السبت ١٨ شباط (فبراير) ٢٠١٢
بقلم كريمة الإبراهيمي

حب كالمطر..

شموع..وقصيدة حب في عيني..

كان ذلك في ليلنا الأخير على الحب وبقايا الحلم المكسور في زجاجة عطر..

الحب وحده يعيد علاقتنا بالأشياء..فلنتجدد به..قلتَ لي..وفي القلب مات الحب..أقطع الشوارع المزدحمة بالوجوه..يغسلني المطر البارد وشجر التوت الممتد يعيدني إليك..

عيناك تومضان في دمي ويستقبلني صدرك المخضل برائحة المطر فأرمي إليه بأشلاء عمري المتطايرة في أحلام ينسجها النهار ليمزقها الليل إذ تتعدد الحواجز المزيفة والقنابل الملونة بشرائط حرير..

بعدكَ لاشيء لي..يملؤني الفراغ وبقايا وجهك المفتت..وجهكَ ما زال يطل علي ضاحكا كليلة قمر..أفتح ألبوم صورنا وأتلمس يديك.."فجأة غاب وجهك الذي من ضوء وخلفني لوحشة العمر..فجأة انطفأ قلبك وخانني نبضه..".

أجلس إلى النافذة المفتوحة على المطر..حباته تنزلق في دمي باردة..تعيدني لتلك اللحظة..كان الشارع طويلا..اشتد وقْع المطر وكنتَ تحتمي بمظلتك مداعبا الأوراق المترامية بقدميك..ركضتُ خلفك ومع خطواتي المسموعة كان المطر يتطاير من حولي..قلتُ:
 لو سمحت..استدرت نحوي وقد أبعدت المظلة عنك..

شيء ما حدث..نسيتُ المطر وضمتني عيناك..مشيتُ إلى جانبك وقد احتميت بك بالمطر..تسربت إلي رائحة عطرك ودفء لذيذ أعادني طفلة من جديد..
تصافحنا حين توقف المطر وكان أن أحببتك "يعيدني إليك المطر.. يعيدني إليك عبق الشوارع وأمسيات من شعر وصوتك يغطيني..كل الأشياء ما تزال شاهدة على غدرك فهنيئا لك على قتلي.."

أبكي في عمري المجروح..ألملم بقايا الياسمين وحكايانا..أنتظرك على ضفة الحب الأخرى..لكن الضفة حملتك إلي في تابوت إذ كان موعدنا..انتظرتك على شاطئ المطر الأزرق..كانت بي رغبة في أن يحتويني صدرك كلما هطل المطر غزيرا..أتى المطر لكنك ما أتيت..كلا كما وأنا كان المطر ثالثنا..قلت لي يوم غسلنا المطر معا:أعدك بحب كالمطر..

أحببتكَ بعدها وأنت تعدني بكل ما كان-علاء- يعدني به..ويوم رأيتك رأيته فيك..أو ربما أردت أن أراك فيه لأنسى موته/موتي المتكرر..

ورد أحمر..

وليلة ماطرة..

تدخلني صدرك البارد وترشني بعطر ثمين..

أحاول أن أحافظ على اتزاني في صدرك وأنا أدري أنهن كثيرات لا يحافظن على اتزانهن فيه..المطر ينهمر أكثر وشاطئنا الممتد تمتزج مياهه بحبات المطر في عناق دافئ..و-علاء- يأتي وفي يده نامت بنفسجة يغرسها بشعري وحبات المطر المتناثرة على وجهه تبللني ودفء كبير يغزوني فأرتمي بصدره الطافح بالمطر..نضحك بفرح ونركض تحت المطر كطفلين..وحين يكف المطر عن عزف لحنه نقف دهشين من الركض..

يداك تمسحان من على وجهي حبات المطر وتقول بصوت حزين:كم هو رائع هذا الوطن..فقط لو الموت يخلف مكانه للحب..

أرد عليك بجملة أقل حزنا:هذا الوطن سيهزم الموت والغد سيكون أجمل..

وأنا معك..أدركت أن الموت قد هزمني يوم أخذ مني-علاء- والغد قد وعدني بك أنت..لكنك كنت غيره..كان مطري وجنون العمر حين نعيشه بدفء..

كلاكما كنتُ له..والمطر كان دائما سر الحكاية..

اللحظة وأنا أفتش عنك في زوايا هذا البيت البارد أؤكد أن حبه كان مطرا دافئا غسل دروبي التي جفت، وحبكَ كان صيفا جافا ما لبث أن أحرقني ببطء..


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى