الأحد ١٨ آذار (مارس) ٢٠٠٧
بقلم راندا رأفت

ثلاث قصص قصيرة جدا

لا شيء

في خضم لحظات من التفكير ، وعملي الذهني الذي أداوم عليه ، ويحتل كل خلايا مخي... شرد خيالي في شيء ما ، غير محدد الملامح ولا الإتجاه ،كأنها لحظة توقف للعقل.

كنت وقتها على جهاز حاسبي الشخصي ، لا أعاني شيئا ولا أريد شيئا ، في حركة آلية اعتدتها دخلت على محرك بحث أضعه في ملف مفضلاتي ، كتبت أشياء وأشياء أبحث عنها ، أبحث فقط لا أدري ماذا أكتب ولا ماذا أقرأ مجرد صور لصفحات متداخلة متعددة الأشكال والألوان ، وكأن العقل حين ينشد الراحة يعبث .
دخلت فيما دخلت على لعبة أو خدمة كما يسميها مبتكرها، تقول لي: أعرف عمرك ، ابتسمت ابتسامة بلهاء... طاوعتها ،أدخلت لها كل المعلومات التي طلبتها مهمة وغير مهمة ، كانت صادقة أجابتني بعمري على وجه الدقة بالسنة والشهر واليوم ، حتى الثواني لم ترحمني من رؤيتها تتزايد في عداد سخيف، رتيب، مؤلم
ولم أرحمها من الترقب والانتظار .

صورة للتاريخ

حالة هيستيرية من الضحك بدا عليها ... ذلك المصور العجوز الذي لجأت إليه؛ كي يلتقط لي صورة فوتوغرافية... أجلسني على كرسي... قام بضبط الخلفية... ثم وقف خلف آلة التصوير... وبدأ ضحكة يعلو تدريجيا ... أبدل آلة التصوير عدة مرات ....

سألته بتعجب وملل: هل خطأ ما؟ أو في شكلي ..!
قال بجدية : أنت غير ظاهرة للعدسة ...

استنكرت قوله ، حسبته إما مجنون أو يستهزيء بي... نظرت إلى شكلي في المرآة؛ ربما شيء ما يبعث على الضحك من منظري، لم أجد ... شكرته وخرجت .... لاعنة اللحظة التي فكرت فيها للدخول عنده...
بعد أيام، عدت إليه... لما رآني أبتسم مشفقا...

قلت له : كلامك صدق، أنا غير قابلة للتصوير...
قال : ربما أنت من زمن لا يكتبه التاريخ، والتصوير تسجيل للتاريخ.

فشل مزمن

ربما هي رغبة مشروعة جدا، أمنيتي أن أكون الأولى في كل شيء..
في المدرسة، لم أحقق أعلى الدرجات، قلت: تخلف نظام التعليم...رغم أن آخرين يتفوقون.

لم أجد ذاتي في الجامعة، قلت: توجيه الطالب نحو التخصص غير كفيء، رغم أن آخرين يحققون أنفسهم ويتفوقون.
لم أجد عمل، قلت: الواسطة والمصالح فوق كل شيء، رغم أن آخرين يعملون بمجرد تخرجهم، وعندما وجدت العمل الذي أردت، لم يكن هو ما تمنيت.

لم أجد زواج، قلت أن المال وفقدان الثقة هما العائق، رغم أن الآخرين يتزوجون، وعندما وجدت الزوج، كان هو العائق..
لم أجد شيء.. وعندما وجدت شيء .. كان هو الموت... قلت: أنا الفاشلة الوحيدة في هذا الكون.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى