ثورة شعبي الحبيب في مصر
أنا على يقين أن الجميع داخل النظام وغيرهم من المتنفعين والانتهازيين وأصحاب القرار في كثير من الدول التي ترعى الدكتاتورية والظلم والفساد.. هم حاليا يتآمرون بشتى الطرق لإجهاض ثورتكم... لذا أحببت كمصري يهمه مصر وأبناء مصر الغيورين أن أوجه لهم رسالة عاجلة تم اختصارها في نقاط:
يجب وبشكل لا رجعة فيه الإصرار المستميت على رحيل النظام، النظام.. وليس الرئيس فقط قبل التفاوض أو القيام بأي إجراء.. لأن التوقف عن الثورة أو منح النظام فرصة الاعتراف والإصلاح ولو ساعة من الزمن سوف يكون النهاية لهذه الثورة وسيتبعها مباشرة الملاحقة والقتل وكل ما تتصوره من إجرام.. لذا أن نموت بشرف خير لنا من أن نموت بذله وقهر وتهم عسكرية جاهزة سيطبل لها النظام وسيحولها من باطل وجريمة حرب إلى حق ومحاربة للإرهاب!! ولكن لو افترضنا جدلا أن الرئيس سيرحل وسيبقى نظامه، أقول مهما تغيرت الوجوه.. هي في الحقيقة خدعة قدمت مصالح الحزب الشخصية على مصالح الشعب من جهة، واستمرارية واعتراف بشرعية النظام وبقاء قوته وجبروته وفساده وولاءاته من جهة أخرى.. وكأننا رجعنا إلى نقطة البداية ولم نفعل شيئا.
وبالتالي ذهبت أرواح المصريين وجهودهم الجبارة والراقية في هذه الثورة أدراج الرياح!! لذا علينا أن نتنبه لهذا جيدا وأن نكون في أعلى درجات اليقظة والحيطة الحذر وعلى شعبنا أن يصبر وأن يساند ويدعم بعضه بعضا دعما مباشرا ولوجستيا.. حتى ولو طال الزمن فالنتيجة في النهاية لصالح جميع الشعب الغيور.. ولأن طول المدة في صالحنا وليس في صالحهم.. وعلى الشعب أن يفهم ويستوعب أن نظام مبارك يلفظ أنفاسه الأخيرة وسينهار قريبا طالما صبرتم.. وفي المقابل عليكم أيضا أن تعوا وتعلموا أنه بغض النظر عن الضغوط الغربية وغيرها لإبقاء ودعم نظام مبارك، فهناك هاجس يخشاه مبارك وكافة أركان النظام، وهو أن عدم تنازله أو تنحيه ومحاولة الإصرار أن يخرج هو ونظامه بشكل مشرف بعد فترة من الزمن وهذا مستبعد.. قد يساعده في عدم الملاحقة الجنائية والقانونية..
وهنا أقول أن أرواح وأموال وعزة وكرامة الشعب المصري لا تسقط بالتقادم ولا تسقط بالتعهدات ولا تسقط بالحصانة الكاذبة ولا بأي مبرر كان.. لأن القضية قضايا قتل ونهب وسلب وحدث ولا حرج من الظلم والفساد طيلة (30) عاما..فهو المسئول الأول لأنه على رأس السلطة وأقسم بالله أمام الملأ على ذلك وقد خان القسم وخان الشعب.. فلابد أن يلقى جزاءه هو وبقية من شاركه في هذا الإجرام والإرهاب.. أقول طيلة هذه المدة وما تخللها من فساد وظلم في جانب، وما فعله ويفعله منذ بداية الثورة في 25 يناير باستخدام الأرض المحروقة جانب أكبر وخيانة عظمى لأنه أثبت لنا أنه مستعد بأن يضحي بشعبه في مقابل بقاءه وتلبية لرغبات أعداء الشعب في الداخل والخارج (وهنا أتعجب عندما يقوم عدد من النخب في بلدي مصر بتقديم تعهدات لمبارك ونظامه رغم أن هناك ملايين من الشعب المصري تم قتل عدد منهم وسلبت أموالهم وتم قهرهم وإذلالهم.. فكيف يستساغ أن يقوم مثل هؤلاء بالتحدث نيابة عنا، في حين أن كثير من هذه النخب ربما لم يذق طعم القتل والقهر والذل والمهانة، لذا حري بهؤلاء الدفاع عن الشعب أو الصمت خيرا لهم لكي لا يرميهم الشعب في مزبلة التاريخ كما رمى غيرهم.. حتى ولو كان قصد هؤلاء النخب مجرد تكتيك للخروج من الأزمة)..
وفي هذا السياق أأسف كثيرا عندما أسمع عدد من المفكرين (وهنا أتساءل كيف تم نعتهم بالفكر وهم بعيدين عنه) أن محمد حسني مبارك يرغب في البقاء في مصر بعد أن يتنحى أو يتم خلعه، لذا حري بالشعب أن لا يخرجه من بلده ويُسلم ببقائه.. أقول لهؤلاء المفكرين وغيرهم أن مبارك متى ما ترك السلطة هو الذي سيهرب تحت جنح الظلام كما ذهبت عائلته وأبناؤه.. لأنه يعلم علم القين وعلى دراية تامة أنه لن ينجو من الملاحقة القانونية للأسباب التي أشرت إليها أعلاه، وأخير أقول ختاما لهذه النقطة، أنه مهما كان الزعيم أو الوزير أو المدير أو الشخص العادي سويا وقام بإنجازات جبارة في بداية حياته أو خلالها.. فإن هذه الإنجازات وخلافه.. لا تعطيه أبدا الحق أن يفعل ما يشاء من القتل والظلم والفساد.. والحصانة هنا تكون منتفية نظاما وعرفا.. ولا محل لها من الإعراب ألبته.. بل يجب أن يلقى عقابه.. وأما إنجازاته إن ثبتت فهي لنفسه، وإذا كان مسئولا تكون واجبة عليه وليس له فضل في ذلك لأته يتقاضى أجرا مقابل ذلك من أموال الشعب.. لذا يجب أن نزن الأمور بميزان العدل والأمانة والعقل السليم بعيدا عن العاطفة فالأمر يتعلق بمصير أمة بأكملها.
يجب تغيير تكتيك المظاهرات اعتبار من الآن وذلك بما يلي:
المرابطة الدائمة في ميدان التحرير بأكبر عدد ممكن من المتظاهرين.. مع ضرورة عدم اختزال ثورة الشعب المصري في المتظاهرين الموجودين فقط في ميدان التحرير بل يجب أن يعلم ويعي النظام أولا والعالم ثانيا أن هذه الثورة هي ثورة لجميع الشعب المصري الحر في مختلف المحافظات والمدن.. بغض النظر عن الانتهازيين والمفسدين سواء داخل الحزب الوطني أو خارجه.. على اعتبار أن أي حر مصري لا يرضى أبدا أن يقوم أي شخص سواء كان رئيسا أو وزيرا أو شرطيا أو أين كان بإذلال أو قهر أو إيذاء أو قتل مصري واحد طالب بحقوقه.. فإن فعل ذلك فكأنه قتل أو قهر أو أذل المصريين جميعا.. وهذا الشيء يتفق مع الفطرة السليمة والسوية.. فكفانا مزايدات ومسومات بشعب مصر الأبي الحر.
عدم الاكتفاء بميدان التحرير بل لابد ويتحتم تسيير مليونية أخرى إلى القصر الرئاسي.. وأخرى إلى وزارة الداخلية.. وأخرى إلى التلفزيون المصري الرسمي للنظام.. وأيضا من الأهمية بمكان تسيير مظاهرة حاشدة أمام وزارة الدفاع لإيصال رسالة أن الجيش ملك للشعب المصري حسب العرف الدولي وحسب الدستور الذي نص على ذلك صراحة في مادته الـ (180) من الفصل السابع، وذلك لسرعة حث الجيش على التدخل وعدم المساومة بشخص وأنصاره المعدودين مقابل شعب بأكمله ومقابل كسر الدستور والأعراف.. مع ضرورة أيضا تسيير مظاهرات حاشدة في كافة المدن المصرية والتوجه إلى أماكن حساسة وذات صدى إعلامي في كل مدينة.. وأنا على يقين أن استخدام مثل هذا التكتيك سوف يربك النظام وسيعجل من سقوطه واستسلامه وانتهاءه إلى الأبد.
الابتعاد كليا سواء بالتلميح أو التصريح قولا وفعلا عن أية توجهات وشعارات مناهضة للغرب والصهاينة في الوقت الحالي، والاكتفاء فقط برفض التدخل الأجنبي وأن هذه الثورة شأن داخلي ولا يحق لأي طرف خارجي التدخل لا من قريب ولا من بعيد.. وأيضا يجب الحذر من التوجه أو الاحتشاد أمام أي مواقع قد يستغلها النظام ضد الثورة وأهم هذه المواقع التي يجب الابتعاد عنها ونفيها في حال اتهامكم بها جملة وتفصيلا.. أولها الابتعاد كليا عن منطقة سيناء وأنابيب الغاز حيث أن النظام الذي فقد شرعيته قام يوم السبت الماضي بتفجير أنابيب الغاز لكسب تعاطف العالم الغربي الذي يدعم إسرائيل.. لذا يجب نفيها بالكلية والإعلان أن من فعل ذلك هو النظام (لأنه فعلا هو المنفذ الحقيقي، الذي وصلت به الجرأة أن يتهم ويضحي بشعب مصر عندما قام بهذا التصرف المخزي)، أما الموقع الثاني فهو الابتعاد مطلقا عن المنطقة المحاذية لرفح حيث أتوقع أن يقوم النظام بعمل مشابه لعمل تفجير أنابيب الغاز عن طريق إحضار مجموعة بلباس مدني للقيام بتصرف لعله يضر بالثورة، لذا كما أسلفت إذا قام بهذا التصرف يجب نفي ارتباط هذه المجموعة بهدف المظاهرات السلمية وبيان أن الثورة لها مطالب واضحة ومحددة مذكورة في النقطة رقم (3) أدناه، أما الموقع الثالث هو الابتعاد كليا عن منطقة السفارات وخاصة السفارات اليهودية والأمريكية والأوربية.. الموقع الرابع الكنائس وغيرها من دور العبادة.
يجب التركيز فقط على المطالب التي أولها: رحيل النظام مع ضرورة تفكيك الحزب الوطني، والإفراج مباشرة عن جميع السجناء السياسيين ومنح العفو العام لكل من كان منهم خارج البلاد.. وإيقاف العمل بقانون الطوارئ.. ثانيها: يتولى الجيش تسيير البلاد لمدة لا تزيد عن أسبوعين ليتم خلال هذه المدة نقل السلطة لحكومة انتقالية مؤقتة وموسعة يتمتع أفرادها بالنزاهة والعدالة ويرأسها رئيس المحكمة الدستورية لتسيير الأمور التنفيذية حتى يتم بشكل عاجل ومركز إعادة صياغة الدستور على أساس برلماني وليس رئاسي، وما يتبعه من قوانين ولوائح تتطلبها هذه الفترة عن طريق لجنة مختصة بكل ما تحمله الكلمة من معنى.. تمهيدا لإجراء انتخابات نزيهة وعادلة يشرف عليها قضاء مستقل.. بمعنى آخر أن يتم التركيز فقط على هذه المطالب وعدم تمييعها أو توسيعها أو تعديلها وما شابه ذلك فهي كل متسلسل لا يتجزأ.. حتى لا تفقد قوتها وكفاءتها وفعاليتها.
يجب أن يعي الجميع بلا استثناء أن مصر وشعبها الذي تجاوز الـ85 مليون نسمة لا يتوقف مصيرها على شخص واحد أو حزب مكون من مجموعة من الأفراد.. بل مصر غنية جدا بالكوادر المؤهلة.. إذن ذريعة أن ذهاب مبارك سيؤدي إلى الفوضى أو سيحدث فراغ دستوري ونحوه.. هي والله مجرد خدعة مكشوفة من النظام.. وجهل مركب لمن سوّق لها من المتشائمين والمشؤمبن حتى ولو كان على دارية عالية من الفكر والمعرفة القانونية وخلافة، فالحق أحق أن يتبع.. والرد عليها بمجرد نظرة بسيطة إلى التاريخ فضلا على العقل والمنطق.. حيث بيّن وكشف لنا التاريخ أن كل الثورات التي ظهرت وتمكنت هي في الحقيقة قامت على أنظمة كان الكثير منها قائم لمئات السنين.. ومع ذلك انتصرت الثورة وتمكن الشعب من تسيير أموره.. وهذا لا يعني أن الأمور ستمضي بكل سهولة.. بل لابد أن يكون هناك العديد من الصعوبات والتضحيات.. ولكن سرعان ما يتم تجاوزها، وهذه نتيجة طبيعية على اعتبار أنها مرحلة انتقالية.. لذا نجد أن ما يضخمه ويروج له النظام والمتشائمين من التغيير هي دعوة باطلة ينقضها العقل والمنطق السليم والواقع والتاريخ.
من خلال استقرائي لتصريحات وخطابات رؤوس النظام السابق (حسني مبارك وعمر سليمان وأحمد شفيق) تبين لي أن هؤلاء لا يتورعون للأسف الشديد عن الكذب المكشوف والتناقضات الواضحة حتى للسذج من البشر.. وتبين لي أيضا أنهم قاموا بتوزيع الأدوار كأنهم في مسرحية هزلية باهتة وسمجة نصا واخرجا.. وأخذوا يطلقون تصريحات وخطابات كأنها موجهة لأناس في العصور الوسطى!! لذا أقول لهم كفى وعليكم الصمت والرحيل ما دام لكم متسع للمرور وفرصة للخروج قبل فوات الأوان.. وسأضرب لكم أمثلة تبين صحة ما ذكرت، مثلا قال مبارك، إما أنا أو الفوضى في حين قال في بداية خطابه أنه سيرحل ولن يترشح مرة أخرى.. وهذا تناقض مفضوح ويدل أيضا على أن هناك نية مبيتة متى ما منح فرصة لينقض على هؤلاء الشرفاء الأبرياء ليعيث فيهم قتلا واعتقالا!! ومثال آخر تصريحات عن عمر سليمان وأحمد شفيق، أن الانسحاب الكامل لرجال الأمن ومن ثم رجوع كثير منهم بملابس مدنية وبقلوب وضمائر متوحشة.. ليس بأمر من الرئيس أو غيره!!! وإنما هم بلطجية ومناصرين لنظام مبارك!! بغض النظر عن تناقض وكذب هذه التصريحات، أتساءل هنا ويتساءل كثير جدا من الشعب المصري، أين ذهبت الشرطة بأكملها فجأة وبدون مقدمات والتضحية بدم بارد بآمن الشعب ومقدراته.. ومن أين لهؤلاء البلطجية بالغاز المسيل للدموع ؟! ومن أين لهؤلاء بالقنابل الحارقة؟! ومن أين لهؤلاء بالأسلحة؟! ولكن من أشد ما سمعت ويدل دلالة واضحة على الكذب المخزي، قول أحدهم أن هؤلاء البلطجية هم من فروا من السجن بعد أن أخذوا عدد من الأسلحة، فاستخدموها ضد المتظاهرين المسالمين، أقول هذا كذب وافتراء، لأنه لو افترضنا جدلا صحة ذلك، لكان لزما أن تكون هذه الأسلحة موجهة ضد النظام وأزلام النظام من الشرطة وغيرهم وليس ضد متظاهرين عزّل ومسالمين، أليس كذلك؟ وأخيرا يجب أن يعي الشعب المصري أن هؤلاء الثلاثة المشار إليهم أعلاه، أثنين منهم منكشفين وعلامات الحقد والكبر والاستعلاء ظاهرة للعيان، ولكن عليكم الحذر من الثالث أحمد شفيق فهو يستخدم المكر والطيبة وحلاوة اللسان.. ولكن أنا على يقين أن الشعب المصري الواعي لن تنطلي عليه تمسكنه ونفاقه وألاعيبه الاستعطافية والاستجدائية التي عفا عليه الزمن وأصبحت تصيبنا بالغثيان.
لو قُدّر أن النظام استمر ينافح حتى نهاية هذا الأسبوع، فأرى اعتبارا من الأسبوع القادم أن تعطى الفترة القادمة مسمى مفتوح، وأقترح أن تسمى (أيام الخلاص) حتى يسقط النظام برمته.. مع ضرورة مراعاة ما أشرت إليه من تكتيك للمظاهرات في النقطة رقم (2) أعلاه.
وأخير أُناشد شباب الثورة ومحركها الأساسي أن يحذر أشد الحذر من عملاء النظام المندسين بينهم، وعليهم أيضا أن يأخذوا الحيطة من بعض الشباب الذين تم اعتقالهم ومن ثم تم الإفراج عنهم خشية أن يكون النظام قد عقد صفقة مع بعضهم، ولا يعني ذلك اتهامهم ونبذهم وإنما أخذ الحيطة والحذر في ظل هذه الظروف التي تتطلب مثل ذلك، وأناشدهم أيضا أن لا يقتصروا في قيادة وتسيير المظاهرات ومعرفة التكتيكات وأدوات التواصل الاجتماعي في الانترنت.. على عدد محدود من الشباب بل لابد أن يتم توسيع القاعدة القيادية والمعرفية بين عدد كبير جدا من الشباب.. لضمان استمرار عنفوان الثورة التي تزداد قوة يوما بعد يوم.. في حال تم اعتقال عدد من الشباب المختصين وذلك بتحريض وتسريب من عملاء النظام المندسين بين الشباب والذي أكاد أجزم بوجودهم.
وفي نهاية حديثي أقول لشعبي الأبي العزيز لا ظلم ولا فساد بإذن الله بعد اليوم.. شريطة تماسككم ووعيكم واتخاذ الأسباب المشار إليها أعلاه وما شابهها.. والتوكل على الله تعالى أولا وأخيرا.