الاثنين ٤ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٠٦

حساء الحلزون أعشابها علاج

الرباط: لطيفة العروسني - لندن: الشرق الأوسط

لا تحتاج وانت تتجول في احد الاسواق الشعبية في الرباط، الى من يدلك على محل لبيع حساء الحلزون، فالرائحة الزكية للأعشاب المنسمة المنبعثة منها تقودك اليها بسهولة، وإذا كنت من المحظوظين فقد تلتقي بأحد الباعة المتجولين يقف في زاوية الشارع او في وسطه، وراء عربة تتوسطها طنجرة كبيرة يتصاعد منها البخار، وحوله مجموعة من الناس يتلذذون بشرابها الحار وبحبات الحلزون مستعينين بإبر لالتقاطها من داخل قواقعها.

هذا المشهد يتكرر طوال العام في الرباط وفي مدن مغربية عديدة، فحساء «الغلالة» او «الببوش» كما يسميها المغاربة، نادرا ما تعد في البيوت، لذلك فهي تعرض للبيع في الاسواق. وعلى غير المتوقع نظرا لأعشابها التي تبث الحرارة في الجسم، فهي متوفرة في جميع الفصول، بما في ذلك فصل الصيف.

محمد الصحراوي، اشهر من يبيع «الغلالة» في الرباط، اشترى محله الصغير الواقع بشارع الحسن الثاني، احد الشوارع الرئيسية في العاصمة المغربية قبل 36 عاما، لكنه بدأ في مزاولة هذه المهنة فعليا منذ 50 سنة، وبالتالي يعتبر احد «الخبراء» في مجال طهي الحلزون، ويستحق شهادة الجودة العالمية لأنه يستطيع ان يميز بين الجيد منه والرديء عن طريق تذوقه وهو حي قبل طهيه.

يشتري الصحراوي الحلزون من التجار الذين يجلبونه من نواحي آيت عتاب وبني ملال والشياظمة، ونواحي خنيفرة ومكناس، لأنه، وحسب رأيه، ليست كل المناطق صالحة لجلب الحلزون. فحلزون المناطق الرملية، مثلا، غير صالح للاستهلاك لان بداخله حصى قد تضر الكلى عند تناوله.

وكأي سلعة مطلوبة في السوق، تبقى اسعار الحلزون غير مستقرة، اذ ترتفع وتنخفض حسب الفصول. ففي فصل الشتاء يصبح ثمنه رخيصا لا يتجاوز 30 درهما للكيلوجرام بينما يزيد في الفصول الأخرى.

اما طريقة طهيه فبدورها تحتاج الى دراية واتقان، وربما هذا ما يجعل ربات البيوت يعزفن عن تحضيرها. يبدأ التحضير من مرحلة التخزين، اذ توضع حبات الحلزون في اكياس تسمح بتسرب الهواء اليها، وتترك في مكان تحت الظل بعيدا عن الشمس او مياه الامطار.

يقول الصحراوي ان الحلزون خلال فصل الصيف يمتنع عن الاكل أو «يصوم» لمدة 3 او 4 اشهر، ونتيجة لذلك تغطى فتحة القوقعة بغلاف رقيق. اما عند شروعه في طهي «الغلالة»، فيضعها، كما قال، في صهاريج مملوءة بالمياه، لبضع ساعات حتى تطل من قواقعها، ثم يشرع في غسلها جيدا، حبة حبة، ولا يختار الا الحية منها، بينما الميتة لا تصلح للطهي بتاتا كما قال، وقد تفسد حبة واحدة ميتة محتوى الطنجرة كاملا.

وينصح بأن لا توضع حبات الحلزون في الدقيق او النخالة قبل طهيها كما هو شائع عند البعض، لانها «تخنقها»، ولا تفيد في شيء. عند وضع حبات الحلزون في الطنجرة، يسكب عليها الماء البارد، وتترك على النار، ولا يضاف اليها أي شيء الا قبيل مرحلة الغليان، وذلك حتى لا تنكمش داخل القوقعة.

بعد ذلك يضاف اليها الملح والفلفل الحار، والاعشاب المنسمة، وتشمل الزعتر، «حبة حلاوة»، الينسون، جوز الطيب، الكراوية، الخزامى، وقشور الرمان، وما يعرف في المغرب بـ«بسيبيسة» وقطع من الليمون. تجدر الإشارة إلى ان هذا المزيج من الاعشاب هو الذي يمنح المذاق اللذيذ الى الشراب الذي يصبح لونه بنيا. ويؤكد الصحراوي ان حساء الحلزون مفيدة للصحة، لانها خالية من الدهون، وتصلح لعلاج امراض الصدر، والسعال، والامساك، كما تخفف آلام الدورة الشهرية لدى النساء، كما تؤكد فعاليتها النساء والمجربون على العموم.

أكثر ما يشعر الصحراوي بالزهو والفخر أن زبائنه ينتمون الى جميع الطبقات الاجتماعية، فمنهم البسطاء والاثرياء وكلهم يثقون فيه لحرصه على الجودة وعدم الغش، بل يوجد من بين زبائنه اطباء. ويشير الصحراوي إلى ان المغرب يعتبر المصدر الاول للحلزون، الى اسبانيا والبرتغال بالذات، كونهما الدولتين الاوروبيتين الأكثر استهلاكا للحلزون، بدرجة تفوق ما يستهلكه المغاربة بكثير

الرباط: لطيفة العروسني - لندن: الشرق الأوسط

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى