الخميس ١ كانون الثاني (يناير) ٢٠١٥
بقلم محمد محمد علي جنيدي

حصاد الحرمان

قالوا لي ستحملينها شهورا معدودة، ولكنها مكثت في بطني سنوات عمري كله.

حاولوا طمأنتي، فقالوا: لا تخافي فإن رحلة الحمل ستمر عليكِ مرور السحاب، ولكن هذا لم يحدث فكم كانت الرحلة شاقة وقاسية، أكدوا لي أن ولادتها ستكون ولادة طبيعية، فتمزقت فيها أحشائي!، ومن عجب أنني كلما كنت أرى لها حلما يطمئنني عليها، ولكنها كأوهام السراب، فلم تأت الحياة مبتسمة وسعيدة كما ظننت، وها هي قد تبخرت فيها أحلامي لأنها مازالت تفتك بها صرخة الحياة!. ترى ماذا أسميها وهي ترتعد!، أأُسميها الخائفة!، أم الحائرة!، أم الأفضل أن أسميها كلماتي الحزينة!، أم يكون الإسم على طالع المسمى فأسميها حصاد الحرمان!، نعم هي ( حصاد الحرمان ).

أتساءل مع نفسي في أمرها - وأفكر - أأفعل بها كما فعلت أم موسى!، ولكنني أتردد!!، لأنني ببساطة لا أضمن أن يُلقيها اليم بالشاطئ، وهنا تصرخ نفسي في وجهي قائلة: أيها الأحمق.. من هذا الذي سوف يسمح لها بالإقامة إن هي مالت إلى الشاطئ، وهي لا تملك جوازا أو تأشيرة بالمرور!!، فأبتلع الفكرة تلو الفكرة مهموما حزينا، ولكنني في النهاية أجدني لا أصمت ولا أقبل معها يأسا، ولأنها وحيدتي وحلم عمري كله ها أنا أفكر في أمرها من جديد.

آه من حظك يا كلماتي الحزينة، فلكم جئتِ إلى الدنيا بائسة يا حصاد حرماني، اللهم لا تحملنا مالا طاقة لنا به، واعف عنا، يارب أرشدني صوابي، اللهم اجعل لي في أمر وليدتي بينة أسير عليها.

الآن .. الآن، أخيرا وجدتها كما قالها أرشميدس، لا تفزعي ولا تخافي يا كلماتي الحزينة، سأُلقي بكِ ولكن ليس في اليم - هذه المرة - وإنما سألقي بك وأستودعك الله في الفضاء في آفاق السماء. وربنا الذي سواكِ وخلقكِ أولى أن يفعل بك ما يشاء. أستودعك الله الذي لا تضيع ودائعه كلماتي الحزينة، عسى ربنا أن يبعث لك النور الحالم في أركان هذا الكون المعتم، وأخيرا وداعا!، وإلى ملتقى من عند الله يا حصاد حرماني.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى