الثلاثاء ١٠ تموز (يوليو) ٢٠٠٧
بقلم محمود حمد

تُعرَضُ عشتارٌ في سوقِ غنائِمِهِم مَغلولة!

ذاتُ صباحٍ فُتِحَتْ نافذتي الرَمليةِ..
فَوجدتُ الحَجاجَ بأطرافِ الكوفةِ يُحصي أكوامَ الجُثثِ المجهولةِ..
يَمنحُها أكفاناً من جلدِ ضحاياهُ..
ويُصلي وفريقٌ دونَ وجوهٍ في صفحاتِ التاريخِ..
كي يُدْخِلَ سيفَه بِرِقابِ الجَنََّةِ..
نَفَخَتْ ريحٌ عاتيةٌ بالجلدِ العالقِ في كَفِّ الحجاج..
تَنامى..
صارَ كياناً اعرفهُ..
تَقَدمَ نحوي..
اخبَرَني:
إن نجوماً تَتَساقطُ للأرضِ بِوَحي السَيفِ القاطرِ..
يَتَلَقَفُها ثُعبانٌ يَتحوى وسطَ الصحراءِ..
يُتْخَمُ مِنها..
يَتَمَدَدُ بَطَراً..
يَصبحُ نَهراً للموتِ المُتَدَفِقِ..
تَملأُ صورتُهُ جُدرانَ المُدُنِ السوداءِ..
َتخرجُ مِنها ديدانٌ لَزِجَةٌ..
تَزحفُ قطعاناً وقبائلَ سَلْبٍ..
في أقبيةِ الماضي ورياحِ الحاضرِ..
تَبحثُ عَنّا..
إحذَرْ..
لا تَتْرك وَشْماً فوقَ رمالِ الصحراءِ..
أو حَرفاً بينَ صفوفِ الكُتُبِ المُغْتَصَبَة!
...........
يَكبرُ ثعبانُ الصحراءِ النِفطيُّ..
يورِثُ كنزَ جحيمٍ مطمورٍ في أعماقِ الأرضِ..
في زمنٍ يَطغى فيهِ جليدُ الحاجةِ..
يَعرِضُ في سوقِ القَرِّ وقوداً..
ويساوِمُ:
- من يَقْطعُ رأسَ النخلةِ..
.................... يأخُذُ برميلاً من نفطِ البصرةِ..
- من يَكتُمُ فاهً ساخطةً..
.................... يَكسِبُ برميلاً من نفطِ الجيرانِ..
- من يحبسُ أنفاسَ العَنبرِ..
..................... يُهْدى زَيتاً للدباباتِ..
- من يَحرِقُ دربَ الريحِ المُمْطِرِ..
..................... يُعْطى موقدَ دفءٍ في أحياءِ الجَنَّةِ..
- من يَحرمُ حرفاً من إيقاعِ الشِعرِ..
.................... يكافئُ برغيدِ العيشِ..
- من يحرقُ لوحاً في فصلِ الدرسِ البِكْرِ..
................. يصيرُ أميراً للوِعّاظِ المُنْتَجبين..
.....................
تُعرَضُ عشتارٌ في سوقِ غنائِمِهِم مَغلولة..
يَلْتَفُّ عليها المُحتَلون..
وذُبابُ فَطائِسِهم..
يَدفَعُ احدهم "لَيْلَتَها" بسفينةِ زيتٍ عربيٍّ فاخرٍ..
والآخرُ يَخدشُ هَيبَتَها..
تُلْقى عشتارٌ عاريةً في لَيلِ بَضائِعِهِم..
يَطلبُ قائِلَهُم أنْ تُرْجَمَ بالحجرِ المُشْبَعِ بالبترولِ..
وتُشْعَلُ فيها نارُ التوبةِ..
فالمرأةُ "فاجرةٌ"..
............ رَفَضَتْ أن تَجعلَ محرابَ الأجدادِ ملاذاً للقتلة..
.............................. مَذْخَرَ تَفخيخٍ للجُثَثِ المتخومةِ بالبترولِ..
.............................. حانةَ سُكْرٍ للمحتلين..
تأتيها "النَخوةُ" من كُلِّ ديارِ الأهلِ..
كُلٌّ يَعرضُ شَهوَتُه فوقَ صفيحِ البترولِ..
يَدورُ "الأخوةُ"و"صفيحُ البترولِ" عقوداً حَولَ حياءٍ عُريانٍ..
توقِدُ عشتارٌ غَضْبَتَها..
تَتَوهَجُ..
يَمتَدُ اللهبُ المُتفجرُ من مهجتِها لشوارع "دار الحكمة" المحتلة!

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى