الأحد ١٥ نيسان (أبريل) ٢٠٠٧
بقلم نوري الوائلي

رحلة ُمع الموت

مرحى لمنْ باع َ الحياة َ ويقصد
موتا ً يلاقيه بقلب ٍ يَحمد ُ
 
في كل ّ يوم ٍ قالَ أنـّي قادم
في أي وقت ٍ قد أصيدُ وأكمد ُ
 
قد زرت ُ كلّ الناس ِ أعلن ُ أنني
موت ٌ بسيفي حلمكم يتبدد ُ
 
قد جئتُ بالويلات ِ بعد مصائب ٍ
فأنا المصيبة ُ لا تزول ُ وتـُبعدُ
 
الله ُ يعلم ُ كم يؤلـّم ُ مبضعي
نفسا ً تنازعني البقاءَ فتقعد ُ
 
أرضيت َ بالدنيا وأنت ذليلـُها
تحبو اليها فوق َجمْر يصلد ُ
 
أنسيتني وأنا بجسمك َ أرتوي
فجعلت ُ وجهكَ والخدودَ تـُجعّد ُ
 
أحسبت َ أن المالَ حُصنٌ أمنٌ
يحميك َ من موت ٍ بنفسك يرقدُ
 
أو أن مُلكا ً قد ملكت بخالد ٍ
أو حشد َ أزلام ٍ لعرشك ِ تسجد ُ
 
تحميكَ من قهري وبطش مرارتي
هذه الركائزُ لا تفيدُ وتنجد ُ
 
أشتاق ُوصْلك َ كلَّ يوم ٍينجلي
شوقي يزيد ُ ولهفتي تتجدد
 
منذ ُ الآجنة ِفي البطون ِ تـُنعّموا
وأنا لها كالليث ِ لا يتردد ُ
 
لاتحسبن َّ الموت عنك بغافل ٍ
فأنا وروحك َ توأم ٌ يتوحد ُ
 
سهمي لصدرك َ يا ضعيف ُ مصوبٌ
والبيض ُ وجهي لا تلين ُ وتغمد ُ
 
أين الفرارُ وقد أتيتك ُ واثبا ً
قلْ لي وحقك ِ كيف جسمُك يَصمد ُ
 
خـُلقتْ بنفسك ِ للحياة ِمودة ً
وعظيم َ عُشق ٍ لا يشيخ ُ ويبرد ُ
 
تلهو وتلعبُ ثم تضحكُ مبطرا
والعمرُ يمضي والشباب ُ مهد َّد ُ
 
أحذرْ فأني قد أتيك َ مُبكرا
وقت َ الطفولة أو شبابكَ أحْصد ُ
 
أنظرْ الى المرآة ِ نظرة َ شاخص
فترى بوجهك هيكلي يتشيد ُ
 
لا تـُعز ِ هونَ الجسم أو شيخوخة ً
لنوائب ِ الدنيا وغل ِّ يكبد ُ
 
بل كلَّ هون ٍ من تشعُب ِ أذرعي
ورصيد ُ سهمي في حسابك يصْعد ُ
 
عجبا ً لحالك حين تنبت ُ أسهُمي
ويعيشُ بعضُك َ كالعليل ِ يكابد ُ
 
تسعى لجمع ِالمال ِ تركضُ لاهثا ً
لمناصب ٍ أو شهوة ٍ تتزوَّد ُ
 
وأخوكَ قد ضم َّ الترابُ لسانه
فغدتْ عليه قوراض ٌ تتولـّد ُ
 
الله ُ بالآنسان ِ يخلق ُ قوتي
وتزيدني الأيام ُ سطوا ً يُجهد ُ
 
أنمو بجسمك كالجنين ِ تكاثرا ً
وأصيرُ مفسدة ً بخلقك تـُفسد ُ
 
سأضم ُّ في حضني بقايا جسمكم
كالنار ِ تأكلُ يابسا ًيتوقد ُ
 
سأريك يا طمّاع ُ مُرَ خسارة ٍ
مالا ً وأبناء ً وجاها ً يُحسد ُ
 
تأتي معي فردا ً وحيدا ً شاخصا ً
لامال َ ينفع ُ لا خليل َ يعضد ُ
 
سأريك خِلانا ً تـُواريك الثرى
وتدوس ُ فوقكَ بالتراب ِ وتنشد ُ
 
أحسبتَ أنـّك صامد ٌ ضدَ القنا
وحلمْتَ أنـّك في عظام ٍ تـُخلـــد ُ
 
العجزُ والأمراضُ بعضُ مخالبي
وكوارثُ الدنيا لسيفي تسند ُ
 
العمرُ يمضي والتعاسة ُجلـّه
الكل ُّ يشكي همّه أو ينقد ُ
 
قطعا ً حضرت َ يوم دفن ِ أحبة ٍ
ورأيتَ مثواه وأنت َ توسِّد ُ
 
وسكبتَ دمع َ العين ِ حُزنَ فراقه
فكأنّك الباقي وغيرُك يُفقد ُُ
 
لم يمض ِ وقت ٌ حين تنسى ذكره
ورجعت دنياكَ السعادة تنشد ُ
 
*******
 
اللهُ قد قهرَ العبادَ بسطوتي
فأنا الفناء اليك لا أتردد ُ
 
أفرحتَ بالدنيا وأنكَ راحل ٌ
عنها وتترك ُ ما ملكت َ يُبدد ُ
 
أنظرْ لوجه ٍ قام صُبحا مشرقا ً
يحوي الجمال َ ونظرة ً تتعيـّد ُ
 
فأذا به عند المساء بحفرة ٍ
مُلىء بديدان ٍ جياع ٍ تنضد ُ
 
أشدو لأمرالله يمنحني الردى
فاهب ُّ صقرا ً للورى يتصيد ُ
 
سأسوقُ روحك من نهاية ِ أرجل ٍ
فتلف ُّ سيقانا ً وجسمك ُ يبرد ُ
 
وأقومُ أنزع ُ بالسيوف ِ ومضربي
الروح َ من بين الضلوع ِ فتجمد ُ
 
أرثي لحالك حين روحك ترتقي
حلقوم َ جسمك والأقارب ُ تشهد ُ
 
تأتي معي للقبر ِ دون مساند ٍ
فترى بقبرك ِ ما يضيق ُ ويكمد ُ
 
قفْ لحظة ً وأرجع ْ لنفسك مرة ً
متأمِّلا يوما ًبقبرك ترقد ُ
 
قبرٌ حوى دودا ً وقـُبح َصراصر ٍ
ودويَّ آفات ٍ ووحشا ً ينهد ُ
 
ويؤولُ نومك َ من قصور ٍ مرتعا ً
لتراب ِ لحد ٍ فيه جسمك يُقدد ُ
 
من ضيقه ِ التربان فوك معفر ُ
فالقبرُ وسع َ الجسم لا يتمدد ُ
 
وتعيش ُ في دنيا تـُضئ ُ بشمسها
والليل ُ نورٌ كالنهار ِ يُشاهد ُ
 
فأذا بعالمك ِ الظلام ُ شعاعه
لا عين َ تروي لا شموس َ ترفد
 
هذه المقابرُ لا حدود َ لسورها
أذهبْ أليها حيثُ دارُك يُوجد ُ
 
لو كنتَ تسمعُ صوتهم لسمعتهم
قالوا بأن الموتَ بُعد ٌ سرمد ُ
 
لا تتركَ الدنيا تغرُّك لاهيا
واقبلْ لربك ساجدا ً تتعبد ُ
 
وأصبرْ اذا يوما ً أتتك مصيبة ٌ
فالصبر من شيم ِ الكرام ِ يُمجَّد ُ
 
أن كنت حقا ً واعيا لمقولتي
فاشددْ لموتك أحزما ً لا تزهد ُ
 
الموتُ نار ٌ والنفوس ُ وقودها
والقبرُ ثعبان ٌ لصدرك َ يشدد ُ
***********************
 
فأقول للموت ِ كفاكَ توعدا ً
وعظيم ٌ بطش ٍ من سيوفك ِ يرفد ُ
 
أين َ الأحبة والبنون وزوجتي
أين الصديق وأين جار يسعدُ
 
لم يبقَ منهم حول قبري سائلٌ
وبقيت ُ وحدي للزرواحف ِ تورد ُ
 
رحماك َربّي حين تأتي ساعتي
سكرات ُ موتي ذوقها يتلبّد ُ
 
من لي سوى ربي وحلــّم ذاته
سندا ً لحالي يوم َ روحي تصعد ُ
 
الخوفُ من ربي لكوني َ مذنبا
فأنا لفعل ِ نواقص ٍ أتعمد ُ
 
رفقا ً ملائكة ُ الممات ِ ببنيتي
فالنفس ُروح ٌ في جسوم ٍ تولد ُ
 
ثق يا مليك الموت ِ أني خائف ٌ
فالموت ُ حق ُ لا يُوّد ُ ويُحمد ُ
 
الخوف ُيأتيني لذكركَ هيبة ً
والدمعُ من عيني يسيلُ فترمد ُ
 
أن كان لي عقل ٌ فأنّك هاجسي
ورفيق ُعُمري في نيابك أرقد
ُ
تعسا ً لنفسي أن نسيتك لحظة ً
فأنا لقهرك ِ ميت ٌ يتمرد ُ
 
مزقتَ قلبي حين تذكرُ أنـّني
غفلان عنك في الجهالة يُسعد ُ
 
سأشد َّ خِصرا للمات ِوهمتي
للخير تشدو لا تكـل ُّوتركد ُ
 
قبري سأبنيه وأزهرُ أرضه
وأضئ ُضلمته ووحشا ً أطرد ُ
 
بصلاح أعمالي ودفع ُ خطيئتيٍ
وعبادة خلـُصت ْ لرب ٍ يُعبد ُ
 
قبري وآخرتي حصيلة رحلتي
وثمار زرعي من حياة ٍ تـُخمد ُ
 
فالموت ُ لا يعني الفناء َ وأنـّما
يعني حصاد الزرع ِ حيث ُ تـُخلـّد ُ
 
********
 
يا نفسُ قد صدق َالمماتُ بقوله
فالموت ُ حق ٌ لا يَمُل َّ ويُحسد ُ
 
همي أذا جاء الممات ُ وحاصلي
لم يُرض ِ ربي رغم أنـّي أحمد ُ
 
لو أن ربّي كان عنـّي راضيا
ما خفت ُ من موت ٍ به أتجرد ُ
 
ولسوفَ أسعى للمملت ِملاقيا ً
ويطيب ُ قلبي من ممات ٍ ٍيُسعد ُ
 
ولأترُك َ الدنيا لغفلان ٍ جنى
فيها سرابا ً لا يفيد ويسند ُ
 
ويعيشُ دنياه مرارة خاسر ٍ
يبني بظلم ِ النفس وهو يلنـْدد ُ
 
أهلا بموت ٍ جاء َ يختم ُ رحلتي
بلقاء ِ ربي واللسان ُ يُمجّد ُ
 
من بعد موت ِ الخلق ِ يقهرُ خالقي
ملك َ الممات ِ بالممات ِ فيـُلحَد ُ
 
يا ربُ في نفسي فحببْ ساعة ً
فيها أموت ُ وتحت قبري أ ُنـْجد ُ
 
سيموتُ كل ّ الخلق لا صخرا ً ولا
حيّا ً يدوم ُ ولا حياة َ تُأبّــد ُ

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى