الجمعة ١٨ أيار (مايو) ٢٠١٢
بقلم ياقو بلو

رسائل حب لم تقرأها أُمي

(الرسالة الاولى لمناسبة يومها)

-1-
من أي الاصواب آتيك ببدأ الكلام،
وأي القصص اروي لك
يا فداء العمر الوليد في عمري يا أمي؟
حنانيك لا يفيض فيك عتاب الحنين.
لنستذكر الصمت اولا،في مشهد
الوداع الذي فاتنا بالامس يا أُمي.
هل أحدثك عن جحيم هناك البعيد؟
كانت عيناي معصومتان
عن وجوه الداخلين والخارجين،
والريح تلفح وجهي في اكف الضاربين.
هجست ان الارض تطير...
وصدى صوت الخفير يميد داخلي:
خذوه الى الشعبة الرابعة...
ليتولى أمر ابن العاهرة هذا
عريف عبد الزهرة
قبل ان يتوضأ ويصلي الفجر وينام.
 
-2-
أظنني،او هكذا خيل لي يا امي...
اني كنت نزيل زنانة رقم 16 الاخير.
أظنني فتحت عيوني خلسة،ثم اغلقتها.
ارجوك لا تعاتبيني يا امي
كان كل الذي أراه ولا اراه سواء
أرجوحة...
حشرجات مغرورة،وهسهسة طنين انين،
ونور تذوب وهجة ذبالته...
في عيون ندبة حمقاء على الجدار.
كان حيث أمد جزءً مني فضاء،
وأبواب موصدة باللعنات.
إن أوان الزمان في ذاك الجحر يا امي
لا يفقه سرها حتى السجان.
 
-3-
هنا،عرفت ان ضيوف هذه الديار
أموات بمشيئة من لا يدري...
من الانس والجان متى يشاء،
ومتى لا يشاء،وماذا يشاء.
كم كان مر من الايام لا أدري.
هنا يستوي...
دبيب انطباق الارض على السماء،
كما انطباق انفاس العشاق
في زحمة خيالات التمنيات...
على شفاه ورود ستائر حبيباتهم البيضاء.
 
-4-
البارحة،عرفت اني استيقظت يا امي.
اعذريني ارجوك إني لم ابرق لك،
ونسيت أن في الوجع أن احدثك...
عن وداعة كلاب أواخر ليل السكارى،
وصمت انين العشاق الفقراء،
والمغربين في حنين اوطانهم يا أمي.
يا وجع نور دمع قلبك يا امي...
تهت تلك الليلة
بين اطلال الرطوبة
على هاتيك الندوب في سمرة الجدران،
وسريت بأنظاري رحلة الجنادب الى السماء.
لم يعد سوى الفراغ هناك ....
وضراعات عبد الرحمن...
ذاك الشيء الضئيل تملأ حولي المكان.
 
-5-
أُقسم لك ببياض شعرك...
وبظلال الاوجاع في عينيك،
وبهامة الخلق...
والحياة على جبينك يا امي:
كانوا قوما قساة جفاة
لكنهم،علموني هناك يا أمي...
ان ضائقة عشق الوطن
لا تكسرها ادعية صغيرات العجائز،
ولا دموع الامهات والحبيبات...
المطحونة بسنابك خيل فرسان الحكايات.
 
-6-
ذات أوان فجر يوم ما.
على غير عادة كل الايام.
نادوا على كل الاسماء.
فتحوا كل الابواب.
كدسنا عربف عبد الزهرة فوق بعضنا.
قال مخاطبا أينعنا عمرا:
ما أسمك ايها الشيوعي النجس؟
:- عمر عبد الزراق حسين.
ثم أشار بسباته المبتورة
الى شبه أشلاه بشر...
تختبأ أنفاسه خلف فوضى قروح وجهه.
وأنت ايها الصفوي المجوسي ما اسمك؟
:- عبد الحسين ضمد ياسين.
ثم جمح الغيض بعبد الزهرة وقال:
وانت ايها الصهيوني الصليبي...
أأسمك جورج بوش أيها العميل؟
:- أسمي بطرس يوسف بطرس داود.
وحين أُغلقت ثانية علينا الابواب.
أمر كبير عيون القائد على الرعية...
أن يردد صرير أبواب الزنزانات
"أُمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة
وحدة حرية اشتراكية
الله أكبر،الله اكبر،الله اكبر
وليخسأ الخاسؤون"
مزينة بفِصحِ ألوان دماء...
عمر
وعبد الحسين
وبطرس.
وتُمسحَ اسماؤهم قبل بدأ الصباح
في صفحات سجل الموجودات.

*أحداث هذه الحكاية والاف كثيرة مثلها وقعت في سجون ومعتقلات النظام الصدامي المجرم.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى