الاثنين ٨ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠١٢
بقلم فراس حج محمد

تقتلني الوحدة يا شهرزاد!!

تكاد الوحدة تقتلني يا شهرزاد، أرى طيفك من بعيد يتراءى مثل خيط دخان يتلاشى في أفق السماوات، أحاول أن أتشبث بشيء من سراب، فتردني الخيبة حسيرا والها، تكاد النفس تتشظى وهي مصلوبة في الساعات الأولى من ساعات الليلة الثالثة بعد الألف، أحاول أن أقول، فيعجزني غيابك، فتفلت الكلمات وتتخبط الأفكار وتتصلب العيون شاخصة نحو البعيد البعيد، فأين ذلك الألق؟ وأين ذلك الرحيق؟ وأين ذاك البهاء المشبع بالرضا والتجلي الملائكي الساحر.

تكاد الوحدة تقتلني يا شهرزاد، فكيف لي أن أجرجر أيامي وقد أدمنت صوتك ورنته الشجية تخاطب مسمعي وتحاور فكري وتناجي روحي، كيف لي أن لا أرى صوتك متجليا في كل صوت، وصورتك متحدثة لبقة في صورة كل ملاك طاهر يمر في خيالات الرؤى كعرائس المروجة الزاهية. غبت يا شهرزاد، فغاب ربيع قلبي وصادر النورَ حجابُ الآفاق المستكينة المجنونة في غياب طال وأخذ يكتب قصة الضياع الأبدية، وقد تركت الأمل في مرآته باكيا صباح مساء ليس له من بارقة فيشعلها، تجمدت النجوم في مواقعها، وسلبها غيابك البريق!!

الوحدة تقتلني يا بهية الفتن العصرية الأنثوية السابحة في الجوى كضياءات القناديل المنبثقة من مصابيح الصباحات الساكبة فجرها أغنية تدغدغ أعمق المشاعر، فتحيلني طفلا يغفو بين ذراعيك وينام حالما بأنك أنت المستقبل الزاهر والمسكن العامر والحب الغامر المسافر على أشرعة الجلالة في دنيا لن تكون إلا لي ولك، لا يعنيني من هذه الأرتال البشرية غير وجودك، فإن غبت فلا أحد في هذا الكون يمكن أن يكون بديلا عنك، فهذا الزحام لا أحد على رأي الشاعر.

إن الوحدة تقتلني يا شهرزاد، تنفستني الدقائق والثواني، وسحقت دماي، مشت مشي السقيم في شراييني، تسأل دقات القلب الكسير عنك وعن جنون غيابك، أين أنت يا شهرزاد؟ وعدتك بالتغيير فتغيرتُ؟ وعدت بأن أكون لك وأستمع لحكاياتك فتهيأتُ؟ وبعد كل ما قدمتِ وقدمتُ تغيبن كأصيل المساء الذي قتله الظلام، تمنيْ يا شهرزاد فسأعطيك وأشبع خاطرك، ليس كلاما طافحا بالخيال، وإنما آيات أسطرها من وحي روحي دستورا ملتزما به طوال ما تبقى لي من حياة، لك الروح والقلب والعقل والنفس، كما لك الحكايات والرؤى والأغاني.

غيابك قاتل، وانتظاري لك أقسى مما أستطيع تحمله، فتجلي بصورتك وبصوتك واحتليْ كما كنتِ قلبي واغمريه كما غمرتيه حبا وحنانا وشوقا وأماني، النفس فداؤك يا ساكنة الروح!! لن يحلوَ لي وقت وأنت تحتجبين بين ذراعي شمس استأثرت فيك، وأخذتك بعيدا حيث الرفعة والترفع، ليس لي للقلب حظ منها ومنك غير رؤية سناها مشعا من بعيد، يدخل القلب حارقا، لا يشعره بالدفء بقدر ما يشعله بالحنين، لله درك ودر الغياب ودر النفس الوالهة المصلوبة في ذاكرة الوجع، لله درك يا شهرزاد!

لله در البعد ما أقساه!!

أشقى الفؤاد على حنين لظاهُ
أللهَ يا قلبي وحرقة أضلعي!
جودي بوصل في جموح صداه
لا تتركيني مثل طفل ضائع
لا يرتجي إلاك أمّا أو أبا يرعاهُ!
ماذا أقدم كيْ تعودي وردتي؟
قلبي فداؤك يا أعز مناه!

مشاركة منتدى

  • نص رائع آخر من نصوصك الرائعة, اهنئك.
    كما أنني متأسفة لأنني لم أكتشف هذه الدرر و معها موقع ديوان العرب إلا منذ فترة.
    لست مختصة لكي احلل النصوص و لكن يمكنني القول أن نصوصك ممتعة و خفيفة تعرف كيف تدخل القلب و الروح و تمتع الفكر.
    تهاني و مزيدا من هذا الجمال و المتعة.
    بالتوفيق لك و لديوان العرب.

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى