الاثنين ١٢ نيسان (أبريل) ٢٠١٠
بقلم شادي خليل أبو عيسى

حدائق الوقت..

جامع الحدائق والوقت

حدائق الوقت.. العطر الثاني للشاعرة والأديبة المتميّزة والرقيقة صونيا الأشقر.

تقف قصائد هذا الديوان الشعري عند هموم انسانية واجتماعية وعاطفية... هي حصيلة رؤية نابعة من ذاتية الشاعرة – زارعة حدائق الوقت- وعواطفها وأحاسيسها الرقيقة. تتشبث بقيم الحياة الفاضلة ومفاهيمها النبيلة. ترسم أحلام الصغار بعيون الكبار.

تقول: «أبعادٌ! ترافقها نَظراتْ تلهو، فرِحَةً تخطُف أنفاسها خيوطٌ حريريَّةٌ تَعكِس إبداعَ الوجودِ، فتبتسمُ ألوان الطبيعة لتتناغم معها زقزقاتٌ موسميَّةٌ...» نعم، كلماتها تلهو على ضفاف الشعر بين نسمات الريح العابقة بالعطر القمري.

صونيا الأشقر، شعرها ينبع من مفارقات تؤكد أجواء التمرّد والخيال.. أجواء الحلم والآمال.. أجواء العشق والحنان.. أجواء الظلم والكمال...

«لِما نبني أحلاماً على رمالٍ صحراويّةْ، لا قرار لها ولا نظام...». سؤال تطرحه بشغف وواقعية.

تعشق الهمسات، فأرهقتها «لتصيرَ أشجاراً تتناثَرُ أوراقها منشدةً هيهاتْ هيهاتْ لروائع تُنشدُ: للزمن فُسَح الإختيار».

تكتب الزّمان وتناجيه.. «هاكَ ارمني، جرحيْ عميقٌ مبرَمُ، خُذني إليكَ، فأنتَ فيَّ تُنسِّمُ...».

حدائق الوقت.. لبنان يحتويه بعمق وصدق.. «لبنانُ صفِّق ففي أبنائكَ انزرعتْ / ريحُ الرُّجولة.. في الأمداءِ والهُضُبِ».

تحمل في شعرها مفهوم المحبة في طياتها فضيلتي الصدق الوفاء...

يتعاظم إحساس الشاعرة بمأساة الحياة فتشعر بالظلم يلفّها فتنشد للزمان ولأنغام الطبيعة وألوانها وعصافيرها..«با صغارَ الوردِ غنُّوا وتعالوا، وطني صار السَّفرْ...». «رنِّمي وارتحلي يا مصابيحَ السَّفرْ، حبُّنا آتٍ مِن الآهاتِ مِن موج الزَّهَرْ...» تحلم باللقاء، وتسعى إلى الكشف عن كلماتٍ تفَّككتْ أحرفها...

تزرع الحب..تبحث عن الحب..تلوّن قمر الحب..وبعد.

زُرعت فيها نسمات القدر، لتحاكي القمر وتدعوه لمشاركتها الفرح.

«يا قمرَ الحبِّ، تعال انسكبْ / في مرقص الشّمسِ، ليحلو النَّظرْ...».

توحي صورة الوطن بوصفه مقهوراً وشامخاً في آن معاً، يطرق باب الأمل بحزم وعنفوان.

الحب هو سرّ بقاء ووجود شاعرتنا ومفتاح سعادتها والسبيل إلى اخضرار أيامها الحائرة.

ويعبِّر الشاعر والفيلسوف روبير غانم في مقدّمته الرائعة عن إبداعات شاعرتنا الخلاّقة.«يتحوّل القلم إلى سطوع، والسُطوع إلى لَهَب، واللَهبُ إلى عصْفٍ وصَخْبٍ وغرائبيّةٍ وهدوء...». «صونيا الأشقر، ذاتُ لحونٍ داخليّة، تحدّثَ عنها» برغسون، ومعه «هايدغر»، وقبلهما، بشكلٍ أو بآخر، «ديكارت» و «ابن سينا» و«الفارابي».....
ويُضيف: " قرأتُها هي بالذات، في «حدائق الوقت». قرأتُها، تأمّلاتٍ ووطنية وغزلاً واستشرافاتٍ على الآتي...فأدركتُ كم أنّ هذه المرأة- هذه الزوجة والأمّ والمديرة والناشطة ثقافياً واجتماعياً...أدركت كم هي في سباقٍ مع الطموح الخلاّق، مع الزَّمان الذي أرهقني ل «أعرفهُ »، أكتشِف أسرارهُ، وشعرتُ أنَّ لديها رغباتٍ في توغُّلهِ، من خلال كتابها- قصائدها المتوغِّلة في الرّوح، المطلق والشفافيّات....

تسأل ربّها، تخاطبه وتناجيه... «أنا هنا! أم لا!». تركض عن متاهات الصَّقيع، في وادي الدموع...

إيمانها رومنسي النكهة.. إيمانها السّماء.. «وزِّعوني في الهواءْ، واشتُلوني في المَطَرْ / وانثُروني في البهاءْ، فغداً يأتي السَّفَرْ...».

صونيا الأشقر، لا تكتفي بالوصف الجميل، بل تتغنى بالجمال عبر أسلوبها الرقيق والهادف والدقيق...

تتابع أعمالها بنشاط وعزم.. فكان ديوان «حدائق الوقت».. جامع الحدائق والوقت.

صونيا الأشقر، أميرة العطر القمري.
 

جامع الحدائق والوقت

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى