الأحد ٣ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٠٦
بقلم أشرف الخريبي

حلم مرهق و قديم

( كلام )
و حروف..و اشتعال ..و ضجيج ، و زعيق .
بور تريه....
سكوت. إضاءة ها .... نبدأ
( المنظر الخلفي )
لوحة كبيرة مرسوم عليها النيل و النخيل و فيل وليل و ذل ذليل أخرج المخرج يده من جيبه و أشار على ركن المسرح ، جرى الممثلون جميعا ، نظر المخرج على اللوحة الجانبية هرع عليها الممثلون جميعا ، ضرب المخرج يدا بيد و أعلن انتهاء البروفة و الوقت و خشب المسرح و كل شيء، حملت حملي و حلمي و مضيت محترسا مروري ، عندما تركت للسير رجلي. نظرت في الأفق الممتد في استرخاء و عذوبة ، كانت عيون المخرج تتابعنى ، بدهشة على ما أعتقد . شاهدت متتبعا و مستعذبا انسحاب الشمس للنيل. في شارع الكورنيش. رأيت بعيني _للأرض رائحة غريبة و للأشياء رائحة اغرب .
....... صوت الكورال النيل أقنوم الأزل يستفزني صمتك الموحش بينما انشطر في تعاريج الأرض الهث متعبا من حملي ، ومرغما على حملي. تاركا حبات العرق تسيل تسيل . تسيل إلى حيث جسدي الساخن .. و أهدهد عقلي المشتعل بالضجيج فهل يرضيك ؟ ما أنا فيه، لعلى و أنا احترس في مروري وسط السيارات أفق ،
أو المح وجه المخرج المنحرف التعاريج فأشهده مشهدا من هاملت
 و ما الدنيا إلا مسرح كبير ، أطفئوا الأنوار..
هل رأيت ؟
لعلك تحن كما تحن الأشجار للماء و للنسيم ، ولما شبعت نظراتي من النهر مليا عدت و تمليته و تملاني و أصلحت من وضع المجلات في حضني و من وضع السيارات أمامي ،و عبرت الطريق غير خائف
صوت الكورال" و النيل يجافني و أجافيه و أملأ جفني من شعاع جفاه الجفا فاكتفى بجفاء جفاى " و الوجوه كانت تدهسني و ادهسها ، و نبقى محبوسين في لعبة الدهس بداية كنت لازلت محتفظا بهذا القدر الكبير من توازني و من الكتب و المجلات التي احفظ عناوينها ، عندما يهل كل شهر أعود لنفس المكان و اشترى و ادفع و احمل و أمضى و أقرا و أجدني قبل نهاية الشهر بقليل قد نسيت

يذكرني الرجل . فافعل نفس ما فعلت و هكذا يصعد داخلي شارع الكورنيش بنفس ذلك الجنون الذي أحس و الأبراج العالية تميل على ، و أعمدة الكهرباء تهتز ، و لافتات المرور تجتازها عيوني دونما أى شئ ، تعودت على إعلانات السينما كي تدخلني بروعة أبدية و على حبس دمى المحبوس من زمن في زمني ، تعودت الحارة و الأولاد و الكرة الشراب و صوت أذان الفجر و أبوك السقا مات و بائع الترمس الوحيد و صاحب محل الكشري المبتسم في شارع عرضه نصف متر 50 ألف متر . انحشر في مدخله و أتمنى أن أظل هكذا ..هكذا يحتك القميص بالأبنية الأسمنتية ، وتهتز الكتب والمجلات \الصور و الكلمات ، تسقط الحروف ، حرفا ، حرفا و العناوين تقع ، ترتجف الكتب فوق يدي يتساقط الاسمنت الهش ، فاصف الوقت و الناس، العربات و حركتي و شكل المخرج المحزن و الممثلين المكتئبين،اخرج صافعا الباب بيدي لأصير حرا طليقا

حين حط من السماء طائرا كنت شاهدته وهو يلقف السمكة من النيل ثم يخرج مسرعا للفضاء ، رفرف في اتجاه الشمس التي تدلت عنقودية في مربع خرافي من سحاب كثيف .كثيف . كثيف . و انزوت في ركن قصي ،
مسحت بقايا العرق المتساقط على جبهتي و أنا محترس في مروري و في حيرتي ضحكت بصوت عال ضحكت والكتب اهتزت ، تأرجحت على صدري اغلب الظن أنها قد سقطت على الأرض . تطايرت الأوراق ملأت المكان و المجلات عندما ابتسمت لي ، جرت في الشارع لم أجر ورائها .هلل رجل عجوز في وجهي و سألني ؟ ........................ وقفت امرأة نحيلة أمام راسي . و صرخت بشدة مد يده افندى ذو شارب كثيف و نظارة طبية والى قميصي و انتزع الأزرارو مضى . توقفت سيارة فارهة ، و قبل أن تلمس فخذي تماما ، نزل سائقها و فتح الباب الخلفي ثم انحنى ، كان رجلا أرستقراطيا يحدثني بكلمات مقتضية \سريعة \ قصيرة قال : يخرب بيوتكم ملئت البلد من امثالكم

أوراق المجلات تطايرت في الفضاء دخلت الأزقة و الحارات تملاء شارعنا ، و الشوارع المتفرعة منه أو عنه ثم اجتاحت الزمالك و جار دن سيتي \ العباسية \ شبرا \ مصر الجديدة و المرج و عابدين و . و . و . و لا يمكنني أن أظل واقفا هكذا .. اصرخ حتى نهاية عمري هكذا اخبرني العجوز الذي صرخ في وجهي لعن أيامي و زماني . أصلى و جدي و أبى و أسرتي جميعا .ثم ربت على كتفي و هزني بيديه مرتين أو ثلاثة

و المرأة النحيلة بكت .مدت يدها بعشرة قروش إلى فأطبقت أصابعي عليهم حين اختفت الشمس من خجلي و حزنها ، رفعت المرآة يدها الثانية فوق وجنتى و صفعتني حيث قالت أننى قليل الأدب ، لان أعصاب أصابعى امتدت لمكان غير مألوف بالنسبة لها ، شرحت لها ظروف الموقف و المكان و تحاشرنا معا ..هكذا .

أتى رجلا اخرج كارنيه ابيض و دكه أمام عيني و أعلن على ملء من الناس المتجمعين انه زوجها ، و انه تزوجها في الليلة الخمسين لمقتل السادات لم اكتشف أية علاقة بين هذا و ذاك و تلك و لكنه استمر في سرد وقائع ليلة الزفاف و ما حدث منها ، حين كان يُقبلها في وجنتيها ثم شفتيها .

ثم شدنى الرجل من كتفي و اقترب فمه من اذني أو أذنه من فمي أكثر من اللازم موشوشا اياى. بما معناه أن هؤلاء مجانين و انه العاقل الوحيد في العالم و أن فانتزيا الحزن الجميل راودته عن نفسها ذات مساء لكنه رفض ، و أن امرأة قد هيئت له نفسها . لكن المكان لم يكن يسمح إلى جانب انه هو نفسه لا يسمح لنفسه أن تفعلها أبدا . و رفض ، وهاج و شرح لي علاقة الديالكتيك بالميثولوجيا و كيف أن منى الرجل قاصرا في أحيان كثيرة للوصول لعمق الأنثى و طلب منى أن أكون أكثر شجاعة و أكثر إقداما ، كنت أتابع أوراقي التي ملأت الحارات و اخترقت حواجز الصوت و الضوء الإذاعة و التليفزيون ثم هتف بسقوط النساء جميعا ، و لعن المرآة عموما و زوجته بشكل خاص.

صوت الكورال : النيل صوت العاشقين مبتدأ

تأملت في لحظة ما وجه حبيبتي المتسع البياض ، غرقت حتى أعماقي في عسل عينيه و شربت
و ارتويت و ما ارتويت ، لكنى توهمت متمرغا فوق رموشها البابلية كطفل برىء و اعتقدت أيما اعتقاد أنها كأشرعة المراكب . حين يهزها الهواء و أنها صافية صافية \رائعة إلى حد بعيد " يا حبيبي لا تسل أين الهوا "

ظللت وقتا كبيرا أتمعن في هدوء يديها و توتري ، و وقتا اكبر العن أيامي التي هي أيامها ، العن ضوء السماء في حديقة الأندلس لأنه لا يحافظ على دهشتي حين المسها ثم الثمها ثم احضنها مع إحساس بالخوف و الارتباك و الاندهاش و القلق و الحزن فأقف كما الرياح الهائجة في عز الشتاء
كيما أحافظ على عذرية بكاءها / أنا أحب العربات و الأرصفة التسكع الليلي و رحلات ابن بطوطة صوت القطارات و وجوه الفتارين اختراعات جالليو و النيل يعانق انفجاري أو انكساري ، المطر الذي يبلل ما ارتدى لأعود فارتدى ما يرد لهفتي و حيرتي و يردني ، في كل الأماكن صمت
و حنين .براح كنت أتأكل من قمة الرأس إلى أخمص القدمين في الكلمات و الشجن . أنحبس في خلاياي ، رغم انه لم يكن لانتظاري في المكان أى مبرر حقيقي غير أن أوراق المجلات عادت و ملأت الفضاء ، كنت احترس المرور و أحاذر ، أنا المبتلى بداء الحذر ، أحاذر كيما تمر الأعوام فأرتل المسير نحو الحنين إلى زيتونة الشمس ، امسكني الرجل من يدي و أجلسني على الأرض

و قال ( و أنا يا رجل أمد بصري إلى آخر الشوف و أشوف مثل كل الناس و إلى ياقوتة الحلم و الحمل و أمد عقلي لنهاية المدى و أميد ، و إلى الغناء البدائي ارتد بدائيا . أحب النخيل و السيسبان و قاع الأرض و أعود للمساء الحزين ) هو ذات المساء الذي دعك فناء روحي الطيبة
ووجه المخرج المخزي و عيون الممثلين الحائرة ، كي أعود مزودا بالانبطاح على ظهري فوق البنايات القديمة ، أقرأ عن المدن القديمة ، و الرحلات القديمة و الأشياء القديمة كلها أحبها لأغرق في تاريخ المسير لكيما أوغل في القدم . ألف عام كل نهار و كل ليل ، أنا مازلت مرتحلا في انبهاري بالقدم ، و أشرت للرجل على النيل

" صوت الكورال ..."
عدت و أشرت على النيل . انحنيت أمامه في تواضع مخجل ، شد على يدي و قال اننى ممثل قدير عندما رأى دموعي قال أننى أصلح في المشاهد الدرامية ، هلل وجهي بالزغاريد . أطلقت عيوني شعاع انبهارها لأمنح قلبي مساحة من الأمل الغبي لأقول أننى برئ من استدراج روحي في فخاخ تشردي . دائما محاذرا من احتكاك جسدي بالحوائط الأسمنتية الهشة ، و قلت أننى حتى الآن لم استطع أن أرى المخرج ،
قال \ قم اغسل رأسك و عينيك و يديك و قدميك و شفتيك و زنديك ، و اغتسلت من وحل الاغانى الجديدة رمت القلب و دخلت في تراتيل الأمان من هلعي تركت المجلات تقفز كما تريد ، و سحبت الشمس بعنف من الأفق ثم رددتها للأفق ، سكبت على روحي المياه ، و على جسدي المياه ، ثم المياه على المياه و أطفئت البراكين في ذاتي المحنطة بالحنين ، تذكرت خيوط العناكب في حجرتي ، فانا لي حجرة أعلى البناية التي هناك ، تذكرت وجه أخواتي و مشهد من اوبريت الأميرة العائدة ، قال \ - وأنا كذلك يا رجل عائد إلى غرفتي أو إلى حجرتي ، أؤكد لك أن لي حجرة أنام فيها . تأكد الرجل من ذلك تماما و تأكدت من أن له بيت و أولاد و وظيفة يأكل منها اطمئن كل منا على الآخر تماما.

مد يده بتراخ و أعطاني سيجارة و أشعلت له سيجارته و مضينا تاركين كل شئ حولنا في هلع كان المخرج يلعن الممثلين و المخرجين و المؤلفين و المصورين و كاتبي السيناريو و المشاهدين و الكتب و المجلات و أصحاب العاهات و الشحاتين و جميع شوارع المدينة الباهتة


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى