الجمعة ٩ حزيران (يونيو) ٢٠٠٦
بقلم
خطأ وقصائد أخرى
أَخطأتُ بابيفي عُمرِيَ الحَزينِ مَرَّتينْفي اللَّيلِ بَعدَ غُربَتي عِشرينَ عاماًمَرَّةًوَمَرَّةًفي الأَربَعينَ حينَ كُنتُ عائداًمِن حانَةٍعِندَ المَساءْأَخطأتُ بابي مَرَّتينْلكِنَّني أَخطأتُ عُمري كُلَّ عُمريفَرَغتُ مِن أَعوامِ حُزنيمِن حِصاري في الشِّعابِكَي أَموتَ ها هُناعَلى فِراشيكَالبَعيرِكُلَّ يومٍمَرَّتينْانتظارعِندَ المَساءْعادَتْ نِساءُ القَريَةِ الثَكلى مَعَ الحَمامْوَلَمْ تَعُدْ مَريَمْكانَت تَنامُ في العَراءِ وَحدَهامَعَ النُّجومِ وَالسَّماءْوَيومَهاما جاءَها الإِله-مطر-هَل تَذكُرينَ في الشِّتاءِ ذلِكَ المَطَرْوَالأَرضُ تَشدو مِثلَ أَسرابِ الطُّيورِفَوقَ أَغصانِ الشَّجَرْ؟كانَ الشِّتاءُ يَومَها قيثارَتيوَكُنتِوَحدَكِالوَتَرْ-حُلُم-حَلُمتُ ذاتَ لَيلَةٍبِوَردَةٍمَزروعَةًعَلى كِتابٍ تَشتَهيني في الرَّبيعِتُربَةًوَماءْ-حُبٌّ قَديم-ما بَينَناشِبرٌ مِنَ التُّرابِ وَالزَّمَنْريشُ الحَمامِ في الهَواءْصَمتُ السَّماءِ كُلَّما حَلَّ المَساءْأَرضٌ حَرامٌ بَينَنا قَد واعَدتنا بِالخُلودْصَوتُ الجُنودِ ، وَالحُدودْأَحلامُنا العَطشىما بَينَناحُبٌ قَديمٌ لَمْ يَزَلْرَغمَ الحُدودِ بَينَنارَغمَ الحُدودِوَالجُنودِبَينَنا- غُبار -أَخرجُ من صَمتِ كِتابٍ في العَتمَةِ رَجُلاًيَعلوهُ غُبارُ الماضي مَنسيَّاً في العامِ الثالثِ وَالسِتّينْأُشعِلُ في عَتمِ اللَّيلِ أَصابِعَ كَفّي العَشرَةَ ناراًأَدنو مِن وَجهٍ ظَلَّ وَراءَ المِرآةِ قُروناًيَحلُمُ بِالآتي مِن خَلفِ الأَشجارِ عَلى فَرَسٍيَدخُلُ في الرؤيا مِن بابِ الشُّرفَةِ ماءًيَغسِلُها مِن صَدأ الغُرَباءِ وَمِن صَدأ الأَيّامْ- وَجهُكَ رَملٌ؟حِبرٌ أَسوَدُ جَفَّ عَلى وَرَقٍ كَرَغيفِ الخُبزِ المَنسيِّسِنيناً في النّارْ؟بابٌ خَشَبيّ؟وَجهُكَ شيءٌ أَعرِفُهُ لكنّي أَنسى حَتى اسميتاريخٌ أَنتَ يَمُرُّ عَلى الحاضِرِ ريحاً وَغُباراًأَم أَنَّ الفُسحَةَ قَدْ آنَت لِلموتى لِدَقائقَفي رَحمِ امرَأَةٍ أَضيَقَ مِن قَبرٍكَي يَبقى المَوتى فَرِحينَ بِما أُوتوا مِن مَوتْ؟-وَجهي تاريخٌ عادَ مِنَ الماضيمِن قَبرٍ أَضيَقَ مِن كَفٍّدَفَنوني حَيَّاً كَلِماتٍ وَدَماً كَذِباًفي كُتُبٍ ظَلَّت تَبكينييا هذا الوَجهُ القابعُ خَلفَ المرآةِ الثَّكلىهذا وَجهيتَعرِفُني أَم أَنَّ المرآةَ جِدارٌ مِن طينٍ لازِبْ؟-وَلَدَتني أُمّي خَلفَ المِرآةِ وَنامَتْما عادَت بَعدَ مَغيبِ الشَّمس إلى صَدريوَحدي أَرسُمُ وَجهي في كَلِّ مَساءٍ خَلفَ الأَضواءْأَمحوهُ بِكَفّي وَأَُضيفُ تَفاصيلاً أُخرى لِلوَجهِ التائهِ بينَمَلايينِ الأَصواتْأَمحوهُ وَأَبكيسَأَموتُ وَحيداً في المَنفى خَلفَ المِرآةْما هَمّي وَجهُكَ إن كانَ مِنَ الماضي أَو كانَ تُرابْ؟ما هَمّي؟أَخرُجُ مِن ماءِ البَحرِ إلى ميناءِ النَخّاسينْرَجُلاً ، وَكِتاباًتاريخاً ظَلَّ يَدُقُّ البابْاللَّيلُ وَرائحَةُ المَوتىشُعَراءُ عُكاظْدَربٌ يَحرُسُهُ الذِّئبُ مِنَ الأسباطْمَلِكٌ يَخرُجُ مِن ماءِ البَحرِ بِأَبهى زينَتهِبَيتُ بِغاءٍوَالحانَةُ يَسكُنُها جَيشُ قُرادٍيَنهَشُ ما ظَلَّ مِنَ الكَلِماتِ عَلى وَرَقِ البُردىفي صَدرِ جِدارِ الكَعبَةِيوقِفُني الحارِسُ يَسأَلُني عَن بَيتي فَأُجيبُ : كِتابْعَن لُغَتي فَأُجيبُ : الصَّمتْعَن وَجهي فَأُجيبُ : غُبارْ- مَجنونٌ آخرُ جاءَ مِنَ الماضي كَي يَمشي فَوقَ الماءْثَمِلاًيَضحَكُ يَترُكُني أَمضيأَمشي في السّوقِ لَعَلَّ هُناكَ مِنَ الباعَةِ مَن يَعرِفُنيبابٌ يُفتَحُ مِن أَجلي وَامرَأَةٌ تَضحَكُ كَالذِئبِتُعانِقُنيتَسأَلُني خُبزاً أو مالاً ، فَيُجيبُ الصَّمتْتَسأَلُني ماءً ، فَيُجيبُ الصَّمتْتَسأَلُني بَعضَ دِماءٍ مِن قَلبي، فَيُجيبُ القَلبْ:صَوتُ عُوائِكَ في صَدري يَذبَحُنيوَجهي تاريخٌ عادَ مِنَ الماضيمِن قَبرٍ أَضيَقَ مِن كَفٍّدَفَنوني حَيَّاً كَلِماتٍ وَدَماً كَذِباًفي كُتُبٍ ظَلَّتْ تَبكينييا امرَأَةٌ عَطشى لِلعَطَشِ القابِعِ في قَلبييَعرِفُني وَجهُكِ هذا ؟، يَعرِفُني؟تَبكي- سِرْ في دَربِكَ لا تَسأَلني كَلِماتٍ أَوسَعَ مِن عُمريما زِلتُ أَعيشُ لأَنسى كُلَّ الماضيصَهَروني مِثلَ رَصاصٍ في بَوتَقَةٍ مِن فولاذٍجَعَلوا مِنّي امرَأَةً أُخرىما عادَت لي ذاكِرَةٌ أَو ذِكرىسِرْ في دَربِكَ لا تَنسَ امرَأَةً مِن حَجَرٍ وَرَصاصْأَخرُجُ لِلسّوقِ وَحيداًأَتَأَمَّلُ جُدراناً كانَت تَعرِفُني في الماضيمِاءَ البَحرِ وَأُغنِيَةًأَكتُب ُاسمي فَوقَ جِدارٍ" مَن يَعرِفُني؟"أَسأَلُمَن يَعرِفُني؟ضَيَّعتُ عَناويني في البَحرْقُرصانٌ كانَ يُطارِدُني بَينَ الكَلِماتِوَيَسبيني امرَأَةً خُلِقَتْ مِن ماءِ البَحرِ وَضوءِ الشَّمسْضَيَّعتُ كِتابي وَالأَسماءْوَجهيذاكِرَتيآخِرَ قَطرَةِ ماءٍ في جَوفيأَمشي في السّوقِ لَعَلَّ جِداراً يَعرِفُنييَذكُرُني ثَمِلٌ عِندَ الحانَةِ ، يَبكيني-هذا وَجهي، تَعرِفُني؟أَصرُخُ فَرِحاً-أَعطيتُكَ في القَحطِ رَغيفيأَعطَيتُكَ في الحَربِ أَصابِعَ كَفّيساقاًطِفلاً خَبَّأتُ لِما قَد تأتي الأَيّامُ بِهِ-تَذكُرُني الآنْ؟- من يَنسى وَجهَ كِتابٍتاريخاً عادَ مِنَ الماضي؟-لَمْ يَعرِفْني أَحَدٌ في السّوقِ وَلا خَلفَ الأَسوارْ- كَتَبوا وَجهَكَ بِالفَحمِ الأَسوَدِ فَوقَ الرِّيحِ فَذَرَّتهُ الأَيّامْجَعَلوكَ قِناعاً لِلمَوتىدَفَنوكَ وَحيداً كَلِماتٍ وَدَماً كَذِباًفي قَبرٍ أَضيَقَ مِن كَفٍّدَفَنوكَ وَلكنّي أَعرِفُكَ مِنَ الأَسماءِ المَحفورَةِ فوقَ جَبينِكَبِالنّار-أَذِّنْ في النّاسِ لِيَأتوني وَيَطوفوا اليَومَ بِأَفراحي-قَتَلوا صَوتيقَتَلوا كُلَّ الأَصواتِ المَدفونَةِ في صَدرٍلَم يُتقِن أَن يَهتِفَ يَوماً لِلقاضي أَو لِلجَلاّدْ- فَاكتُبْ فَوقَ جِدارٍ أَنّي قَد عُدتُ مِنَ الماضي- قَطَعوا كَفّيقَطَعوا كُلَّ يَدٍ لَمْ تَعرِفْ يَوماً كَيفَ تُصَفِّقُ لِلقاضي أَو لِلجَلاّدْ- فَاتبَعني كَي نَبني عَرشاً- أَعطَوني ساقاً مِن خَشَبٍ لا تَمشي إلاّ لِلحانَةِ أَو خَلفَ القاضي وَالجَلاّد- صَلِّ إذَن مِن أَجلي، سَأَعودْ- كَتَبوا فَوقَ جَبيني كافِرْأَعطَوني وَجهاً لا يَسجُدُ إلاّ لِلقاضي وَالجلاّدْسِرْ في دَربِكَ وَاذكُرنيفَأَنا طَيفٌ كَذِبٌ، كَذِِبٌأَمضي في السّوقِ إلى قَدَريبابٌ يُفتَحُ مِن أَجلي وَامرَأَةٌ أُخرىصَوتيوَالرّيحُوَأُغنِيَةٌوَكِتابْ- امرأة من ماء-تَمُرّين طَيفاً تَسَلَّلَ في عَتمَةِ اللَّيلِبَينَ الشُّموعِ الَّتي أَشعَلَتها يَدايَعَلى بابِ مِحرابِ حُبّيأُحِبُّكِ قُلتُكَأَنّي نَفَضتُ غُبارَ السِّنينِ عَنِ الشُّرُفاتِالزُّهورِالنَّوافِذِعَنّيأُلَملِمُ خَوفيأَمُدُّ يَديَّ أُلامِسُ دِفءَ الشِّفاهِوَمِلحَ الجَبينِوَنارَ العُيونِ الَّتي أَشعَلَت ما تَبَقّى مِنَ الرَّملِفي قاعِ قَلبيأُلامِسُ وَجهَ الهَواءِأَعيشُكِ أَنتِتَمُرّينَ عَبريأُحِسُّكِ عُشباً تَدَلّى مِنَ الغَيمِ فَوقَ جَبينيوَماءً يَدُقُّ التُّرابَكَأَنَّ الرِّمالَ سَريري وَأَنتِ المَطَرْكَأَنَّ المَخاضَ يَحينُوَتولَدُ مِنّا رِياحٌ لَقوحٌ تُعانِقُ رَحمَ الشَّجَرْوَليلُ المُغَنّي الَّذي باتَ يَشرَبُ خَمرَ الأَغانيوَنامَ وَحيداًوَما مِن خَليَّةِ عِشقٍ بِجِسمِهِ إلاّ وَفيها ظِلالٌ لِقَيدٍوَطَعنَةُ حَرفٍوَصَوتُ وَتَرْأَعيشُكِ دَهراًيَداكِ تَهُزّانِ في اللَّيلِ شُبّاكَ بَيتيوَعيناكِ أَرضٌ تَموجُ بِسِحرِ الرَّبيعِشِفاهُكِ غَيمٌوَظِلُّكِ نَهرٌ يُزَنِّرُ خَصريأُحِبُّكِ قُلتُكَأَنّي نَسَيتُ الكَلامَ وَنَفسيتَجيئينَ في النّارِوَالرّيحِوَالماءِوَالرَّملِفي كُلِّ شَيءٍتَجيئينَ قَبلَ الزَّمانِوَقَبلَ اكتِمالِ المَكانِكَأَنَّكِ أَنتِ المَكانُ الَّذي كانَ كَوناًقُبَيلَ الزَّمانِ الَّذي رَفَّ مِثلَ الحَمامِ وَغادَرَ صَدريتَجيئينَ بَعدَ اكتِمالِ القَمَرْرَبيعُ العَذارى الّلواتي غَدَونَ سِنيناً عَلى النَّبعِ وَلّىوًَما عادَ إلاّ خُيوطاً مِنَ الماءِ سَوداءَتَنبُعُ مِن باحَةِ الدّارِ عِندَ انهِمارِ المَطَرْضَلَلتُ دُهوراًأُلاحِقُ رائِحَةَ التَّبغِ والبُنِّبَينَ الثِّيابِ الَّتي مَزَّقَتها مَخالِبُ ذِئبٍلِتُغري الحُفاةَ العُراةَفَما أَزهَرَ النَّهدُ في الصَّيفِ إلاّ سُيولَ العَرَقْوَرائِحَةُ النِّفطِ تَعلووَتَعلووَيَعلو هُبَلْوَحينَ أَفَقتُ عَلى وَجهِ شَيلوكَ يَسرِقُ لَحمَ الإلهِوَيَحرُثُ لَحميوَيَعصُرُ في لَيلَةِ السَّبتِ قَلبيانتَفَضتُاحتَرَقتُ بِشَمسِكِحَطَّمتُ أَصنامَ بَيتي العَتيقِوَعُدتُ أَنوءُ بِحِمليوَمِلحٍ يَسُدُّ الجُروحَ الَّتي خَلَّفَتها الجَوارِحُ في كَتِفيَّأُحِبُّكِ قُلتُ كَأَنّي نَفَضتُ الغُبارَ عَنِ الطُّرُقاتِ وَعَنّيوَعُدتُ لأُِصغِيَ وَحدي إلى صَمتِ هذا الشِّتاءِوَما خَلَّفَتهُ يَداكِ عَلى شُرفَةٍ أُترِعَت بِالهَواءِوَرائِحَةِ الياسَمينِهُناتَحتَ هذا الجِدارِ احتَرَقنارَحَلناوَعُدنا نُقَبِّلُ رائِحَةَ اللَّيلِ فينانُحَلِّقُ فَوقَ الغِيابِنَنامُوَنَصحووَنَصْهَلُ مِلءَ السَّماءِامتَلأنا بِعِشقِ الزَّمانِكَأَنَّ الدَّقيقَةَ صارَت فَضاءًكَأَنَّ الدَّقيقَةَ عُمرٌ يَمُرُّ بِلَمحِ البَصَرْأُحِبُّكِ قُلتُوَحَلَّقتُ بَينَ النُّجومِ البَعيدَةِ أَبحَثُ عَنكِعَنِ امرَأَةٍ مِن تُرابٍ وَماءٍتُضيءُ فَتَغمُرُ في الصَّيفِ وَجهَ السَّنابِلِ سِحراًأُحَلِّقُأَعلوأُحَلِّقُأَعلو وَأَعلوأَما آنَ لِلقَلبِ أَن يَستَقِرْ؟أَما آنَ لِلطَّيرِ أَن يَستَريحَ مِنَ المَوتِ شَوقاً وَحُزناًوَمِن عِبءِ هذا السَّفَرْ؟أَما آنَ لي أَن أُلَملِمَ جُرحي وَأَبني لَنا بَيتَ عِشقٍعَلى الأَرضِ فَوقَ الشَّجَرْ؟تَعِبتُ مِنَ الحُزنِ مِن ذِكرَياتيمِنَ النَّومِ بَينَ دَفاتِرِ تُجّارِ عِشقِ النِّساءِمِنَ الصَّومِأَمشي مَعَ الوَقتِ صِفراًفَيَقتُلُني الوََقتُ يَسرِقُ ريشيسَأَمضي مَعَ الغَيمِ فَوقَ البِلادِ الَّتي دَفَّأَتها يَداكِقُبيلَ اندِلاعِ الجَليدِأُلَملِمُ كُلَّ الدُّموعِ الَّتي ذَرَفَتها عُيونُ السَّباياوَكُلَّ انتِظارٍوَكُلَّ احتِراقٍوَكُلَّ ابتِهالٍوَكُلَّ الوَصاياوَأُمطِرُ عِشقاً عَلى شَفَتيكِأَذوبُ هُناكَ وَأُبعَثُ بَينَ الشِّفاهِ نَبيّاً جَديداًيُبَشِّرُ بِالحُبِّ بَينَ البَشَرْ