الثلاثاء ١٦ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠١٠
بقلم توفيق الحاج

بكل الحب......!!

اليوم، وبكل الحب اقترب من قرائي الأعزاء الموافقين، والمعارضين على السواء، ولا نية مسبقة لدي للإساءة إلى أحد، أو استفزاز أحد ونحن في كنف عيد الأضحى، فالتهنئة واجبة، والقلب أبيض حليب لكل من يحب دينه، ووطنه، وشعبه..!!

من الطبيعي أن نتفق على الفرائض، ونختلف على السنن، والاجتهادات من منطلق اختلاف الرؤى والأفكار والأهواء والألوان..!!

لكن تعالوا معي في سياحة فكرية قصيرة، نتشارك فيها الرأي بعيون، وعقول مفتوحة، وبسماحة دين، وسعة صدر دون التشنج بمقولات جاهزة أو شعارات انتهت صلاحيتها .. !!
هل اتفقنا..؟!!

لنبدأ إذا بسؤال مشروع ..

هل يختلف عاقلان على ان حال امتنا العربية والإسلامية يتدهور من سيء إلى أسوأ سياسيا واقتصاديا واجتماعيا رغم كل الزعامات والانتصارات والمؤتمرات والفضائيات والإذاعات ودور العبادات والمواعظ والابتهالات...؟!!

(خير امة أخرجت للناس) ...!!

ترهلت بالمفارقات، فالفقر والمرض والجهل انجازاتها المحكومة بالبذخ والفساد والتخمة....والعدل والصدق والرحمة غياباتها المحكومة بالخوف والظلم والنقمة...!!

امة ما أكثر مساجدها، وما اقل تقواها...!!

امة تحللت من قيمها فضاعت في تيه لا نهاية له...

القول فيها غير الفعل...، وارخص ما فيها القتل ثم القتل..!!، والدين بريء مما يفعل الأهل بالأهل..!!

الحاكم فيها يغتصب البيعة ويورثها، ويقسم أمام الله، والناس على العدل، والإنصاف ،فيستحل الدم، ويسرف ظلما وقهرا..!!

الابن يلقى أباه والأخ يرمق أخاه في الصف الأول كاشحا، ويخرج اشد بغضا، وحقدا، ولا اثر للصلاة، أو الموعظة ..!!

السؤال هنا يجر في أثره سؤالين آخرين..

لماذا...؟!!

وما الذي أوصلنا إلى ما نحن فيه..!!

أتخيل قارئا طيبا يرد بعذر لا يخلو من عصبية
يا أستاذ.. لا تنس الرومان، والتتار والمغول، والصليبيين، والمستشرقين، والاستعمار والانتداب، والأمريكان، والطابور الخامس، وإسرائيل..!!

أكمل عن القارئ الفطين: ولا أنسى الأتراك أيضا يا سيدي ..!!
400 سنه من الاضطهاد، والسخرة، والقتل يجب ألا ننساها، أو نتناساها بحجة، أو بغير حجة ، فالاستعباد، والاستبداد، ومشانق جمال باشا لها نفس الطعم بنكهة عثمانية كما النكهة الانجلو فرنسية، أو الايطالية، ولا نستطيع أن نفاضل بين طعم حنظلة، وأخرى..!!
بل ان ظلم ذوي (الدين الواحد) اشد مضاضة....!!

ويبقى السؤال شوكا في محاجر عيوننا

هل كل ما ذكر يعطي العذر لأمة كأمتنا أن تتهاوى إلى الحضيض..، وتلهث وراء الأمم الطارئة ..!!

لا يشفع لها ماضيها التليد أمام حاضرها البليد..؟!!

ألمانيا (من اهل الكتاب) خرجت من الحرب العالمية الثانية مدمرة ..مهزومة حتى النخاع.. ذليلة كما لو أنها ممسحة أحذية..!!

لتصبح بعد أعوام قمة صناعية يحسب لها ألف حساب، وصار المرسيدس رمزا لقوتها وعظمتها..!!

بلاش المانيا...

اليابان (الكافرة)..صهرتها القنابل النووية ...، فتفحمت...، وتشوهت أجيالها وعادت الى العصر الحجري، ولكنها استطاعت أن تنهض على قدميها، وتصبح بعد اعوام ايضا قمة تكنولوجية، وصناعية، فأذلت بالتويوتا الفورد الأمريكية، وقهرت بال (سوني )كل ماركات العالم الشهيرة..!!

بالمناسبة اشترطت أمريكا في نهاية القرن الماضي على اليابان أن تشتري سيارات الفورد لفتح السوق الأمريكية أمام سياراتها، فاشترت اليابان 4000 سيارة فورد، وجعلتها حائطا لصد مياه المحيط ..!!

لم تكن ألمانيا واليابان بحاجة إلي قومية ساطع الحصري ،ولا اخوانية حسن البنا، ولا كاريزما جمال عبد الناصر، ولا مسرحيات السادات لكي تصلا إلى ما وصلتا اليه من تقدم، ورخاء...!!

ولم تكونا بحاجة إلى آلاف الخطب الوطنية التاريخية، والمواعظ الدينية الحماسية للخروج من حالة الدمار إلى حالة الرقي، والاستقرار..!!

الشعبان الألماني ، والياباني لم يعتمدا على الأعراب ، والأغراب في طلب العون ، ولم يصدما بزلزال اسمه النكبة..!!

الشعبان الألماني، والياباني كمثال لم يتذوقا طعم الهزيمة في 67، ولم يتمتعا بنعم الحركات، والفصائل التي أجهضت انتفاضة الحجر، وأوصلتنا إلى أوسلو، فطابا، فالاقتتال، فالانقسام..!!

الشعبان الألماني، والياباني..لم يغرقا في أموال النفط، وفنادق اللحم الأبيض ..!! ولم ينتظرا الكوبونات، والمعونات، ونتائج المفاوضات، وارتفاع سعر الإنسان في بورصة المصالحات..!!

الشعبان الألماني، والياباني لم يعزفا سيمفونية (بالروح بالدم نفديك يا فلسطين)، ولم تطربهما مقولة جازمة في أمهات المعارك من نوعية (النصر لنا ،والموت للمعتدين)، ولم يركنا ويتواكلا على شعارات مقدسة من مقاس (الإسلام هو الحل)...!!

لم يلجئا إلى عمل أرشيف فتاوى جواز نكاح الرضيعة، أو إرضاع الكبير لمواجهة أزمة الركود الاقتصادي العالمي ..!!

إنما لجئا في مسيرتهما الجبارة إلى التمسك بالقيم العظيمة ، وبإرادة البقاء ، وتسلحا بالعلم ، وحرية الفكر ، فوصلا إلى ما وصلا إليه من مكانة وعظمة..!!

لو تعلمون أن اليابانيين يستوردون طن خام الألمنيوم ب 800 دولار ، ويبيعونه مصنعا ب100 ألف دولار ..!!

ولو تعلمون أن العرب يبيعون برميل النفط ب 40 دولارا ، بينما يشترون برميل المنكر المعتق الفاخر ب 40 ألف دولار..!!

لعرفتم الفرق بين الأمم التي تذهب إلى الجوزاء، والأمم التي تذهب إلى السيفون..!!

لو عرفتم ان راقصة شهيرة من بلاد العجم تكسب في بلاد لا اله الا الله في الليلة الواحدة ما يغطي رواتب أعضاء هيئة التدريس في جامعة محترمة لشهرين...!!

لعرفتم أننا لا نعدو كأمة مستهلكة (بكسر اللام) مستهلكة (بفتح اللام)، أن نكون أشبه بحيوان منقرض في طريقه إلى الاحتضار..!!

ستفرض علينا الأجندات، والحلول الظالمة ..!!كمفعول به منصوب بالتمزق، أو كمضاف إليه مجرور بالخيبة، ولن نكون بهكذا حال مبني على العجز ...فاعلا مرفوعا بالكرامة، وإنما خبرا عابرا لا محل له من الإعراب في تاريخ الامم..!!

البعض منا للأسف تزعجه هذه الحقيقة، وربما تستعديه علينا.. مستسهلا في الوقت نفسه انتظار حدوث معجزة، أو قدوم صلاح الدين، و قطز لكي يحررا لهم البلاد ..!!

قرائي الأعزاء

إن نجاتنا كأمة، وشعب مما نحن فيه من حضيض تكمن أولا: في تحطيم الأصنام، والأزلام، والخرافات ،والشعوذات، والخلافات، والمناكفات، والأنانيات..!!

وثانيا: أن نتوجه إلى الله بقلب واحد، أن يقوي إرادتنا على البقاء بعلم سبقتنا إليه الأمم فأبدعت، و بحرية تنفسها المواطن الشريف ، فتفانى عطاء وانتماء..!!

ان امة بلا روح، أو إرادة...امة بلا قيم... سيلفظها التاريخ، مهما كانت مفاخرها الغابرة..!!
لقد كنا على مدار القرون حقلا للصراعات والتجارب، بين مستعمر مأفون، وحاكم ملعون، ومدع مجنون..!! فوصلنا إلى ما وصلنا إليه.

إن مسئوليه عودة الروح تقع على كاهلنا جميعا أفرادا ،وحكاما ومؤسسات..!!

لنبدأ الطريق الوحيد..طريق الألف ميل قبل فوات الأوان من الصفر....من تربية أطفالنا على الإيمان بالله وبالقيم الانسانية النبيلة والصدق مع الذات دون خوف...!!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى