الخميس ٧ شباط (فبراير) ٢٠٠٨
بقلم أحمد أبو سليم

بَناتُ آوى

فَلتَصرُخي بَناتَِ آوى
مُنذُ مَوتٍ أَحمِلُ الرُّؤيا عَلى سِنانِ رُوحي
أُشعِلُ الأَضلاعَ مِن ذُبالَةِ الرُّوحِ الَّتي أَنفَقتُها سُدى
لَعَلَّها تُضيءُ حَولي غابَةً
أَشجارُها مَشانِقٌ، أَزهارُها حَديدْ
فَلتَصرُخي......
فَمُنذُ مَوتٍ لَم أَزَل أَجُرُّ خَلفي ما تَبَقّى مِن خَريفي :
بَعضَ آثارِ الجُنودِ....
بَيرَقاً...
وَالجِسرَ...
والفَوضى...
وَجوقَةَ النَّشيدْ
 
ماذا تَبَقّى مِن رِدائي غَيرُ لَحمي
ذِكرَياتٍ مِن جَليدٍ.... مِن جَليدْ؟!
ماذا تَبَقّى ؟
اُصرُخي
هذا هُوَ الخَيطُ الَّذي لا يَنتَهي
وَردانُ ، وَاسمي ، وَالقَطاةُ
جَفَّ كَفّي فَوقَ زَهرٍ ذابِلٍ
لَم أَقطَع الأَعرافَ بَرقاً
لَم يَزَل قَلبي عَلى زِنادِ خَطوي
نِصفُ عُمري كانَ لي
وَنِصفُ وَقتي
غَيرَ أَنّي قَد أَضَعتُ الخَطوَ أَمشي
خلفَ آثارِ العَبيدْ
 
ما كانَ بَيني حينَ سَدَّدتُ الخُطى
وبينَهاإلاّ ذِراعٌ تَرتَجِفْ
رَأَيتُ جِسراً مِثلَ حَبلٍ
قَد تَدَلّى مِنهُ صَيّادٌ وَحيدْ
رَاَيتُ جِسماً مِن حَديدٍ بارِدٍ
شَقَّتهُ روحي خِلسَةً
رَأَيتُها
مَليكَةً
تَحُطُّ فَوقَ عَرشِها
شُجَيرَةٌ غُصونُها ضَفائِرٌ وَماءْ
رَأَيتُها
أَضَعتُ عُمري لاهِثاً
وَراءَ آثارِ الغُرابِ
مَرَّةً صَدَّقتُ روحي كاذِباً
وَمَرَّةً
كَذَّبتُ روحي صادِقاً
ما كنتُ وَحدي واقِفاً خَلفَ الزِّنادِ
كُلُّ رَملِ البَحرِ خَلفي.... كانَ خَلفي
كُلُّ عُمري كانَ خَلفي.... مِلءَ خَلفي
كُلُّ خَيباتِ السِّنينِ
كُلُّ حُزني واقِفٌ فَوقَ الوَريدْ
 
الآنَ أَمضي راضيا نَحوَ السَّماءْ
جَدَّدتُ عُمري
لَم يَكُن لي جُثَّةٌ أُخرى
تَجيءُ كُلَّ عامٍ بالبَريدْ

إلى عبد الرحمن منيف، ذكرى الجسر الذي ما زال معلقا كالمشنقة


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى