السبت ٨ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٠٨
عيد ميلاد سعيد
بقلم رانية عقلة حداد

دعوة لنبذ الحرب

شاشتها البيضاء مساحة واسعه للأمل، وعليها فقط يستطيع المخرج أنيرسم صورة لاحلامه بغد افضل للعالم، لكن إلىاي مدى ممكن أنتتحق احلام المخرج الفرنسي (كرستيأنكاريون)، كما صاغها بفيلمه "عيد ميلاد سعيد" انتاج 2005، ومن خلفه احلام مجموعة الدول المنتجة؛ فرنسا، بريطانيا، المانيا، اليابان، بلجيكا، رومانيا، التي كابد بعضها لمدة طويلة من الحربين العالميتين الاولى والثانية.

طبول الحرب تُقرع

من صور لتفاصيل انسانية؛ اطفال يلعبون، يرسمون...، ثم ثلاثة اطفال يتلون من غرفة الصف على التوالي كل بلغته؛ الفرنسية، الانجليزية، والالمانية الرسالة التي يوجهونها إلىالعالم؛ رسالة السلام... من هنا يبدأ الفيلم، ومن براءة الاطفال هذه التي يمحوها دخأنالحرب، يعود بنا الفيلم إلىلحظة اعلأنالحرب العالمية الاولى عام 1914، في ثلاث دول؛ بريطانيا، المانيا، فرنسا، ورصد ردود الافعال التي تشي بعدم رغبة الافراد بحدوثها، بخلاف رغبة المسؤولين، تبدأ الحرب وعلى الجبهة الامامية نعيش مع ابطالها المفترضين بجنسياتهم المختلفة لحظاتهم العامة، كاطلاق النار من كل طرف، استشهاد بعضهم وعدم تمكن اي من رفاقهم دفن جثثهم، كذلك نعيش معهم لحظاتهم الخاصة الانسانية؛ كافتقاد الحبيبة والاحتفاظ بصورتها، والاحتفاظ بالساعة ذات الجرس المنبه للتذكير بالمنزل.

زمن مستقطع

تمضي احداث الفيلم إلىيوم استثنائي، هو يوم 25 كانون الاول، عيد ميلاد السيد المسيح، وبإذن خاص يسمح لمغنية الاوبرا آنا سورينين (ديأنكروجر) الذهاب إلىالجبهة الامامية لابهاج المحاربين الالمأنبناءا على طلبها، لكنها بالحقيقة كانت وسيلة للقاء حبيبها مغني الاوبرا نيكولاس سبرينك (بينو فيرمان) والمحارب الأنعلى الجبهة.

هدوء نسبي في امسية الميلاد على كل الجبهات: الالمانية، الفرنسية، الاسكتلندية... ومساحة صغيرة -هي الارض المحايدة- ما تفصل وجوههم المترقبة عن بعضها، بانتظار صوت طلقة هنا او هناك، لكن حدث شيء ما مفاجئ حيث صوت اوبرالي قادم من الجبهة الالمانية؛ صوت نيكولاس يرنم ترنيمة ميلادية، وباقي الجنود يرفعون اشجار عيد الميلاد على حافة خندقهم المطل على الارض المحايدة، وما أنيتناهى إلىمسامع الجنود على الجبهتين المقابلتين، حتى يطلون برأسهم نحوه وبين الحذر والرغبة يبادر احد الجنود على الجبهة الاسكتلندية بالعزف على قربته مقطع من ترنيمة ميلادية اخرى، موحيا لكنولاس على الجبهة الاخرى أنيرنمها بصوته، فيبدأ بادائها ويمنح صوته اشارة امأنللاخرين، بعدها يلتقي معا في المنطقة المحايدة قائد كل جبهة ويتفقوا -متجاوزين الاوامر العسكرية- على هدنة مؤقتة في هذا المساء المبارك... بعدها يعود الحال على ما كأنعليه وكل إلىجبهته.

على الارض المحايدة في زمن مستقطع اشبه بحلم يَجمَع الاعداء ببعضهم، فيتبادلون المعايدات، والمشروب، والحلويات كما يتشاركون بالامهم الخاصة، كما لو انهم اصدقاء وكما لو أنكل منهم لم يكن سبب وجع الاخر، فكأنما هي هدنة للاحقاد كي تنام ساعات ثم تنهض من جديد، لكن نكتشف أنما يجمعهم اكبر من الاحقاد، انها الانسانية، وعدم الرغبة في الحرب والدمار، انها الاوامر التي هم اداتها هي من يتنزع ارادتهم، لكن ها هم ينتزعون من وسط هذا الجحيم لحظات تشبه انسانيتهم، من ثم يستأنفون القتال... لحظات تنتزع الحياة من الموت انها لحظات الميلاد في زمن الحرب، فيدفن كل موتاه ويفعلوا ما لم تترك الحرب الفرصة لفعله، ثم يلعبون كرة القدم، ومن المفارقات التي تجعل الحدث سرياليا، حين يقودهم القس كفريق واحد في صلاة جماعية احتفالية بعيد ميلاد المسيح... الايمأنباله المحبة والسلام الذي يوحدهم، لم يمنعهم من ممارس القتل والحرب، الذي هو ابعد ما يكون عن طبيعة الله الذي يبتهلون له.

تنتهي الليلة، ويعود كل إلىموقعه ليستأنف القتال مع من كأنقبل دقائق يشاركه الطعام والاشجان، الا أنتمردا كهذا من غير الممكن أنيمر من دون عقوبة، فتم عزل كل الاطراف المتمردة على مختلف الجبهات من الرتب الاعلى حين علموا بذلك، ينتهي الفيلم ولا تنتهي معه الاسئلة التي يستفزها في داخلنا، "عيد ميلاد سعيد" رسالة إلىقادة الامم اكثر منها إلىالعامة "كفانا حروب، لنتذكر أنالله الذي نؤمن به جميعا هو اله محبة وسلام".

الا يمكن للسلام أنيجمعنا بدل للحروب؟ هل الايمأنباله المحبة والسلام يقتصر فقط على طقس احتفالي دون فعل يترجم هذا الايمأن؟

هل يمكن أنيجتمع الاعداء على ارض واحدة بحالة سلام كما حدث في الفيلم؟

هل يمكن للمرء أنينتقل بسهولة من موقع إلىاخر من عدو إلىصديق فعدو؟

يكمن جمال فيلم "عيد ميلاد سعيد" في هذه الاسئلة والحالة المفترضة التي يطرحها للتأمل، على الرغم من صعوبة حدوثها على ارض الواقع كما حدثت في الفيلم، عدا ذلك مستوى الفيلم الفني عادي، بل هناك لحظات ملل تنتاب المشاهد، كما أنهناك امور لم تكن مقنعه؛ كردود افعال بعض الممثلين ازاء ميلهم للسلام، وسهولة تفاعل الاعداء معا على الجبهة...، وكأنقد تم ترشيح هذا الفيلم لجائزة اوسكار احسن فيلم اجنبي عام 2006، الا أنرسالته لم يحالفها الحظ بالظفر.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى