السبت ٦ شباط (فبراير) ٢٠١٠
بقلم خالد سعيد

حين صبوا الرصاص على غزة

صدر للكاتب الفلسطيني خالد سعيد كتاب بعنوان حين صبوا الرصاص على غزة عن دار جزيرة الورد بالقاهرة، وسيطرح في معرض الكتاب في القاهرة، وهو من تقديم ومراجعة الاستاذ والقدير والكاتب الصحفي والمؤرخ الفلسطيني الكبير عبد القادر ياسين.

الكتاب يناقش الحرب من منظور شخص مقاوم ومساند للمقاومة الفلسطينية قدر حاول أان يطرح من خلاله أجزاء كبيرة من اللغة العبرية (تقريبا ثلث الكتاب).

للتواصل مع الكاتب انقر على عنوانه أدناه.

خالد سعيد

khaled18174@yahoo.com

رقم الهاتف

0102921991

27002043

منذ إنشاء الدولة الإسرائيلية، وهي تُسوّق الادعاءات المرسلة والمزاعم ضد الشعب الفلسطيني، لتدعم بها أركان دولتها، وتقوِّي شوكتها، وتؤمِّن حدودها المطاطة مع جيرانها من الدول العربية. بالإضافة إلى أنه بعد شروعها في شن العمليات العسكرية الإسرائيلية بحق الأهالي الفلسطينيين، لا تزال تختلق من رد الفعل الفلسطيني " الطبيعي " افتراءات جمة، لتدحض بها الحقائق المقره والمعتمدة لدى الشعب الفلسطيني، والتي يسردها الفلسطينيون، واضعًة محاولاتها الجادة لتسوِّغ للرأي العام العالمي، من جديد، " شرعنة وقانونية " قيامها بعمليات عسكرية غاشمة، يسقط فيها الشهداء، وتحرق الأخضر واليابس .

تمثل مجزرة غزة الأخيرة نقطة فاصلة في الصراع العربي ـ الإسرائيلي، سواء من حيث أحداثها وتفاعلاتها اليومية، أو ما استخدمته فيها اسرائيل من أسلحة دولية محظورة، أو أداء المقاومة الفلسطينية فيها، بما تعكسه من رؤية استراتيجية واضحة، وتكتيك عسكري ذكي.

فقد اعتمدت إسرائيل في ضربتها لغزة (الرصاص المصبوب) على الضعف، والهوان، والصمت العربي، ويقينها بعدم خروج العرب والمسلمين لمساندة أشقائهم الفلسطينيين، فقدمت إسرائيل أعذارًا واهية للمجتمع الدولي، كي تستهل بها حربها وعمليتها العسكرية على غزة، التي ارتكبت خلالها جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، وانتهكت القوانين والأعراف الدولية، فتباينت ردود الأفعال، وتمخضت الحرب عن نتائج وآثار مختلفة، ما دفع خالد سعيد،الباحث في الشؤون الإسرائيلية والترجمة من العبرية، إلى الكتابة عن الحرب بمنظور توثيقي وتأريخي للحرب، عبر إصدار كتاب يتناول تأريخ، وتحليل لمجريات الأحداث، وسرد لانتهاكات اسرائيل، وتقصي مدى تباين ردود الأفعال، بالعمل على خروج عمل يدعم المقاومة الفلسطينية، معنويًا، ويسجل، بأحرف من نور، ما سطّرته المقاومة، إلى العالمين العربي والإسلامي، فاعتمد الباحث على تقديم رؤية إسرائيلية، مترجمة من اللغة العبرية، والتي تدحض الافتراءات الصهيونية، وتقوي تيار المقاومة، وتشد من أزر الشعب الفلسطيني، وتؤكد حقوقه.

ونظرًا لخطورة نقل وسائل الإعلام العربية لبعض ما تردده، وتزعمه نظيرتها الصهيونية، والغربية من زيف، وافتراءات، ومساندة من الباحث لتيار المقاومة بوجه عام، والفلسطينية على وجه الخصوص، قام بكتابة هذه السطور القليلة، والبسيطة، لعلها تكون نبراسًا، لمن يأتي من بعده، ويرغب في الكتابة عن الجرائم الصهيونية، بحق الشعب الفلسطيني، في غزة( ديسمبر 2008 ـ يناير 2009 )، وقد عمد الباحث قدر الإمكان إلى تقصي الحقائق في الكتابة، حتى يكون الكتاب تأريخًا لمرحلة فاصلة في تاريخ الصراع العربي- الإسرائيلي، وذلك من خلال الاعتماد على أكثر من مصدر إعلامي عربي، وعبري، وإن كان عبر الشبكة العنكبوتية، لحداثة العملية العسكرية على قطاع غزة، وبمرور الأيام، اعتمد على ما صدر من أبحاث، ودراسات، نشرت بعد الحرب، مباشرة، معتمدًا فيه على المنهج التحليلي التاريخي، بشكل أساسي.

بشكل منهجي، وفي معالجة موضوعية لمجزرة غزة الأخيرة، صدر كتاب الباحث خالد سعيد، تحت عنوان " حين صبوا الرصاص على غزة "، عن دار نشر جزيرة الورد بالقاهرة للعام الحالي 2010، في 568 صفحة من القطع المتوسط، مكونًا من خمسة أبواب رئيسية ، تضمن العديد من الفصول، التي تشمل العشرات من المباحث والنقاط الفرعية، قبيل وأثناء وبعد الحرب، سواء دوافع ومؤشرات الحرب، أو منحنى الحرب نفسها، وأثناء رحاها، وردود الأفعال الفلسطينية الداخلية، والإسرائيلية، والعربية، والإسلامية، والدولية، وبعدهم نتائج الحرب نفسها.

الباب الأول

دوافع وأهداف اسرائيل من الحرب

ساقت الحكومة الإسرائيلية للحرب حزمة من الأهداف، منها المعلن، ومنها غير المعلن، منها المباشرة، وغير المباشرة، سبقتها جملة من الدوافع، والمؤشرات الاقتصادية، و السياسية، والعسكرية للحرب، عبر إثارة، وتأليب الرأي العام الإسرائيلي، بدعوى استمرار سقوط صواريخ المقاومة الفلسطينية على المستعمرات الصهيونية في الجنوب، وحول غلاف غزة، من جانب؛ وتجنيد المجتمع الدولي ضد حركة " حماس "، باعتبارها حركة إرهابية، وعدوًا، وخطرًا كبيرًا، يجب محاربته، كحلقة ضمن مسلسل " مكافحة الإرهاب " حول العالم، من جانب آخر، ولاكتساب شرعية دولية لاستمرار الحرب، وإسقاط المئات من الشهداء، والآلاف من الجرحى، وهو ما ناقشه الباحث في الباب الأول.

فقد تناول سعيد في هذا الباب الأهداف الحقيقية وراء العدوان الإسرائيلي الدموي على قطاع غزة، والتي ماتزال تنبلج ، الواحدة تلو الأخرى ؛ لتميط اللثام عن سلسلة جديدة من الأكاذيب الصهيونية ، وقد يكون من السذاجة المفرطة بمكان، اعتبار أن إسرائيل انجرت إلى هذه الحرب، وتورطت فيها، في غياب أهداف مسبقة لديها. حيث اعتبر الباحث أن القضاء على شأفة المقاومة الفلسطينية، وتقليم أظافر حركة حماس بقطاع غزة، أحد أهم الأهداف الإسرائيلية من تلك الحرب، خاصة وأن إسرائيل رأت أن حماس تحاول تغيير قواعد اللعبة بينها وبين إسرائيل، وبأن الحركة تعتمد على فرض قواعد جديدة للعبة ، تتمثل في تأكيد أنها حركة مقاومة مسلحة، ما دفع الجيش الإسرائيلي إلى العمل على كبح قدرات حماس القتالية، وتوقف خطوط إمداداتها التسليحية، وبالتالي تتوصل إلى تهدئة طويلة الأمد، ينتهي معها إطلاق صواريخ المقاومة الفلسطينية من قطاع غزة. ولهذا السبب تعمدت آلة الحرب الإسرائيلية أن تبرهن، وتعرض قوة ردعها، بقوة، كي توصل الرسالة، بوضوح، ودون إمكانية للتأويل.

يعتقد سعيد أن الآلة الإعلامية الإسرائيلية، بمختلف مشاربها، صّورت صواريخ المقاومة الفلسطينية وكأنها تغتال عذرية الإسرائيليين، أثناء تواجدهم على الأراضي الفلسطينية المحتلة، ومحاولة التهويل لمناظر وصور الصواريخ ، وهي تنطلق باتجاه المستوطنات الإسرائيلية، حول غلاف غزة، والإعلان المستمر عن سقوط ضحايا إسرائيليين، جراء هذه الصواريخ ، ونزول المستوطنين، إلى الملاجئ والمخابئ، خاصة مع تصوير الأطفال والنساء الإسرائيليين، وهم يبكون من هول الصواريخ الفلسطينية، رغم أنها لم تُسقط ضحايا تُذكر، أو تُسجل في تاريخهم سوى أعداد لا تتخطى عدد أصابع اليد الواحدة، لذلك يرى سعيد أن الهدف الثاني لإسرائيل يتمثل في إعادة الهدوء للجنوب الإسرائيلي، بوقف إطلاق صواريخ المقاومة الفلسطينية .

إن عملية " الرصاص المصبوب " تعلقت على مستوى محدود، فحسب ، بكلٍ من الانتخابات الإسرائيلية، وباستعادة ما يسمى بقوة ردع الجيش الإسرائيلي، ويتبين هنا أن النهج الصارم في التعاطي مع ما يسمى ب " الإرهاب " الفلسطيني، يمكن أن يؤثر، إيجابياً، على الرأي العام الإسرائيلي، حيث لعبت الانتخابات الإسرائيلية، في شهر فبراير 2009، دوراً محورياً في إقناع الائتلاف الحاكم السابق بارتكاب عدوان إسرائيلي غاشم ، لضمان حصولهم على أصوات الناخبين. وقد كانت استطلاعات الرأي، قبل العدوان على غزة، تؤكد هزيمة الائتلاف الحاكم أمام حزب الليكود، وحلفائه المتطرفين، ومنهم حزب "إسرائيل بيتنا "، بقيادة أفيجدور ليبرمان. ولذلك، كان على التحالف الحاكم إظهار أنه ليس أقل عدوانية، وشراسة من منافسيه، وجاء العدوان على غزة، ليشكل جزءًا من استراتيجية، تهدف لكسب متزايد لأي تسوية مع الطرف الفلسطيني، وهو احد الأهداف الرئيسية للحرب من وجهة نظر سعيد.

ينظر الباحث خالد إلى أن حزمة الأهداف التي طرحتها العملية العسكرية بقطاع غزة، لم تتوقف عند القضاء على حماس، أو تغيير قواعد اللعبة في جنوب فلسطين المحتل، أو وقف إطلاق صواريخ المقاومة الفلسطينية المنطلقة على المستوطنات الإسرائيلية، أو حتى حصد المزيد من المكاسب السياسية والعسكرية الداخلية في إسرائيل، قبيل إجراء الانتخابات، وإنما يُضاف إلى كل هذا، ضرب التحالف الإيراني ـ السوري مع حماس، وحزب الله اللبناني، وسد الطريق على اختراق إيران للأراضي الفلسطينية المحتلة، سواء في قطاع غزة، أو الضفة الغربية. بالتالي يُعد توجيه ضربة قوية لهذا التحالف، أحد دوافع إسرائيل للقيام بالعدوان على غزة، التي ترغب في خلق أنظمة طوق عربية غير معادية ، وتقبل بشرعيتها، وتؤمن بالتعاون، و " التطبيع " معها، وهنا كان لابد من الاصطدام مع حكومة حماس ، التي تمثل ما يمكن وصفه برأس الحربة لهذا الحلف المقاوم، أو الممانع لإسرائيل.

يضيف سعيد إلى ما سبق رصده من أهداف للحرب على غزة، سرقة الغاز الفلسطيني، وهو العامل المهم الذي أُغفل من قبل الكثير من المحللين السياسيين، والمعلقين العسكريين، ففي الوقت الذي انشغل فيه العالم بقصص الدمار الشامل، الذي طال الأخضر واليابس في قطاع غزة، أهملت، تماماً ، فكرة سرقة الغاز الطبيعي الفلسطيني، الكامن في المياه الإقليمية بالبحر المتوسط . لكن سعيد لم يكتف بذلك ، وإنما أكد أن إسرائيل حاولت رد الاعتبار للجيش الإسرائيلي، على حساب القوى الأضعف في المنطقة، والممثلة في قطاع غزة، مع محاولة فرض شروط تسوية جديدة.

يتصور سعيد انه في ظل التأثيرات الكبيرة التي ساقتها الأزمة المالية العالمية على الاقتصاد الإسرائيلي الداخلي، وتردي الأوضاع الاجتماعية، وسوء الأحوال الاقتصادية ، فإن فتح أسواق اقتصادية جديدة لإسرائيل، كانت من بين الدوافع الرئيسية للقيام بحرب شاملة على غزة، فضلا عن إعادة الجندي الإسرائيلي الأسير، جلعاد شليط.

يسوق خالد في بابه الأول دوافع الحرب الإسرائيلية على غزة بحزمة من الدلائل ، أهمها التدريبات العسكرية المستمرة قبيل الحرب، والتصريحات الإسرائيلية التي استمرت لفترات طويلة قبل الحرب، أيضًا، فضلا عن الانقسامات الفلسطينية، والانشقاقات العربية، وصعود أقصى اليمين في اسرائيل.

الباب الثاني

منحنى الحرب

يتبين من منحنى الحرب، وهو عنوان الباب الثاني لسعيد، الباحث في الشؤون الإسرائيلية، أن ثمة تصريحات إسرائيلية عنترية، في مطلع الحرب، بتحديد رزمة من الأهداف، مطلوب تحقيقها، وما لبثت أن تقلصت وتيرة هذه التصريحات، بمرور الأيام، حتى تباينت القرارات داخل أروقة الحكم في اسرائيل، انتهت بإخفاق وهزيمة للجيش الإسرائيلي أمام المقاومة الفلسطينية.

يقدم خالد في هذا الباب، وبشكل تحليلي، يوميات الحرب على غزة، ال 23 يومًا، سواء الموقف العسكري، أو السياسي لمجريات الأحداث، وتداعياتها على الصعيدين الفلسطيني والإسرائيلي، والتصريحات الخاصة والمهمة للإسرائيليين، ولقادة، وزعماء، ورؤساء الدول العربية، والإسلامية، والعالمية، ورصد بالأرقام لعدد الشهداء، والجرحى، والمصابين، وكذا محاولة تقصى ردود أفعال المقاومة الفلسطينية .

الباب الثالث

الانتهاكات الصهيونية في الحرب

لقد وقعت انتهاكات لحقوق الإنسان في قطاع غزة، جراء إعلان الحرب، والاستخدام المفرط للسلاح من قبل القوات الصهيونية، التي استخدمت الأسلحة المحرّمة، دوليًا، وقامت بتجريب أسلحة جديدة من نوعها على المدنيين، حتى أن قطاع غزة كان مختبرًا حيًا للأسلحة الأمريكية، والإسرائيلية الجديدة؛ الأمر الذي طرحه الباحث في الباب الثالث من الكتاب؛ الذي جاء تحت عنوان " الانتهاكات الصهيونية في الحرب " ، خلال ثلاثة مباحث رئيسية أهمها التأصيل الديني للحروب الإسرائيلية ، حرب غزة أنموذجًا، لأنها تعكس حقيقة إسرائيل، الدموية، والغاصبة، في اعتداءاته الوحشية على الأهالي الفلسطينيين بالقطاع، وتكشف أن الإرهاب، والعنف، والقسوة جزء من البنية العقلية، والفكرية، والاجتماعية، والنفسية لإسرائيل، وما هذه الظواهر إلا نسيجا فكريا، ودينيا، وعقليا، وثقافيا للصهيونية، وكيانها، الذي جعل من العنف عقيدة، وإرهاب، باسم الدين.

ومن هنا ، يؤكد سعيد أن فتاوى الحاخامات الإسرائيليين التي أباحت قتل الفلسطينيين المدنيين بغزة، هي التي تسيَّر دفة الحكم في اسرائيل، لأن الحاخامات المرجعية الأولى للسياسات والممارسات العسكرية لإسرائيل، بل هم من يثبّتون ثقافة الحرب في عقول المواطن الإسرائيلي، الذي أيد الحرب والموت للفلسطينيين بغزة، على نطاقٍ واسعٍ. وما خروج، وصدور، ونشر هذه الفتاوى، إلا غيض من فيض من أقاويل، وتصريحات، وفتاوى لعدد من الحاخامات الصهاينة، الذين يفرضون فتاواهم على القادة السياسيين، والعسكريين في إسرائيل، لتصبح منهاجاً يمارس ضد الشعوب الأخرى ، فكانت الحرب الأخيرة على قطاع غزة، أنموذجاً حياً على صدور هذه الفتاوى التي أفضت إلى سقوط المئات من الشهداء الفلسطينيين، وجرح وإعاقة الآلاف منهم، وتدمير آلاف البيوت، والمساجد، والمستشفيات، وتشريد عشرات الآلاف منهم في الشوارع !

أجمع خالد سعيد، في بابه الثالث، على أن الهجوم الإسرائيلي على غزة ، لا يمكن تبريره بأنه دفاع عن النفس، بل يندرج ضمن الانتهاكات الجديدة، والمستمرة لإسرائيل للقانون الدولي، في شكل جرائم حرب، تقترفها بحق المدنيين في غزة، كما أن كبار القادة السياسيين والعسكريين الإسرائيليين يتحملون المسؤولية الشخصية، عن تلك الجرائم، ويمكن محاكمتهـم عن طريق أي محكمة دولية، أو عن طريق المحكمة الجنائية الدولية. وقد توالت النداءات الشعبية، ودعوات المنظمات الحقوقية ، والإنسانية الدولية، المطالبة بإحالة مجرمي الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، إلى المحكمة الجنائية الدولية، للاقتصاص منهـم، على جرائمهـم الدموية، المقترفة بأحدث الأسلحة المحرمة دوليًا، في مجزرة استمرت فصولها 23يومًا .

ورصد الباحث في كتابه الجرائم الإسرائيلية بحق الفلسطينيين في القطاع، من جرائم ضد الإنسانية، وجرائم ضد سلامة وأمن البشرية، لجرائم حرب، فضلا عن خطوات محاكمة المسئولين والقادة الإسرائيليين ، والوقائع والأدلة التي تثبت تورطهم في هذه الجرائم المحرمة دوليا، سواء باستهداف المدنيين العزل، أو دور العبادة، أو المدارس والمستشفيات، أو المنشآت الحيوية والبنية التحتية الأساسية ، أو استهداف الصحفيين ووسائل الإعلام ، بالإضافة إلى تعريفه بالجهات المنوط بمحاكمة اسرائيل، مثل المحكمة الجنائية الدولية، أو المحاكم ذات الاختصاص المؤقت، أو المحاكم الخاصة، أو المحاكم الوطنية ذات الاختصاص العالمي. بيد أن سعيد قد ناقش بالتفصيل في المبحث الثالث ببابه الثالث، الاسلحة الدولية المحرمة دوليا، مثل الفسفور الأبيض، وقنابل الدايم ، والقنابل الارتجاجية، والقنابل الخارقة للتحصينات، والقنابل الحرارية، والقذائف المسمارية، فضلا عن أجهزة الروبوتات والرادار الحديثة.

الباب الرابع

ردات الفعل

وسط تباين ردود الأفعال العربية، والدولية، والفلسطينية، والإسرائيلية تجاه ما جرى من جرائم حرب على غزة، تراوحت المواقف، حسب المصالح ، ما بين أقصى اليمين، ممثلا في الموقف الأمريكي، إلى أقصى اليسار، في موقفي فنزويلا، وبوليفيا، إلى مواقف المراوحة، والقلق من مستقبل المنطقة بعيد الحرب، ممثلا في غالبية المواقف الرسمية العربية. وهو ما ناقشه الباحث خالد سعيد من خلال الباب الرابع لكتابه " حين صبوا الرصاص على غزة " .

رصد سعيد ردود الأفعال الفلسطينية الداخلية بشكل دقيق، الشعبية والرسمية، مواقف فتح وحماس والفصائل الفلسطينية الأخرى، وعرب 48 ، لكنه تعمق في رصد المواقف الإسرائيلية عبر ثلاثة مباحث رئيسية، قبيل الحرب، وأثنائها، وبعدها، من خلال ترجمته للعديد من المقالات والدراسات والتصريحات الإسرائيلية عن اللغة العبرية، وهو ما تكرر من ترجمة لأبواب الكتاب كافة.

تطرق الباحث سعيد إلى المواقف العربية، الشعبية والرسمية، مصر ، والسعودية، وقطر، وسوريا، والأردن، والكويت، والإمارات، وغيرها من الدول العربية، الخليجية، والشامية والمغاربية، بالإضافة إلى موقف الجامعة العربية أيضًا، بيد انه طرح المواقف الإسلامية، مثل تركيا، وإيران، الرسمية والشعبية، لما لهما من دور وتأثير على مجريات الحرب، ونتائجها، بالإضافة إلى مواقف دول إسلامية أخرى، مثل ماليزيا، وأفغانستان، واندونيسيا، وباكستان، والأقليات المسلمة في الخارج، لكنه ذكر المواقف الدولية، الأمريكية، والأوروبية، خاصة الفرنسية والبريطانية، والروسية، والأمريكية اللاتينية، نهاية بمنظمات المجتمع المدني.

بانتهاء الحرب بإدانة دولية، ينتهي الكتاب ببابه الخامس، الذي حمل عنوان " نتائج وآثار الحرب " ، على المستويات كافة، الفلسطيني الداخلي، والإسرائيلي، والعربي، والدولي، سواء استحالة القضاء على المقاومة الفلسطينية، أو فتح قنوات اتصال خارجية مع حماس، وكسب تعاطف العالم، ورصده للخسائر الاقتصادية، والاجتماعية، والبشرية للجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وان أكد أن الحرب أفرزت أو أبرزت اليمين الصهيوني في اسرائيل وكشف حقيقته المهترئة، وان كانت هي المسيطرة على سدة الحكم في اسرائيل في الوقت الراهن، بمعنى أن الحرب ساعدت اليمين في الوصول أكثر إلى دفة الحكم في تل أبيب، وان سببت الحرب ارتباكًا في العقيدة الأمنية الإسرائيلية، لكن هذا لا ينفي مقولة زيادة ارباح اسرائيل من ارتفاع مؤشرات مبيعات الاسلحة، وهو ما ثبت من تحليل سعيد بان احد دوافع الحرب هو زيادة مبيعات الاسلحة . وكما كشفت الحرب على غزة حقيقة اسرائيل الدموية، فإنها أفرزت قوى إقليمية جديدة في منطقة الشرق الأوسط، مثل إيران وتركيا، وهو ما يوضحه سعيد في الباب الأخير من كتابه .

حول صدور تقرير عن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ( تقرير جولد ستون)، الذي اتهم إسرائيل بارتكابها جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، يأتي الفصل الأخير من الباب الخامس، الذي رصد من خلاله الباحث، خالد سعيد، أهميته، ومغزاه، ومدى تأثيره على الإسرائيليين، والقلق الذي اعتراهم جراء إدانة القادة السياسيين والعسكريين الإسرائيليين لارتكابهم جرائم حرب بحق المدنيين الفلسطينيين، فيما قدم رصدا لتوصيات مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ، وردود أفعال إسرائيل، والمجتمع الدولي حيال التقرير الأممي، الذي اعتبره سعيد ، سابقة تاريخية لم يُحسن استغلالها، حتى الآن.

في النهاية، حاول الباحث خالد سعيد، أن يشير إلى أن العملية العسكرية الصهيونية على غزة، انتهت دون تحقيق أهداف تذكر، باستثناء الاتفاقية الأمنية الإسرائيلية- الأمريكية، مع الاعتراف بقوة المقاومة الفلسطينية، وصمودها، وثباتها، طيلة الـ 23 يومًا على الآلة العسكرية الصهيونية، وحدوث تغييرات استراتيجية في منطقة الشرق الأوسط.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى