السبت ١٥ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٠٨
بقلم بيانكا ماضية

بعدساتهم يلتقطون الذكريات

شجرة متجذرة في الأرض متشبثة بها، ووجه يحاكي الجمال بنظرة بعيدة نحو الأفق، وعين تتطلع إلى الجميل في هذه الحياة، وحمائم تلوح بجمال أجنحتها لترسم خطوطاً متساوية الفرح، وحارة من حارات حلب الشهباء وهي تغفو على ظل وضوء، ومنظر طبيعي بكل مافيه من رونق وإبداع، وقلعة تشمخ بعشقها، وبعض من مآسي بسطائنا، ولوحات أخر، كانت تسطع بماتقوله للعين، عين الناظر إليها وهو يتنقل من لوحة لأخرى ليرى ما التقطته عدسات فنانين مبدعين تجمعوا ليقدموا لوحاتهم تلك في الذكرى الثامنة والثلاثين للحركة التصحيحية المجيدة، عارضين إياها في صالة الأسد للفنون الجميلة .

لكل واحد منهم عينه التي التقطت مشاهد ومشاهد من حياتنا المعاصرة، من آفاقنا الرحبة المنبسطة على قدر غير قليل من الجمال الأخاذ، وكل واحد منهم راح يحكي قصته مع لوحاته التي عشقها قبل أن تعشقها عين المتلقي، وهو غير منفصل عن جزئياتها، بل مزروع في حناياها عبر روحه، وإحساسه الذي تماهى مع تفاصيلها الجميلة ... كل ذلك يستطيع أن يتلمسه المرء الزائر لتلك الصالة، حتى لتأخذه الوجوه والمنحنيات والخطوط والأحجار والأشجار عبر رحلة لاتتوقف من حياة بشر، هم بسطاء في طبيعتهم، أغنياء بأحاسيسهم، وعبر عشق لحجر وتأمل لآفاق لامتناهية حدودها.

استوقفتني غير لوحة من تلك اللوحات، بل وسرحت في أجزاء وتفاصيل كثيرة من تفاصيل كينونتها، ورأيتني أسير في حارات حلب وأتسلق سور القلعة، وأنظر بعين إلى التاريخ، وبالأخرى إلى مدينة الحب، وأنتقل إلى مدن أخرى، وأعيش فصولاً أربعة بين طياتها، وأعود لأرى وشم الحنين على أكف أطفال رسموا فرحهم بخطوط الحناء ... كم كانت رحلتي تلك ممتعة حين أخذني الجمال إلى قيم ومثل وحكايات لم تكن بعيدة عن ناظري .

لأولئك الفنانين المبدعين نتمنى ألا ينتهي الشوق في أفئدتهم إلى أمكنة الجمال أمام أعينهم، لا ليصوروا ويلتقطوا بعدسات أجهزتهم فيؤطروها بأطر الحنين، وإنما ليرسموا بألوانهم صوراً قد تحكي حكايات أخرى لعالمنا الذي راح يتلوّن بغير لون ولون .


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى