الخميس ٣٠ أيار (مايو) ٢٠١٣
بقلم مريم علي جبة

بين الأناقة والمال

لا شك أن الأناقة أصبحت من متطلبات العصر الراهن الذي لم يعد يهم العقلاء فيه-إذا بقي هناك عقلاء بالأصل كما يجب أن يكونوا-سوى بالمظهر الخارجي وحسب.. وعندما نتحدث عن الأناقة تتوجه مخيلتنا إلى المرأة بالدرجة الأولى، ومن ثم يمكن أن نتذكر الرجل الأنيق، على اعتبار أن المرأة هي التي يجب أن تكون أنيقة وذات مظهر لائق بدرجة كبيرة، تفوق أناقة الرجل.

وكم هنّ كثيرات النساء اللاتي يتميزن بأناقتهن التي تبدو للعيان من الوهلة الأولى. ولكن كيف يظهرن بهذه الأناقة المتميزة في أكثر الأحيان، وهل الأناقة تتطلب الكثير من المال أو ربما البذخ لتظهر للآخرين؟

تجمع العديد من النساء بأن الأناقة مطلوبة بالنسبة للمرأة من دون أدنى شك، ولكن أحياناً لا يمكن تطبيق هذا في كل الأوقات، لأن الأناقة تتطلب مالاً يجب أن يُدفع للحصول على "قطعة" لباس أنيقة، لأن الأناقة تكمن أساساً في شكل اللباس وأيضاً في نوعيته، فضلاً عن الموديل: "هل يليق على جسم هذه المرأة أو تلك أم لا يليق"، وإذا اختفت هذه الشروط لا شك بأن الأناقة ستكون بعيدة عنا وسنكون مثلنا مثل أي امرأة ترتدي لباساً قد يبدو جميلاً لكنه غير أنيق على الإطلاق.

وأحياناً تفرض طبيعة العمل أن تكون المرأة وكذلك الرجل أن يكونا أنيقين، وعلى سبيل المثال سيدة الأعمال يجب أن تكون أنيقة إلى حد كبير، وكذلك رجل الأعمال، وهنا أود الإشارة إلى أن طبيعة عمل هؤلاء تظهرهم في الأساس على قدر كبير من الأناقة، لأنهم منذ بداية عملهم في هذا المجال فرض عليهم أن يكونوا كذلك، ومع الزمن يتأقلمون مع ارتداء الملابس الجيدة والأنيقة بل يصبح هذا الأمر آلياً بالنسبة لهم، وبالنسبة للمدرّس أو المدرّسة فتكون الأناقة لديهم قليلة وليست على مستوى عال لأن من طبيعة الطالب أن ينظر إلى المدرّس ويُفصلّه تفصيلاً، حتى أن بعض الطالبات من الإناث يقلدن في كثير من الأحيان مدرساتهن في طريقة اللباس واختيار الألوان أيضاً، وهذه المسألة للأسف لا يراعيها بعض المدرسون من ذكور وإناث وينسون أنهم المثل الأعلى للطلاب خصوصاً في مرحلة التعليم الأساسي. وعليهم الأخذ بعين الاعتبار مظهرهم اللائق والجميل والنظيف أيضاً.

إحدى السيدات الأنيقات اعترضنا طريقها وهي تتسوق في أحد ألـ"مولات" وسط عمان، ورفضت الإفصاح عن اسمها، توجهنا لها بالسؤال: ماذا تعني لك الأناقة، وهل تتطلب المال الكثير أو ربما البذخ أحياناً؟ قالت وبعد ابتسامة ناعمة تنبئ عن ثقة بالنفس ووقار واضح وجلي: في الحقيقة أنا لا أرتدي ملابسي إلا من الماركات العالمية، وتعلمون أن الماركات العالمية تتطلب مالاً قد لا يكون معقولاً بالنسبة للأخريات، إذ إن الماركة العالمية تعمل على تفصيل الموديلات التي تناسب كل الأجساد بجميع مقاساتها وأحجامها، وأنتم تعلمون أن المرأة يهمها أن تخفي العديد من التفاصيل المزعجة في جسدها، وهذا الأمر تفهمه كل الماركات، وأنا على سبيل المثال أعاني من بعض الزيادات غير المرغوب فيها في مكان ما من الجسد، وعندما أذهب إلى الماركات على سبيل المثال أجد طلبي وأثق أنني أرتدي الزي الأنيق والجميل جداً، ولا أحد يُعلّق عليه، بل أشعر بثقة كبيرة. وسألنا السيدة المذكورة كم من المبالغ التي توظفينها لأناقتك؟ قالت بصراحة هناك مبالغ كبيرة سنوياً تذهب لملابسي الشخصية، وهذا أمر أعتبره عادياً إذ إنني في وضع مالي جيد وربما جيد جداً، لكن قد لا يكون أمراً عادياً بالنسبة لأخريات ممن دخلهن قليل بل لا يناسبهن على الإطلاق أن يرتدين من الماركات العالمية أو حتى من البوتيكات التي تعرض الملابس غالية الثمن.

أحد المالكين لـ "بوتيك" للملابس النسائية الراقية قال إن الأناقة التي باتت من متطلبات العصر الراهن هي التي دفعته للعمل في هذه المهنة، التي علّمته أن يكون أنيقاً لأن طبيعة عمله تجبره على ذلك، وخصوصاً أن زبائنه من النساء، ومن الطبقة المخملية-حسب ما أكده لنا- مشيراً إلى أن ربحه السنوي مما يسمّونه أناقة يفوق رأسماله أحياناً..! وعندما سألناه هل يساهم في انتقاء الملابس لزبائنه أم أنه يترك هذه الوظيفة للمرأة وحسب، قال إنه يتدخل أحياناً عندما يرى الحيرة على وجه المرأة ولكن هذا الأمر لا يحدث كثيراً وخصوصاً أن زبائنه يعرفن ما يردن من الموديلات المعروضة والتي غالباً ما تناسبهن ضمن المعايير المتعارف عليها بالنسبة لهن كمرتادين لهذا البوتيك. وهنا يسرنا أن نذكر أن أقل سعر قطعة في البوتيك المذكور مكتوب عليها(280دينار أردني) أي ما يعادل نحو (400$)!!!

مما سبق نلاحظ أن من تحدث عن موضوع الأناقة لم يتطرق إلى عملية الذوق في اختيار الملابس، ويبدو أنهم جميعهم يختارون ملابسهم بأنفسهم، إذ إن الكثير من الناس يعتمدون على غيرهم في اختيار ملابسهم، والسبب هو مشاغلهم الكثيرة وعدم توافر الوقت للتسوق، وعملية التسوق،كما يقول البعض، تتطلب ممارسة حتى يتكرّس الذوق في اختيار نمط معين، ولكن بموديلات مختلفة تضفي أناقة واضحة على الشخص.

هناك مثل شعبي يقول"النقود تعلّم الحكي، واللباس يعلّم المشي" فإلى أي حد هذا المثل يمكن أن يكون صحيحاً، وهل الذين لا يمتلكون النقود لا يجيدون التحدّث، وهل الذين لا يمتلكون اللباس الأنيق لن يستطيعوا السير..؟!!!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى