الخميس ١٠ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٨
بقلم إنتصار عبد المنعم

انتحار

قرص الشمس يغرق في البحر، فتيان وفتيات بين متشابك للأيدي ومختلس للنظرات، يقف أحدهم ببذلته السوداء ليلتقطوا له صورة مع عروسه، صبي صغير يحمل أطواق الفل يغري بها متشابكي الأيدي، أصوات السيارات تعلو على صوت البحر الهادر، أمشي وحدي واضعاً كلتا يدي في جيبي البنطال، أتأمل أضواء كوبري ستانلي المتلألئة، أتفحص المارين والواقفين،أدقق النظر في وجوههم لعلي أجد أحداً أعرفه أو يعرفني فيخبرني من أنا.

الكل مشغول ومنهمك في الحديث، لا أحد غيري يحدق في قرص الشمس الذي ذاب الآن في البحر مخلفاً وراءه خطوطاً ذهبية مخضبة بالدماء، لا أدري أهي نازلة من السماء لتلتقي بالبحر؟ أم متفجرة من البحر لتصبغ زرقة السماء من فوقه؟ اختلط الظلام فوق البحر بضوء القمر وانعكاس ضوء المصابيح، فظهر موجهه كحيتان تطفو.

رأيتها وحيدة تقف على حافة السياج الحديدي للكوبري لتلقي بنفسها في الماء، أسرعت إليها الخطى، تسارعت أنفاسي، اهتز جسدي مترجرجاً على وقع أقدامي، قبل أن أصل إليها، هوت، فقدت الجاذبية ، حركتها الرياح هنا وهناك ، رقصت معها، انعكس عليها ضوء المصابيح فأشرقت .

وصلت سطح البحر كأنها مشتاقة إليه، التصقت به جيداً، ولكنها لم تخترقه، لم يحتويها ، ولم يغيبها في أحضانه، طفت فوقه يؤرجحها، يهدهدها .حينها تمنيت أن يقول لي أحدهم أني ورقة شجر .


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى