بين بلقيس والهدهد
وجهُ السُّؤالِ على الغيابِ ..تجعّدا
وأوى إلى عُكّازه ..وتنهَّدا
شفتايَ مقبرةُ السّؤالِ، فكلّما
وُلِد السّؤالُ وأدْتُهُ مُتعمِّدا
وإذا سألتُ بأين أو مَنْ أو متى؟
أجدُ الفراغَ مردّداً ذاك الصّدى
لغتي كناياتُ الوجود، وأحرفي
أنّاتُ أسئلةِ الوجودِ مُقيَّدا
كم من سؤالٍ شاهقٍ مُتوثّبٍ
أغفى على باب الشّفاه مُمدّدا
كم من سؤالٍ ثائرٍ مُتَلَجْلِجٍ
عَبَرَتْهُ غيماتُ السّكوتِ مُصَفَّدا
كم من سؤالٍ أبيضٍ مُتألِّقٍ
تركَتْهُ حاشيةُ النّهايةِ أسوَدا
ينمو السُّؤالُ كَحِنطةٍ في مهجتي
يأبى بمِنجلِ لهفتي أن يُحصَدا
في قعر هذا القلبِ حانةُ سائلٍ
قد عتّقَ اللغةَ الخَرودَ ليُسعَدا
يمضي على ظمأ الجواب مُسافراً
والعُمرُ أسئلةٌ على شَفةِ المدى
كالكهفِ أسئلتي أضيعُ بجوفها
فإذا خطوتُ وجدتُني مُتردِّدا
عُمري سؤالٌ وانتظارُ إجابةٍ
وحنينُ حرفٍ سرمديٌّ للنّدى
قفرٌ هوَ العمرُ الجديبُ، فكم بنتْ
صحراؤُه صرحاً لديَّ مُمَرَّدا
وكشفتُ عن ساق اليقين أرومُهُ
وظننْتُ صرحي كالحكايةِ معبَدا
ودخلتُه حتّى استقرّ بناظري
فوجدتُه وهماً عَلَيَّ تمرّدا
وكأنّ أسئلتي جناحَا هُدهُدٍ
طوَيا رياحَ العُمرِ كي أتزوّدا
وكأنّ عفريتَ القصيدة جاءَني
بمغالقِ المجهولِ كي أسترشِدا
الشعرُ لي ثقبٌ بسور الغيبِ، قد
قادَ البصيرةَ واستطاب المورِدا
لي لهفةُ الطِّفل المغادرِ من دمي
يغفو وأسئلةَ الحياةِ تقلَّدا
لي حزنُ سُنبلةٍ تغرّبَ أهلُها
تلهو بِبَيْدرِها الفسيحِ تفرُّدا
أنا مِن زجاجِ الوقتِ أنظرُ ما مضى
فأرى القَصِيَّ من الإجابةِ والغَدا