوما في حبه والكتابة اليه باجمل معاني الحب، فكان ان يسر لها الله والدين كريمين حققا لها فضاءا كبيرا من المحبة والمعرفة والثقافة العالية والحياة الرغيدة، حتى وصلت بشهاداتها العالية مكانا مرموقا في اهم حلقات الطب في جراحة المخ والاعصاب، وهو دون شك رضا من الله وتوفيقه عليها وعلى والديها رغم مرارة الغربة وقسوتها.

والى هنا يمكن ان تتكرر هذه القصة في اماكن عديدة لنماذج مشرفة من المرأة، وتشاء الظروف لتغادر مع ذويها بسبب عمل والدها من اكثر البلدان رخاء وتقدما الى اشدها عوزا وحاجة، فتترك عيادتها ورفاهيتها الى بلد فيه سحر وجمال وفكر رغم صعوبة الحياة فيه وقسوتها ولتلتقي اول مرة بحبيبها عبر فكره وفلسفته... انه غاندي عظيم الهند وفيلسوفها طاغور، لتجد نفسها امام فكر جديد وفلسفة تاملية وفي اختبارعسير بين اشد حلقات الصراع بين الفكر المادي والفكر الروحي، من اجل الاجابة على سؤال صعب، الا وهو كيف يمكن اكتشاف الجوهر الانساني والوصول اليه في هذا الزمن القاسي والذي يمكن ان نصفه في ابسط صوره انه عاصف ومدمر بالكثير من القيم الانسانية.

وبدلا من عشرات الاف من الدولارات كمرتب لها تتطوع في مستشفى وتجبرنفسها على مرتب سنوي مقداره مائة دولار ليكسب وجودها صفة رسمية !!!. فتغادر ايامها كاميرة في الحياة والجمال لترعى اطفالا مرضى بالسرطان ينازعون الحياة في الرمق الاخير.ولترعاهم ليل نهار، في الوقت الذي تواصل فيه دراساتها وبحوثها الطبية المتقدمة.

واضافة الى ذلك تنضم الى برنامج تطوعي اخر للامم المتحدة لتحط الرحال في كل يوم في مجاهل الارض وقفارها لتقدم المساعدة الى شعوب تعاني اشد حالات الفقر والجوع والمرض والكوارث ولكل اؤلئك الذين تمسكوا بالرمق الاخير للحياة.
ربما سمعنا عن كل تلك النساء الخالدات في تاريخنا العربي والاسلامي وجودهن وكبريائهن وفي امم اخرى كالام تيريزا ووو

لكننا اليوم اما حالة نادرة من المرأة العظيمة التي جبلت على الخير والعطاء والتي تسعى الى اكتشاف جوهرها الانساني وقيمها النبيلة، في اختبار قل نظيره الاوهو:

هل يمكن ان نتجاوز الذات ونغيبها في المحبة الانسانية؟

وهل يمكن لنا ان نسمو بعاداتنا وسلوكياتنا لنكون كما ارادنا الله كبشر متحابين وليس وحوش؟

وهل يمكن ان نعيد للحياة قيمها النبيلة في اشد حلقات صراعها المادي المرير؟

وهل يمكن لاصحاب الغرائز الحيوانية المتوحشة ان يتنازلوا عن احدى غرائزهم من اجل احدى القيم النبيلة؟

وهل يمكن ان نؤمن ان جوهر محبة الله وعبادته والاخلاص له هو تجسيد القيم الانسانية النبيلة كممارسة وعمل وليس مظاهر دينية زائفة او خطب رنانة وطنانة؟

وهل يمكن ان نؤمن ان رحلة الانسان بين الحياة الدنيا والاخرة رحلة مستمرة لاتتجزأ ليجد كل اناس ماقدموا لانفسهم؟

وهل يمكن ان نفهم ما هي حقيقة رسالة المحبة التي تتجرد من كل شيء الا من قيمتها الانسانية الخالدة؟

وهل.. وهل..وهل. عشرات الاسئلة والدروس العميقة والفلسفية التي تعلمنا اياها هذه المراة النبيلة التي تتجاوز كل القاب رسل المحبة والسلام، بل وحتى خصوصيتها كمراة عراقية، لتمثل جوهر دور المراة في الحياة في كل مكان، امرأة تفعل ما يعجزعن ادراك قيمته كثير جدا من الرجال.

ولان البوح باسمها يبقيها فردا، وانا اريد ان تتحول رمزا للمرأة العراقية والمراة في كل مكان فسوف لا ابوح باسمها، ليتذكر فعلها الاجيال، ولمن يصر على معرفة اسمها ليبحث عن اجمل ما خلق الله على الارض فسيعرفه، انها اسم على مسمى.

نرجو الانتباه أن الهمزة في النص مكتوبة في معظم الحالات بشكل خاطئ، حبث تكتب همزة القطع همزة وصل!!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى